القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السابع والخمسون 57 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السابع والخمسون 57 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السابع والخمسون 57 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السابع والخمسون 57 بقلم ياسمين عادل

"الفرص لا تتكرر كثيرًا، وأحياناً تكون واحدة بالعمر.. فـ اقتنص ولا تتخلّى."
__________________________________________
مشت "نغم" من خلفهِ مُتأدة حتى أوصلتهُ لباب الشُقة، وتوقفت حينما التفت هو لها يرمقها بنظراتٍ تتطلع لأن ترضخ لـ مطلبهِ وأردف بـ :
- هعتبر إن تفكيرك في الموضوع هيكون لصالحي

فـ أجفلت جفونها بعجزٍ عن مواجهة نظراتهِ التي تُضعف من إصرارها على هجران المكان الذي يجمعها به، وقالت مُختختة :
- إن شاء الله، تاني مرة حمدالله على السلامة
- الله يسلمك

وخرج من باب الشُقة تتبعهُ نظراتها حتى خرج من البناية كلها.. فـ دخلت وراحت تنظر من خلف ستار النافذة لئلا يراها، ظنت إنه سيرفع بصرهِ لينظر إليها قبيل أن ينصرف، ولكنه استقر بسيارتهِ فورًا وتحرك بها بدون أن ينتبه لأي شئ من حوله.. فـ عادت تدخل وجلست على أقرب مقعد وهي تفكر في عرضهِ، هو لم يعرض عليها الحب.. ولم يُمنيها بفرصة لكلاهما، هو احتاج تواجدها لجوارهِ ودعمها الدائم كما فعلت بالفترة الماضية.. ولكن هذا يؤرقها هي على الأكثر، خشيت ألا تستطيع التحكم في لجام قلبها الذي فقدتهُ صريعًا في حُب رجلٍ سُجن خلف أسوار ذكرياتهِ، احتارت فيما ستفعل.. حتى إنها فشلت ولأول مرة في الإقدام على قرارٍ يخص حياتها، وبقيت محصورة بين حماية قلبها من عواصف الحُب الجارحة؛ وبين السماح لنفسها بفرصة علها بالفعل تُشفي مرضهِ العليل.
.........................................................................
بعد غياب طويل عن خيولهِ العزيزة قرر الإهتمام بها اليوم بنفسهِ وليس بمفرده، رافقتهُ صغيرتهِ التي لم يراها فتاة كبيرة عاقلة أبدًا.. ستظل في نظرهِ تلك الصغيرة التي يعتني بها وبكل ما يخص شأنها.
كانت "ملك" تنظر إليه بنظراتٍ مُتيمة وهو ينظف ظهر "ريحان" بالفرشاة الخاصة بها بينما هي تداعب الخيل الأسود الوحيد في الحظيرة .. رفع بصره نحوها وأشار برأسه نحو الخيل وهو يردد :
- شكلك حبيتي فرحان

فـ اتسعت ابتسامتها وقد راق لها أسمه :
- آها، حلو أوي أسم فرحان

ثم نظرت نحو "ريحان" التي تتميز ببياضٍ ناصع وشعر رأسها مزج بين الرمادي الفاتح والأبيض و :
- بس ريحان أحلى

أصدرت "ريحان" صهيلًا مبتهجًا كأنها تشعر بهم، فـ ضحك "يونس" وهو يقول :
- ريحان دي حاجه تانية، فصيلة نادرة ومش موجود منها في مصر كتير عشان كده مش هفرط فيها.. ده غير إنها اتولدت على إيدي

فـ سألت "ملك" بـ اضطراب اعتراها :
- يعني مش محتفظ بيها عشان بتفكرك بحد!!

تفهم على الفور إلام ترمي ومن تقصد بالتحديد، فـ قرر بتر هذا الأمر لكي لا تشتت ذهنها بالتفكير فيه مجددًا :
- طول ماانتي جمبي مش محتاج افتكر حد تاني، أنتي كفايتي ياملك

اختتم الحديث عندما كان ينظر لها بنظرة صادقة أشعرتها بالفعل إنه مكتفيًا بها، وتابع إينذاك وعيناه لا تنحلّ عنها :
- أنا مش ناسي إن كان في موضوع بينا اتكلمنا فيه واتقفل مؤقتًا بعد موت عمي الله يرحمه، ومستني ردك عليه في الوقت اللي تشوفيه مناسب

أشاحت بوجهها عنه مترددًا في آذانها نعتهِ لها بالعروس منذ قليل في الداخل وقد تهربت منه فورًا بعدما خالجها حياءًا شديدًا، حتى إنه سمح لها بالهرب كي لا يضغط عليها بشكل مفاجئ.. وها هو يلمح للأمر من جديد.
هي في مرحلة تجاوز الأزمة، حتى إنها قطعت شوطًا كبيرًا وخرجت من قوقعة ضيقة للغاية كانت قد سجنت نفسها فيها بعد وفاة "إبراهيم".. رغم إنها لم تتخلص من شعور الحزن كليًا ولا سيما عندما تكون بمفردها، ولكنها تكافح من أجل "يونس" أولًا ومن أجلها ثانيًا، هو يستحق أن تبذل مجهود لأجلهما كما يفعل هو دائمًا.
ترك "يونس" الفرشاة ونزع القفاز البلاستيكي عن يده كي يُخرج هاتفه ويرد عليه، خرج من الحظيرة وهو يجيب :
- أيوة يايزيد.. عملت إيه ؟؟

قطب جبينهِ وزمجر قائلًا :
- آجي فين؟؟ أنا في المزرعة يعني ولا ساعتين تلاته عشان أكون عندك

نفخ "يونس" متضايقًا من فرط الضغط عليه وتخلّى عن دور المُضحي قليلًا :
- بقولك إيه، تعالى انت أنا مستنيك.. نينة كمان عايزة تشوفك، آه لسه عندي هنا عشان ملك.. ريح نفسك مش هاجي، وسلام عشان مش فاضي

وأغلق المكالمة، فـ نظر "يزيد" لشاشة الهاتف وقد تقلصت تعابير وجهه وهو يرمي بالهاتف على المنضدة قائلًا :
- نينة هناك عشان ملك، ويونس هناك عشان ملك، وانا هروح عشان خاطر ست ملك مش عايزة تنزل القاهرة!!

تناول سترتهِ ليرتديها مجددًا وهو يتابع مضجرًا :
- دي بقت حاجه زفت يعني، مش كفايه مخلياه متشحطط من هناك لهنا كل يوم!

أغلق "يونس" المكالمة ودس الهاتف في جيب سروالهِ وهو يتأفف بـ انزعاج، فـ شعر بكف "ملك" الصغير يأخذ محلهِ على كتفهِ، التفت إليها لتسأله بقلقٍ عليه :
- مالك يايونس؟

فـ غصب نفسهِ على الإبتسام بنصف بسمة و :
- مفيش، خلينا ندخل نتعشى مع نينة أنا جعان جدًا

فـ سارت بجوارهِ عائدين نحو القصر لتتحدث هي بتلقائية أسرتهُ :
- على فكرة أنا اللي عامله أكل النهاردة، عرفت الأصناف اللي بتحبها من ديچا وعملت حاجات منها.. كل مرة أعملك فيها أكل تحصل حاجه ومتاكلش منه

فـ وضع ذراعهِ على كتفها يُقربها منه قليلًا وما زالوا في طريق السير للعودة :
- أديني هدوق وربنا يستر

تنغض جبينها مستنكرة شكوكهِ نحوها و :
- أنا خايفة الأكل يعجبك وبعد كده متاكلش غير من إيدي وساعتها هفضل في المطبخ ليل نهار

فـ وقف بمنتصف الطريق قاطبًا جبينهِ وهو يُصحح فكرتها عنه :
- عادي، هتلاقيني قضيت معاكي الليل والنهار جوه المطبخ معنديش مشكلة

ضحكت وعادت أقدامهم تتابع السير عائدين حينما كانت "ملك" تسأل عن تفاصيل الحادثة التي تشهدها حتى النهاية :
- مش هتحكيلي حصل إيه من بعد ما سبتك ورجعت المزرعة

تنهد "يونس" مُطلقًا أغلب طاقتهِ السلبية من صدرهِ و :
- هحكيلك، في واحد أسمه جاسر.. ده تاجر المخدرات اللي خرج الهيروين من عنده
............................................................................
- جاسـر!!

ودعس سيجارتهِ منفعلًا وهو يتابع :
- يعني ملقيتش غير تاجر الدم ده يساعدنا!

قالها "يزيد" ممتعضًا من اختيار شقيقهِ وتوجههِ لطلب المساعدة من "جاسر الليث".. فـ برر له "يونس" بعدم وجود حل آخر للجوء إليه.
طرد "يونس" دخان سيجارتهِ من أنفهِ وفمهِ معًا، ثم قال برزانة وهدوء يناقض حالتهِ العصبية التي حدثهُ بها أمس في الهاتف :
- مكنش في حلول تانية، طالما هو صاحب الكيس الأصلي هيعرف مين اللي اشتراه منه.. هي دي المعلومة اللي محتاجها منه.. غير كده مفيش أي علاقة تربطنا بيه

نهض "يونس" عن مكانهِ وأغلق زجاج النافذة القاتم الذي يحجب الحرارة عن المكان، ثم تناول جهاز التحكم لفتح مُكيف الهواء وهو يقول :
- جاسر اللي بابا الله يرحمه عطف عليه زمان وهو في الملجأ مش هو جاسر اللي نعرفه دلوقتي.. بعد ما خرج من هناك وقرر يشوف طريقه في الشمال وبابا قاطع علاقته بيه، لدرجة إنه رفض ييجي يزوره في المستشفى لما كان تعبان في آخر أيامه، بناء عليه أنا منعته يحضر العزا احترامًا لرغبة بابا الله يرحمه

كان "يزيد" يهز ساقيهِ بتوتر وهو يجلس على مقعدهِ خلف مكتبه بالشركة بغير رضا عما حدث.. ولكنه لم يطيل التحدث في الأمر تقديِرًا لشقيقهِ الذي كان يسعى بكل السُبل كي يتم إخلاء سبيله ويكون بريئًا حرًا، ونقل دفة الحديث فورًا لكي لا ينزعج أكثر :
- أنا مسيبتش خرم من غير ما أدور على معتصم يايونس، إبن الـ ×××××× لو ملقيتش أراضيه هيفضل يلاعبني وعيني هتفضل في وسط راسي، مش عارف أركز في حاجه من كتر التفكير

دعس "يونس" صبابة سيجارتهِ في المنفضة و :
- أنا مش سايب الموضوع، عيسى بقاله يومين مش ساكت لحد ما يجيب خبر عنه

طرق "سيف" الباب أولًا قبيل الدخول، ثم وجه حديثهِ لـ "يونس" :
- خلاص خلصت إخلاء الطرف وأخدت كل مستحقاتها يامستر يونس

فـ أومأ "يونس" برأسه و :
- جميل، شكرًا ياسيف

فـ وقف "يزيد" عن مقعده وسأل بفضول وقلق في آنٍ :
- مين اللي أخلت طرفها يايونس؟؟

فـ أجاب "يونس" :
- نغم، قدمت استقالتها وأصرت عليها والنهارده سحبت ورقها وخدت حاجتها

تجهم وجهه فجأة وتصلبت أطرافهِ بعدما وصلهُ الرد على مطلبه.. رفضتهُ، رفضت التواجد بجانبه بأي شكلٍ كان متحاشية كل الآلام التي استشعرتها مُسبقًا ومُعلنة عن هزيمة مبكرة قبيل أن تتقدم في حربها معه.
تخلّت غير قادرة على تجاوز ما أصابها من نائبة ثقيلة لم تتحملها وقد تركت فيها أثرًا بليغًا.
تعجب "يونس" من حالتهِ تلك ولوح بيده أمام ناظريه كي يُلفت انتباهه قائلًا :
- يزيد؟!

فـ انتبه "يزيد" وعلى الفور كان يدبر حجه للتغيير الجذري الذي اعتراه فجأة :
- أيوة، أفتكرت حاجه ولازم أعملها دلوقتي

وتناول هاتفه المحمول أثناء ذلك.. فـ تأهب "يونس" للخروج و :
- طيب، أنا هخرج وانت متنساش تيجي النهاردة بالليل، نينة عزماك على الغدا
- حاضر حاضر، جاي

وتصنّع إنه يُجري اتصالًا هامًا فـ همّ "يونس" وخرج من هنا شاعرًا به، ولكنه لم يوضح إنه فهم ما أصابهُ وتركه حرًا في تصرفهِ.
بينما ألقى "يزيد" بهاتفهِ على المكتب وغمغم بضيق شديد :
- حتى مكلفتش نفسها وعرفتني، خدت القرار وسابتني أخبط راسي في الحيط

تأفف منزعجًا من نفسه ومن تسرعهِ في الذهاب إليها و :
- الغلط على اللي جالك من الأول وكلمك من قلبه

طرقت السكرتيرة على الباب فـ صاح بها بغضبٍ أعمى :
- إيــه في إيــه!!

فـ ارتعدت الأخيرة وهي تخبره بـ :
- البنات اللي جم عشان مقابلة العمل جاهزين للـ (Interview).. حضرتك قولت لازم تشوفهم قبل ما الـ hr "مسؤول الموارد البشرية" يقابلهم

فـ أشار لها كي تتركه بمفرده :
- أطلعي وسيبيني دلوقتي، مش عايز أشوف حد قدامي

فـ أوفضت السكرتيرة للخارج قبيل أن ينفجر فيها أكثر من ذلك، فقد تجلّى عليه الغضب العارم والذي سيظل لفترة من الوقت قبل أن يزول عنه.. لذلك قررت ألا تحتك به نهائيًا حتى تمر أزمتهِ.
.............................................................................
بعد خروج الخادمة لشراء نواقص المنزل من وسط المدينة الساحلية، جلست "غالية" بغرفتها ينهش الغيظ من داخلها وخارجها بعد فشل المخطط الثاني لها على التوالي وتأكيد خبر خروج "يزيد" من تلك القضية بسهولة لم تمن تتخيلها.. لم يتمم حبس الأربعة أيام حتى.
لم يهدأ بالها قط، تفكر في خطة ثالثة ورابعة وحتى انتهاء أنفاسها لن تترك ياقتهِ، لن يكون مرتاحًا وهي التي فقدت ابنتها الوحيدة بيدها بدلًا من أن تنهي أمرهِ هو.
طرق "بِشر" على الباب فسمحت له بالدخول، دخل إليها فـ لم تمهله فرصة للتحدث وألقت عليه اللوم كاملًا :
- لو ورايا رجالة بصحيح مكنش ده بقى وضعنا دلوقتي، مكنتش فوت ثغره تافهه زي دي تضيع كل المجهود اللي عملناه

فـ أحنى رأسهِ أمامها مُعربًا عن أسفهِ و :
- متقلقيش ياهانم، كل حاجه وليها حل

فـ نهضت عن جلستها وهي تهدر بصوتها في وجهه :
- حل إيـه يابِشر!! ده انت لحد دلوقتي مش عارف توصل للمكان اللي بيختفي فيه يونس كل يوم والتاني!

فـ برر لها حرص الأخير والذي يُفسد عليهم أي محاولة لمراقبتهِ :
- ياهانم انتي أكيد عارفه واحد زي ده حريص قد إيه! ، الموضوع مش سهل.. صدقيني بنحاول

استمع كلاهما لصوت قرع عنيف على الباب، فـ تنغض جبينها بعبوسٍ و :
- شوف مين الحيوان اللي بيخبط بالشكل ده

فـ أوفض "بِشر" للخارج وهبط الدرجات الصغيرة وفتح الباب.. فكانت المفاجأة التي تلقاها لكمة عنيفة للغاية من أحد الرجال الذين تكدسوا أمام الباب جعلته يرتد للخلف ثم سقط على ظهرهِ مُصدرًا صرخة متآوه، ورغم ذلك لم يتركوه.. أمسك به اثنان ليقف أمامهم حينما كانت "غالية" تخرج عليهم مهرولة وهي ترى هذا الهجوم المفاجئ والعنيف على بيتها، شُدهت وهي ترى أربعة من الرجال يقفون على الباب من الداخل .. رمقتهم بذهولٍ مضطرب فاغرة فاهها وسألت :
- أنتوا مين؟

كان دخولهِ في اللحظة المناسبة تمامًا وهي تختم سؤالها، دلف "جاسر" وهو يرمقها بنظرات أرعبتها وجمدت حواسها حتى لسانها لم تعد قادرة على التحدث بكلمة واحدة أمام رجلٍ طاغية مثلهِ تعرف جيدًا ما الذي سيفعله إن أراد بها سوءًا، إن أراد لـ هدم البيت على رؤوسهم أو أحرقهم أحياء وهم داخله.. وجوده هنا الآن لم يكن مبشرًا على الإطلاق، بادلت نظراتهِ الحازمة بنظرات متصنعة الشجاعة ولكن ارتجاف أهدابها الجلّي يُفسد عليها حتى المحاولة.
فتح "جاسر" كفهِ أمامها وتسائل بنبرة فاترة :
- مش هتقوليلي اتفضل!

لم تنبث بكلمة واحدة.. تلذذ "جاسر" بتأثيرهِ المرعب عليها وطلتهِ المهيبة التي تُزلزل أيًا كان من يقف أمامهِ، ولم ينتظر منها ردًا وبادر بدون مماطلة :
- لو عرفتي رجالتي إنك عايزة البودرة عشان تورطي بيها ولاد الجبالي مكنش حد فيهم هيديكي جرام واحد، أنتي عارفه كده صح؟؟

أشاحت بوجهها بعيدًا عن مواجهة عيناه المخيفة، فـ أردف هو بنبرة أحست برائحة التهديد فيها :
- بس انتي كذبتي، وعليا أنا.. تفتكري أنا بسيب فرصة للي قدامي؟؟

إذًا هو آتٍ لفعل لن يرضيها البتة، منتويًا لها على نية تُشبهه.. نية عواقبها مُخيفة.
............................................................................
أقحم "يزيد" رأسهِ في العمل لكي لا يفكر في هذا الأمر الذي أزعجهُ وبشدة وجعله يتخذ موقفًا منها، حتى إنه قرر عدم التعامل معها مرة أخرى مهما كان الوضع.
ورغم هوسهِ بالعمل وإنجاز المهام التي تخلفت من وراء غيابهِ إلا أن عقله يجئ ويذهب من حين لآخر عاجزًا عن التحكم في تفكيرهِ.
نفخ "يزيد" مزمجرًا وقذف بالقلم من يده وهو ينهض مندفعًا من مقعده وصاح بـ :
- يــــوه !!

طرقات على الباب أعقبها دخول مفاجئ بدون أن ينتظر الطارق أي سماح بالدخول، فـ استدار "يزيد" ناظرًا بحنق بلغ ذروتهِ ليخمد كل شئ في لحظة واحدة مع رؤيتها، سكن غضبهِ شيئًا بسيطًا وهو يراها واقفة أمامه بعدما أغلقت الباب، وعندما تذكر فعلتها عاد يُظهر امتعاضهِ أمامها وهو يسألها بفظاظتهِ المعتادة :
- خير؟! جايه ليه؟

فـ أشارت بالملف الذي تُمسك به و :
- أنا جيت أقدم الـ c.v بتاعي بخصوص وظيفة السكرتيرة الجديدة لو سمحتلي

تشوش عقلهِ وتداخلت الأشياء في بعضها البعض متعقرطة في ذهنه، تنغض جبينهِ بـ استفهام و :
- مش فاهم!!

دنت "نغم" منه وهي تقطع المسافات بينهم، تركت أوراقها على سطح المكتب ثم خطت مقتربة منه وقد باتت نبرتها أقرب للنعومة وهي تُفسر ما فعلتهُ صباح اليوم :
- في وظيفة خالية في مكتبك أنا جاية أقدم فيها، إيه اللي مش فاهمه!

تعمقت النظر في عيناه القاتمة لحظات قبل أن تستطرد :
- قررت إني مش هسيبك وانت محتاجني، عشان كده فكرت أكون أقرب لك من مجرد موظفة في الحسابات.. تسمح؟؟

مدّ يدهِ لها ليصافحها وقد تغيرت معالم وجهه مائة وثمانون درجة وهو يقبل بوجودها في ذلك المنصب القريب منه :
- أسمـح

أمسكت بيده فـ ضمّ أصابعه على كفها الأملس وهو يبتسم في وجهها قائلًا :
- أهـلًا بيكي معانا، يانغم
يتبع.....
لقراءة الفصل الثامن والخمسون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات