القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والثمنون 82 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والثمنون 82 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والثمنون 82 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والثمنون 82 بقلم ياسمين عادل

للفوز بـ حُبها، وَجَب على قلبي أن يخوض الحـرب."
_________________________________________
كان يجوب الغرفة يمينًا ويسارًا، ذهابًا وجيئًا، وصوت نحيبها گصوت المنشار في أذنيه. ضرب قبضتيه بعضها ببعض، والمشهد يتكرر أمام عيناه في كل لحظة، ناهيك عن كلماتها المعاتبة والمؤنبة له، بعدما استخدم العنف في حلّ الوضع، بينما الحقيقة هي إنه ورطها أكثر وورط نفسهِ بالأخير. التفت "يزيد" نحوها، ليرى بشرتها گـ كتلة حمراء متوهجة، طفحت عليها صبغة قاتمة محمرة اللون لتتحول إلى هذا الشكل، دنى منها محاولًا إسكاتها على الأقل، ليجد حل لما وقعا فيه :
- ممكن تهدي شوية عشان أعرف أفكر!.
فصاحت بصوتٍ امتزج بأنين البكاء :
- أهـدا!.. إنت عارف إنت عملت إيـه؟؟ أنا دلوقتي وضعي أسـوأ من ألـف مـرة.
فكر في التحدث إليه بنفسه، علّ ذلك يأتي بنتيجة إيجابية معه :
- أنا هروحله وأتكلم معاه لما يكون هدي شوية من ناحيتنا.
ضحكت "نغم" بإستخفاف، وتغلف صوتها بالمرارة وهي توضح عقلية عمها المتشددة :
- إنت متعرفش أي حاجه، أنا أهلي أصلهم من الصعيد والكلام اللي بتقوله ده عمره ما هينفع معاهم.
فـ غمغم مقتنعًا برأيها، الذي بدا صائبًا بعد ما رآه نصب عينيه :
- شكلهم كده!.
علت شهقاتها، عاجزة عن كبحها أو التحكم فيها، كلما استعادت وعيدهِ وقسمهِ بأن يقتلها ويقتله، جزائًا لما فعلته، من تجاوز لأعرافهم وعاداتهم الأخلاقية المعروفة. اعتصرت عيناها لينسال خيط رفيع من الدموع، وكتمت شهقة كادت تنفلت منها، قبيل أن تعاتب نفسها :
- أنا اللي غلطانه، مكنش لازم كل ده يحصل، كان لازم أفضل بعيد زي ما عيشت طول السنين اللي فاتت بعيد.
تأذى "يزيد" وهو يراها في تلك الحالة المتدهورة، واستشعر تسببهِ الرئيسي فيما حدث، لو إنه رفض الذهاب في تلك الساعة المتأخرة، لكان الوضع مختلف الآن. على الأقل ما كان يواجهه بذلك الشكل الذي أكد وجود رابط بينهما.
تقدم منها بترويٍ، جلس قبالتها ليتحدث بهدوء، متسللًا برزانتهِ -غير المعتادة- إلى نفسها المذعورة :
- أنا هحل الموضوع متقلقيش، هلاقي حل وأتصرف معاه.. بس أهدي دلوقتي ، كل حاجه هتكون كويسة صدقيني.
نظرت بعيناها الدامعتين إليه، فإذا بالصدق يتجلّى في عيناه، أجفلت جفونها متخوفة مما سيؤول إليه الأمر، من كارثة فادحة لن يُحمد عقباها، في ظل إنها تعلم جيدًا ، ما الذي يعنيه الأمر حينما يتدخل عمها وإبناءهِ ذوى الطيش والتهور، والذين تجاوزوا بغضبهم كل الحدود. خشيت عليه بقدر ما خشيت على نفسها، فهو أصبح في بؤرة الأحداث، ووضع بنفسهِ أمام فوهة المدفع، ليكون أول مصاب في تلك القصة، التي ستكتب نهاية تعيسة على كلاهما.
*****************************************
جن جنونهِ، وسار گالمجنون في الأرجاء بعدما أبلغه والده بملخص ما حدث، وكأنه بذلك سكب البنزين على نيران مشتعلة، فأضرم المكان كله باللهيب المُسعّر. زأر "شريف" بصوتّ جهوري ملأ المكان كله، والغضب يعمي عيناه كليًا في تلك اللحظة :
- إزاي يعني يابـا، كنت دبيت السكينة في قلبها ولا ضربت عليها عيارين!! يعني تسيبها تمشي هي والـ *** اللي قرطستنا "استغفلتنا" معـاه!!
أبعد "بهجت" قطعة القُطن الكبيرة عن أنفهِ التي أُصيبت بنزيف، وتبادل الصياح الجهوري مع ولدهِ الأكبر بإنفعال شديد :
- يعني سييتهم بمزاجي! إبن الـ **** خدني على خوانه.. بس ورحمة أخويا الله يرحمه ما هسيبه ولا هسيبها، هدفنها حتى لو حيـة.
ذكّره "شريف" برفضه المسبق، بشأن ترك "نغم" لإستكمال حياتها بعيدًا عنهم، بعد وفاة خالتها التي تبنت رعايتها فور وفاة والديها :
- ياما قولتلك، الحياة هنا والناس اللي عايشين هنا مش هيخلوها نغم اللي نعرفها، أهـي مشت في البطال وحطت راسنا في الوحل كلنا، ارتـحت يابا!!.
هبّ "بهجت" مندفعًا من جلسته، وصرخ في وجهه بعنف :
- يـــوه ياشريف، يعني ده وقته يابني؟؟ أنا اللي يهمني دلوقتي نجيب الـ ****** ده.
كور "شريف" قبضتيهِ ببعضهما البعض، وكأنه بذلك يتخيل كيف سيعتصر ذلك الرجل بين يديهِ بلا هوادة، وهتف بصياحٍ ممتعض :
- هجيبه وهسوي وشه هو وأهله بالأرض.. عشان يعرف إن اللعب مع بنات الناس تمنه غالي.
تصاعدت الدماء في رأسهِ، مبتغيًا سفك دمائها إرضاءًا لعُرفهم الصريح، بدون أن يسأل أو يُكلف نفسهِ عناء سماع الحقيقة، سيطرق الحديد وهو ساخن، لئلا تكون سيرتهم على الألسنة. هذا الشئ الوحيد الذي سيطفئ نيران صدره.
****************************************
فركت "خديجة" أصابعها بتوترٍ، متحاشية النظر إلى "يونس"، بعدما رأت نصب عينيها حالتهِ المثيرة الشفقة، حينما علم بأمر "ملك". ازدردت ريقها بتوجس، ونظرت بطرفها غير قادرة على كبح جماحها، فـ التقطت نظراتها المختلسة امتعاض وجهه الذي امتزج بـ تخوفه عليها، وهم ينتظرون خروج الطبيب من غرفتها. خرج متجولًا بأنظارهِ عليهما، وتسائل مستنكرًا :
- إحنا وافقنا على وجود مرافق عشان يبقى معاها دايمًا عشان وضع زي ده ميحصلش، ليه مكنش في حد معاها!! ؟
انتقلت نظرات "يونس" الحانقة نحو "خديجة" على الفور وهي تبرر غيابها اللحظي عنها :
- كنت بجيب ميا والله يادكتور، رجعت لقيتها كده.
فـ لم يتحمل "يونس" الصمت، بدون أن يسمم آذانها :
- كنتي طلبتي من أي حد ياخديجة، أنا مش سايبك هنا عشان هي تبقى لوحدها! ولا إيـه ؟؟.
وترك النظر إليها، بعدما زجرها بنظرة حامية، ثم التفت للطبيب وسأل بتلهفٍ :
- اللي حصل ده بسبب إيـه؟.
- الإحساس بالوجع ده طبيعي ، لكن هي انفعلت وده سبب تشنج في العضلات، مقدرتش تقاوم ووقعت، الحمد لله إن الجرح متأثرش.
أومأ بعجلٍ، وأسرع يدخل إليها. وقعت عيناه على وَهنِها، فـ ارتجف قلبهِ بتأثرٍ حزين، أغلق الباب وانطلق نحوها وهي تغفو بإستكانة، بعدما حلّ مسكن الألم الأمر بكل سهولة، بعد عذاب دام لدقائق، ومرّ عليها كأنها ساعات من الوجع المستمر. خشى أن يوقظها بدون قصدٍ، فـ ابتعد خطوات وهو ينادي بصوتٍ خفيض :
- مـلك.. أنا هنا، حاسه بيـا؟
فتحت عيناها لتراه بوضوح، وارتسمت ابتسامة منهكة على ثغرها، وهي تجابه شعور الثقل، لتجيب بصوتٍ بدا واعيًا، وكأن شيئًا لم يكن :
- حاسه بيك من قبل ما تكلم.. تعالى.
قرأت تعابير الذعر على وجهه، والتي لم يتخلص منها بعد، اعتدلت في جلستها وهي تمد له يدها قائلة :
- أنا كويسة على فكرة، مش لازم كل مرة تقلق كده.
لاحظ الإعياء باديًا على عيناها اللامعة، فلم يصدق إدعائها بتحسن حالتها، وبقى عقله منشغلًا بأمرها :
- مش كويسة خالص.. ملك إنتي مينفعش تتعرضي لإنتكاسة، الإنتكاسة في حالتك خطر.
فلم تخفي عنه إنها تعلم بشأن إصابتهِ ظهيرة اليوم :
- والإنتكاسة في حالتك إنت إيـه؟ طـبيعية؟.
نفى وجود إحتمال گهذا، بدون أن يخمن بعلمها المسبق حول الأمر :
- أنا خلاص تخطيت المرحلة دي، متشغليش بالك بيا المهم إنتي.
فأجابت بنفس أسلوبه، وبدون أن تظهر غضبها الشديد منه :
- تــؤ، متخطيتش حاجه، إنت جرحك نزف النهاردة.
بُهت، وبقيت عيناه متجمدة حين النظر إليها، فلم تطل صمتها، وفسرت له كيف علمت :
- أوعى تكون فاكرني مشوفتش قميصك اللي كان فيه دم الصبح!!.
وأسبات جفونها، وهي تطلق تنهيدة حارة من جوفها :
- شوفتها وسألت الدكتور وهو قالي كل حاجه.
ثم رفعت بصرها نحوه متابعة :
- ليه يا يونس؟.. مش كفاية اللي عملته عشاني!، ليه مصمم تعيشني الوجع ده تاني؟.
ضم أصابعه على يدها، ونطق بنبرة متيقنة :
- صدقيني أنا حاسس بنفسي.. أنا كويس ومبقتش محتاج أكون هنا.
ارتكزت عيناها عليه لحظات طويلة، لا تدرك كيف ستبلغه بقرارها القطعي، وتواجه بإصرارها عنادهِ الشديد ؟. لم تتمهل أكثر، ولم تحيد بصرها عنه وهي تردف بـ :
- بس أنا شايفه إنك محتاج، عشان كده خليت الدكتور يحضرلك الأوضة اللي جمبي تقعد فيها يومين عشان يتابعوا حالتك.
قطب جبينه وكأنه لم يفهم كلامها رغم وضوحه، واستفسر بإندهاش :
- يعني إيه حضرلي أوضة!.
فأوضحت له بلهجة متعنتة :
- يعني أنا قررت بالنيابة عنك، هتتحجز دلوقتي ولا لأ!؟.
تنهد "يونس" محاولًا التأثير على قرارها المفاجئ الذي باغتتهُ به:
- خلينا نعدي النهاردة وبكرة لو لسه الجرح تاعبني هتحجز حاضر.
سحبت يديها من كفيهِ فجأة، وتحولت ملامحها لأخرى عابسة مكفهرة :
- لأ، هتتحجز النهاردة، دلـوقتي.
- ملك مش هينفع آ....
لم توليه فرصة لسماع نهاية حديثهِ، وانسحبت أسفل غطائها على حين غرة، مستخدمة تأثيرها للضغط عليه :
- سيبني لوحدي يايـونس، مش عايزة أشوف حد.
وسحبت الغطاء عليها متابعة :
- عايزة أنام من فضلك.
حاول استرضائها وقد أزعجهُ حزنها :
- ياستي حقك عليا، بس صدقيني الدكاترة مهولين الموضوع وأنا مش متحمل موضوع القعدة هنا.
فـ ابتغت بحديثها إعدالهِ عن رأيه :
- براحتك، أنا ماليش إني أتدخل دي حاجه تخصك.
نجحت خطتها مبدأيًا في إثارة ضيقهِ، وتحرر غضبهِ من أغلال الهدوء، ليبدو في صوته بادرة إنفعال وهو يقول :
- يعني إيـه ملكـيش، أمال مين ليه ياملك؟.
فأنهت حديثها بشكلٍ كاد يُفقده صوابه :
- أنت صاحب القرار، طالما أنا ماليش خاطر عندك للدرجة دي.. يبقى براحتك يايـونس.. تصبح على خير.
أطبقت جفونها رغمًا عنها، وبداخلها شعّ الحزن، لأنها أرادت بذلك إحزانهِ عمدًا، علّه ينصاع إليها ويدرك أن في ذلك صالحهِ. نهض "يونس" ونظراتهِ ما زالت معلقة بها، يرى ارتجافة جفونها اللذان تجبرهما على أظهار النوم، حُشر في زاوية ضيقة، بين إرضائها وبين ضرورة السعي لحمايتها، وبقى الإختيـار محسومـًا؛ لكنه ما زال يبحث عن منفذًا لـه.
******************************************
لم يسمح له عقله بالنوم طوال الليل، متجسدًا أمام ناظريه سيناريوهات مخيفة، عما قد يحدث بالأيام القادمة، من نتائج لمواجهتهِ تلك العائلة التي صورّت له "نغم" عن صعوبة التعايش والتعامل معها. سردت بعض ظروفها العائلية، وكيف استطاعت العيش في القاهرة بمفردها، وأجابت على بعض أسئلتهِ الفضولية بصعوبة، حيث سيطرت عليها حالة من الحزن، لم يكن قادرًا على جعلها تتخطاها بسهولة. تعجل في ارتداء ملابسه بالصباح الباكر، وقرر الخروج من أجل القيام ببعض الأعمال التي ستفيده بالفترة القادمة، وتجعله يتجاوز بعض الأمور التي يواجهها بسهولة. وعندما غادر غرفته، نطر بإتجاه الردهه المؤدية لحجرتها التي قطنت بها منذ أن تواجدت هنا، وسحبهُ الفضول لأن يذهب ليطل عليها قبيل أن يرحل. فـ خطى متجاوزًا الطريق، حتى أصبح قبالتها مباشرة، لمح تلك الحقيبة بالخارج، وباب غرفتها مفتوحة، فـ أوفض بالدخول ليراها تضع المعطف على كتفها، شملها بنظرة مستنكرة، وهو يسأل :
- بتعملي إيه يانغم؟.
بصوتٍ خلى من أدنى معاني الحياة أردفت :
- راجعة بيتي، مكاني اللي مكنش ينفع أسيبه بأي شكل.
كظم "يزيد" إمتعاضه ، محاولًا إظهار تقديرهِ لصعوبة موقفها :
- أنا فاهم اللي انتي حاسة بيه يانغم، بس وجودك هماك هيضرك مش هيفيدك.
رمقتهُ بإستهجان، ولاحت ابتسامة ساخرة على محياها وهي تقول :
- هيضرني!! خايـف عليـا ؟؟.
فأجاب ببديهية دون أن يفكر :
- أكيد يعني.
فصرخت في وجهه صراخًا، أشبـه بإنفـجار كتمتهُ بداخلها منذ الأمس، وفاض ببواطنها فلم تعد قادرة على حمله أكثر من ذلك :
- لو خـفت عـليا لحظـة مكنتـش صـممت تدخـل معايا وتـخلي عـمي والنـاس يشـوفوك في الوقـت ده!.. كنت حميتني زي ما بتقول بدل ما تردهالي وخلاص.
لم يتحمل تحميله الكتب كاملًا، فـ صاح هو الآخر يدافع عن نفسه :
- إنتـي غـبية!! لو كـنتي لوحـدك كان زمـان عـمك مخلـص عليـكي، أنا اللي أخـدتك من قدامـه وأنـقذتك.
تقدمت منه وتعالى صياحها المصحوب بدموعها الصامتة :
- إنت وديتنـي للمـوت بإيـدك يا يـزيد ، وأنا اللي عـمري ما عملتلك حاجـه غير إني كنت بـشدك من الحـفرة اللي دايمًـا عايز تـوقع نـفسك فيـها.
كلماتها، ورؤية الدموع تتسابق في الإنسياب من طرفيها، بدد كافة مشاعرهِ الممتعضة، وأبدلها بأخرى تتوسل مساعدتها وإنتـشالها مما وقعت فيه. دفن وجهه بين راحتيهِ، ومسح عليه مسحة عنيفة قبل أن يسألها :
- إهـدي يانـغم، أنا مـستحيـل هسيبه يأذيـكي.. بس إهدي وبعدين هنتكلم ونلاقي طريقة نتواصل بيها مع عمك.
هزت رأسها بالرفض، وانحنت تتناول حقيبتها الصغيرة وهي تردف :
- أنا ماشية يايزيد، مش هقعد تاني هنا.
فأصرّ على أن لا يتركها هكذا، تذهب في طريقٍ نهايته غير معلومة :
- لأ مش هتمشي، لحد ما نشوف حل معاه مش هسيبك ضحية لغضبه.
- مبقاش ينفع يايزيد.
وقبل أن تتجاوزه نحو الباب، استوقفها ممسكًا بعضدها، وسأل في حزم :
- هتقعدي بالـزوء ولا لأ؟.
فـ انتشلت ذراعها منه مجيبة :
- لأ يايزيد.
- يبقى بـشوقك بـقى.
قالها وهو يتراجع خطوات للخلف، خرج من الغرفة وسحب الباب خلفه فورًا، أوصده عليها وهي بالداخل، متجاهلًا الضجيج الذي تسببت فيه وقرعاتها المتوالية على الباب، واستعان بالمفتاح الخارجي كي يحكم إغلاقه، متمتمًا :
- أعذريني، إنتي اللي أجبرتيني على كده عشان أحميكي من نفسك قبل ما أحميكي منهم.
ظلت تقرع وتقرع بدون سئمٍ، حتى آتاها صوته :
- متحاوليش يانغم، نينة عند ملك من الصبح وديچا معاها، يعني إنتي هنا لوحدك دلوقتي، لما تعقلي نبقى نتكلم، سلام.
فصاحت كي يستمع إليها :
- يـزيـد ، أفـتح اللي بنعـمله ده غـلط عمي مش هيسيبنا ، أفـتح بقى!.
لم يستمع حتى إليها، بل انسحب من المنزل بالكامل كي يؤدي ما ينتظره من أعمال، وقد قرر الوصول لذلك الرجل والتحدث إليه أولًا، قبيل أن يتخذ أي إجراء آخر لحمايتها. خرج بسيارته عبر البوابة، وحاول التواصل مع "يونس" مجددًا، علّه هذه المرة يجيب على هاتفه، ولكنه لم يجب من جديد، فأعاد محاولة الإتصال بـ "عيسى" گبديلًا عنه، وما أن أجاب حتى نفخ "يزيد" بصوتٍ مسموع :
- أخيـرًا حـد رد عليـا، إنت فين ياعـيسى.؟
صمت هنيهه، ثم عاد يستطرد :
- مش مهم دلوقتي، في موضوع مهم محدش هيعرف ينجزه غيرك ، أنا عارف إن حبايبك في الصعيد كتير.
نظر "يزيد" عبر المرآة الجانبية ليرى عربة النقل الجماعي "ميكروباص" تلك ما زالت خلفه، فتنغض جبينه وهو يقول :
- عيلة كده كنت عايزك تسأل عنها.
عبر "يزيد" أحد الطرق الجانبية ، ليجد أن العربة مازالت تطاردهُ، فأنهى التحدث مع "عيسى" الآن و :
- طب هقفل معاك وأرجع أكلمك تاني، آه آه سلام.
حاول "يزيد" أن يتبين ركاب العربة، فـ استطاع رؤية بضع رجال فقط في العربة، أحس برائحة الغدر تفوح من الأمر، فقرر أن يؤمن نفسهِ قليلًا. فتح تطبيق (واتساب) الشهير للمحادثات، وأرسل رسالة لشقيقهِ تفيد بنقل موقع مباشر له أينما كان، ثم وضع الهاتف في جيب سترته كي يبقى بالقرب منه، وبدأ في مراوغة العربة هنا وهناك، حتى أدرك سائقها إنه تفهم الوضع، فلم يمهله فرصة الفرار، وبدأ محاولة قطع طريقه قبيل أن يهرب من بين يديه. كافح "يزيد" متجاهلًا سيارتهِ التي أصيبت عدة إصابات، وهو يحاول التملص منهم، لكن العربة قامت بهجمة عنيفة مفاجئة لسيارتهِ من الخلف، فـ ارتد "يزيد" بمقعده ، ليطلق سبّة نابية :
- ××××× لعب رخيص يعني!.
ثم ضرب جانب السيارة بقوة أعنف، فـ صاح "يزيد" وقد طفح به الكيل :
- إنت يا ×××××× ياجـبان.
وتهور "يزيد" مثلهم، حيث ضرب العربة بعنفٍ، لتتفرق وجهاتهم يمينًا ويسارًا، ولكن عادت العربة تطاردهُ من جديد، لتحشره بينها وبين الرصيف الموازي، فلم تتحمل السيارة قوة الإحتكاك، واختل توازنها لتنقلب به على جانبها، ويتعرض "يزيد" لـ حادث سـير مـروع ومُـدبـر...
يتبع.....
لقراءة الفصل الثالث والثمنون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات