القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثامن والستون 68 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثامن والستون 68 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثامن والستون 68 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثامن والستون 68 بقلم ياسمين عادل

إن لَم تَكُوني هُنا؛ فـ لَن أكوُّن.
__________________________________________
قوة الصدمة جمدتهُ في مكانهِ، غير قادر على التفريط بها أو الإبتعاد عنها، سيطر عليهِ هاجس موتها، وإنها أصبحت رفيقة الأرواح التي سبقتها للرفيق الأعلى.. أطرافهِ مرتجفة ترتعش بذعر وما زال إسمها يتردد على لسانهِ من بين رعشات بكائهِ المستمر :
- لــيـه يامـلك!! لـــيه !؟

ابتعد "يزيد" عنها وهو يهزّه بعنف كي يفيق من دوامة صدمتهِ :
- لسه فيها نبض، قوم يايونس

ولكنه لم يستجب بأي شكل، وكأنه مُغيب.. فـ صرخ "يزيد" في وجهه :
- يــــونـس فـوق!

ولكمهُ لكمة جعلت رأسهِ ترتد للوراء، ثم أمسك رأسهِ بكلتا يديه وصاح بـ :
- عــايـشة، ملك عـايشة.. قوم إحنا بنخسر وقت

نهض "يزيد" ولم ينتظره، انحنى عليها وبدأ يحملها من بين ذراعيهِ بكل ما أُوتيَّ من قوة، وسار بها للخارج قائلًا :
- يلا أفتح العربية

هرع "يونس" وقد استرد بعضًا من تركيزهِ، فتح باب السيارة الخلفي ثم تناوب الأثنين في إدخالها برفق، حينئذٍ رأتهم "خديجة" بعدما خرجت على أثر صوت صاخب بالخارج، وإذ بها تُفجع برؤية ما حدث.. فـ كتمت شهقتها و :
- يـالــهوي!! ملك ؟!

ركب "يونس" بالخلف معها، بينما كان "يزيد" يُشغل مُحرك السيارة، وبأقصى سرعة تجاوز الممر لكي يخرج بها من هنا متجهين لأقرب مشفى للحاق بها.
حافظ "يونس" على ضمها إليه لكي لا تشعر بالبرد، انسابت دموعهِ التي لم يعد قادر على التحكم فيها حتى تساقط بعضها على وجهها، ألصق شفتيهِ بجبهتها يُقبلها، ثم ختخت بـ :
- آســف، حقك عليا
..........................................................................
انتهى "عيسى" من ارتداء ملابسهِ بعجلٍ، حاصرتهُ الطاقة السلبية وأُصيب بحزن بالغ بعدما علم بتفاصيل ما حد، ولم يقوَ على ردع نفسهِ ليبقى بعيدًا ولا يترك "مازن" وحده، كان مُجبرًا على التواجد بجوار "يونس" في ظرفٍ قاسي گهذا.
خرج "عيسى" من غرفتهِ متحسسًا ذراعهِ المتجبر، وأشرأب برأسهِ بداخل غرفة المعيشة ليرى الصغير يُشاهد أحد أفلام المصارعة، فسألهُ بنبرة لينة :
- تحب أجيبلك حاجه وانا جاي يامازن؟

فـ التفت الصغير برأسهِ و :
- لأ يابابا أنت جبتلي كل حاجه

ثم قطب جبينهِ متسائلًا :
- هي ماما مش هتيجي النهاردة كمان؟

فـ رسم "عيسى" ابتسامة باهتة على محياه وهو يُجيب الصغير :
- تقريبًا لأ، أوعى تكون زهقت مني؟

فـ قفز الصغير من مكانه وهو ينفي ذلك :
- لأ لأ يابابا، أنا مش ممكن أزهق منك أبدًا

انحنى "عيسى" وقبّل رأس الصغير، عندما صدح رنين جرس الباب.. فـ ابتعد "عيسى" قليلًا و :
- أدخل كما فرجة على الـ t.v وانا هفتح الباب، يلا

وتحرك نحو الباب كي يفتحه، وقف أمامهُ مصدومًا للحظات، لم يتخيل إنها ستتجرأ وتحضر إلى هنا بنفسها.. تجهم وجهه فجأة مع رؤيتها، وأحنى رأسهِ كي يُبعد مركز بصرهِ عنها بدون تأثر بها گالسابق، ثم أردف مستهزئًا :
- غريبة! لسه رجلك عارفه طريق البيت!!

فـ أجفلت "سهر" جفونها بحرجٍ من مواجهته و :
- لما محدش أتصل بيا عشان آجي أخد مازن قولت آجي بنفسي

فـ احتدمت نبرتهِ وهو يقول بشئٍ من العنف :
- مش هتاخدي إبني من حضني تاني ياسهر، ده بُعدك

نظرت لهيئتهِ التي تبين منها إنه على وشك الخروج، فـ ابتسمت بـ سخرية وهي تقول :
- أنت خارج وسايب إبنك لوحده ياعيسى!

وضع ذراعهِ أمامها وكأنه يرفض دخولها هنا، وقال بدون أن يهتز جفنهِ :
- حاجه متخصكيش، مشوار وراجعله

تقدمت "سهر" منه خطوة وقالت مستجدية برزانة :
- خلينا نتكلم ياعيسى، محدش فينا من مصلحته نشتت الولد

فـ رفض مجرد التحاور معها بعد الفعلة الشنيعة التي ارتكبتها بـ حقه وحق طفلهِ :
- مفيش بينا كلام، اللي هيفصل بينا القانون
- مـــامــا..!

صدح صوت الصغير وهو يركض نحو والدتهِ، تجاوز "عيسى" وتشبث فيها فرحًا بحضورها و :
- أنا كنت مستنيكي، تعالي أدخلي

فـ انتقلت نظرات "سهر" المتحيرة لـ "عيسى" الذي بقى مكفهر الوجه ممتعض الملامح، بينما أفسح الأخير الطريق أمامهم لكي يعبروا بدون أن يعترض أمام الصغير و :
- أتفضلي

ابتسمت بتكلفٍ ودلفت للمنزل الذي جمعها بزوجها وطفلها لسنوات عديدة، لم يتغير أي شئ.. فـ "عيسى" ليس من مُحبي التغييرات في الأساس، لذلك بقى كل شئ كما في السابق.
انشغل عقلها حتى سلب منها هو ذلك الإنشغال بصوتهِ :
- أنتي عارفه البيت كويس مش هعرفك عليك، هروح مشوار وهرجع على طول

فـ أومأت "سهر" برأسها متفهمة و :
- أنا ومازن هنستناك

كأنها ذكرتهُ بعهدٍ قديم قد عاشهُ معها بدون أن يشعر بقيمتهِ الحقيقية، ضغطت على جرحهِ بدون أن تقصد، وذكرتهُ بإنه قضى ثلاث سنوات من حياتهِ وحيدًا بدون طفلهِ وبدونها، عبس أكثر، ولم يرد حتى عليها.. التفت متوجهًا نحو الباب، سحب المفاتيح وخرج، ثم أوصد الباب من الخارج كي يقطع عليها أي محاولة لـ أخذ الصغير والفرار مجددًا حتى يعود هو، ويقرر ماذا سيحدث بشأنهم.
..........................................................................
خرج الطبيب موفضًا وهو ينزع عن يديهِ القفازات الطيبة، ثم قال وهو يُشير لزميله :
- شوف في حد جه من القسم عشان المحضر ولا لأ

ثم نظر لـ "يونس" الذي كان ينتظر بتلهفٍ يُقطع في قلبهِ، ولكنه يخشى أن يسأل.. ظل سجين الإنتظار المؤلم حتى خرج الطبيب عن صمتهِ و :
- إحنا وقفنا النزيف مؤقتًا، لكن الكلية لازم تُستأصل، خلاص مبقتش نافعة

فـ أومأ "يونس" برأسهِ متفهمًا و :
- أنا عايز عربية إسعاف مُجهزة، وأتصلت بالمستشفى في القاهرة وهما مستنيني دلوقتي أرجع بيها عشان يتصرفوا هناك

فـ تجهم وجه الطبيب الأربعيني ورمقه مستخفًا وهو يقول :
- مين قالك تتصرف من دماغك! لسه في محضر هيتعمل وشرطة جاية في الطريق وكمان الدكتور اللي هيعمل العملية زمانه على وصول

فـ أشار "يونس" للمكان من حوله وهو يزأر فيه بـ نبرة محتقرة :
- أنت فاكرني هخليها تعمل عملية زي دي هنا!! بص حواليك كده.. أنا حاسس إني في مستشفى محدش زارها من ٢٠ سنة

فـ أشاح الطبيب وجهه وقال بفتور :
- والله ده اللي عندي

عاد "يزيد" إليه موفضًا وهو يقول :
- أنا دبرت عربية الإسعاف اللي هتنقلنا يايونس ، يلا بينا

فـ صاح فيهم الطبيب وهو يوزع نظراتهِ عليهم :
- إيه اللي بتعملوه ده؟! ، أنتوا بلطجية ولا انتوا مين!

قبض "يونس" على تلابيبهِ فجأة واجتذبهُ بعنفٍ شديد حتى سقطت نظارتهِ الطبيّة على الأرض، وصاح في وجهه بشكلٍ أرعبهُ حتى جفّ حلقهِ من فرط الذعر :
- أنت تـــخـــرس خـالـص!! ورب العزة أنا حايش نفسي عنك بالعافية من ساعة ما شوفت خلقتك

ارتجف الطبيب وهو يحاول نزع يديه التي تقبض عليه بقوة، بينما تدخل "يزيد" وحلّ بينهما بصعوبة وهو يدفع شقيقهِ برفق :
- يايونس هتلبسنا في الحيط وإحنا أولى بكل دقيقة

فـ هدر الطبيب بصوتهِ قائلًا :
- أنا هعملك محضر تعدي على موظف أثناء تأدية عمله وهوديك في داهيه

فـ زأر "يونس" بصوتٍ خشن أخرسه :
- أعلى ما في خيلك أركبه يا ××××، ولو حقيقي راجل أعملها

ابتعد "يونس" برفقة أخيه مسرعًا من أمامهِ بدون أدنى اكتراث، بفضل دائرة المعارف الواسعة، استطاع "يونس" الخروج من هنا بسيارة إسعاف مُجهزة تنقل "ملك" لواحدة من أكبر مشافي القاهرة، حيث ينتظرها بالفعل طاقم طبي سيشرف على حالتها، بعد اضطرارهم اللجوء لأحد مشافي المركز الصغيرة للقيام ببعض الإسعافات الصغيرة التي تُفيد في وقف نزيفها الذي لم يتوقف بأي شكل سوى بالتدخل الطبي في المشفى.
تجاوز "يونس" الإبلاغ الذي قامت به المشفى، وتجاوز تهديدات الطبيب الفارغة، وذهب من هنا إلى القاهرة، حتى تتم معالجتها في الحال.
...........................................................................
لم يمرّ كثيرًا من الوقت على وصول "ملك" للمشفى الخاص الذي استقبلها استقبالًا عاجلًا، وأشرف على حالتها رئيس الأطباء بنفسهِ بعد علمهِ بصلة "يونس" بها.. فورًا تم انضمام فريق من الأطباء والمساعدين لغرفة العمليات، وخضعت هي بكامل غيبوبتها لهم لمدة استغرقت أقل من ساعة.. ولكنها مرّت گمرور الدهور الطويلة على منتظريها.
كانت حالة "يونس" تزداد سوءًا بمرور الوقت، لم يستطع التحكم في نفسهِ ولا في دموعهِ التي انهمرت گالشلالات، بدون أي اعتبار لشئ ، حاول "يزيد" التخفيف عنه، لكنه فشل مرارًا، فقرر أن يتركهُ وحدهُ قليلًا.
جذب انتباهه صوت أقدام ترتطم بـ الأرضية، فـ رفع بصرهِ ليجد "عيسى" يركض ناحيتهِ.. مسح على وجهه ونفخ منزعجًا من نفسهِ وغمغم بـ :
- يارب صبرني

توقف "عيسى" قبالتهِ وقد كسى الخزي وجهه، شاعرًا بالضيق الشديد لغيابهِ عنهم عدة أيام مما أدى لهذا الحال ، وأعرب عن أسفهِ هذا قائلًا بنبرة ملأها الندم :
- سامحني ياباشا، لو كنت موجود مكنش حد هوب من المزرعة

أشاح "يونس" بوجهه وهو يرفع عنه ذلك الذنب العظيم :
- أنت ملكش دعوة، أنا اللي غلطان.. رغم إني كنت حاسس من الصبح إلا إني غلطت وخرجت وسيبتها، كان فين عقلي وانا بتحرك من هناك بعد مـ.......

تجمد لسانهِ، واشتعلت رأسهِ بالتفكير وربط الأمور سويًا معلنة عن بداية إفاقة جديدة بعد نومٍ عميق.. اتسعت عيناه عن آخرها، ورمى بصرهِ صوب "يزيد".. ثم هرع إليه و :
- يـزيد!!

التفت "يزيد" وتقدم من شقيقهِ ليقلل المسافات بينهما، ليسأله "يونس" على الفور :
- أنت قولت إنك نسيت تليفونك في الشركة؟

فـ أومأ "يزيد" رأسه يكاد الجنون ينهش رأسه من فرط الشك :
- آه

فـ انفعل "يونس" وصاح عاليًا :
- يعني إبن الـ ××××× اللي بعتلي الرسالة واحد من الشركة! في حد مدسوس جوانا وإحنا نايمين على ودانا، مش بعيد تكون الـ ×××× غالية عرفت مكان المزرعة من الدسيس بتاعها، ورحمة أبويا ما هسيبها

فـ تدخل "عيسى" وهو يضغط على كتفهِ قليلًا ليهدأ و :
- أهدا ياباشا وكل حاجه هتتكشف، نطمن بس على ملك هانم وبعدها هجيب اللي كان السبب تحت رجلك

فـ التفت "يونس" إليه وزأر بصوتٍ هائج متمرد وهو يتوعد الجميع :
- واحد منهم محبوس في مزرعتي دلوقتي، مش هرحمه ولا هسيبه يتهنى بالنفس حتى، أطمن عليها الأول وبعدها هجيب عاليها واطيها

- يــونـس!

استدار "يونس" على أثر صوت "كاريمان" الذي ظهر من خلفه، مسح عيناه المنتفختين وأوفض نحوها، بينما كانت هي گالتي تركض بدون اكتراث لما تعانيهِ من آثار الهرم.
توقفت في المنتصف وهي تتنفس بصعوبة، وسألت بصوتٍ خالجهُ البكاء :
- هي فين؟ طمني عليها

فـ تماسك "يونس" بصعوبة شديدة أمام انهيارها و :
- في العمليات لسه، إيه اللي جابك بس يانينة وجيتي إزاي لحد هنا!

فـ انفرطت دموعها من بين جفنيها المحمرين، وخارت قواها بعد كل هذا المجهود، استندت على عكازها لئلا تقع أرضًا و :
- آآه.. حصل كل ده إزاي وأمتى !

أمسك بها "يزيد" وقادها نحو ساحة الإنتظار وهو يواسيها :
- يانينة أهدي بالله عليكي، هتكون كويسة وهتقوم منها متخافيش

وما أن ابتعد بها عن "يونس" همس لها :
- نينة أرجوكي متعمليش كده قدام يونس، هو مش ناقص

استند "يونس" بظهرهِ على الحائط، ونظر بعينان تائهتان لغرفة العمليات، انقبض قلبهِ انقباضة مؤلمة لم يرتخي بعدها، وخرج رجائهِ متحشرجًا مكسوًا بنبرات البكاء :
- متعمليش فيا كده ياملك! قومي عشان خاطري، أرجوكي تقومي

أطبق جفونهِ مُدعيًا التماسك، ومع صوت فتح الباب خفق قلبهِ ظنًا بإنه سيسمع صوتها الناعم يناديه من جديد.. قفز من مكانهِ مسرعًا نحو الطبيب الذي خرج في أعقابهِ رئيس الأطباء بنفسهِ، وقبل أن يردف بأي كلمة.. كان رئيس الأطباء يتحدث من أسفل قناع وجهه المعقم باديًا عليه الجدية الزائدة :
- العملية نجحت واستأصلنا الكلية المطعونة، لكن في مشكلة أكبر من كده بكتير

توقفت أنفاسهِ لحظات مع تضاعف ضربات قلبه :
- إيـه هي؟؟

أجفل رئيس الأطباء رأسه وهو يُفسر الوضع :
- كان لازم نتأكد من سلامة الكلية التانية واللي هيكون عليها عبئ الجسم كله.. لكن للأسف اكتشفنا إنها مُصابة بالضمور
- ضمـور..!!

أعاد "يونس" التفوه بتلك الكلمة التي وقفت في حلقهِ گالعلقم المرير، غير قادر على تجاوزهِ أو ابتلاعهِ.. تحطم أملهِ الأخير الذي قضى ساعاتهِ الأخيرة يرجوهُ ويتضرع به، وباتت أمنيتهِ الوحيدة عبارة عن سراب بـ اعتراف واحد من الطبيب.
غرز "يونس" أصابعهِ في رأسهِ يحكها بعنفٍ أدمى طبقات جلدهِ المخدوشة، وسأل بصوتٍ مبحوح بالكاد خرج من جوفهِ الجاف :
- يعني إيه!؟

فـ شبك الطبيب المساعد يديهِ سويًا وهو يُفسر له، وتعابير وجهه يملأها الأسف :
- يعني خلاص العضو الحيوي المُصاب مبقاش صالح وجوده في الجسم .

تماسك "يونس" بصعوبة بالغة، فـ سأل "عيسى" نيابة عنه وقد شعر بحجم المأساة التي يعيشها ربّ عمله الآن، والتي أفقدتهُ توازنهِ وقدرته على التحدث :
- وبعدين؟

فـ أجاب رئيس الأطباء مرة أخرى :
- الكلية كانت ملتهبة التهابات شديدة لدرجة إنها اتصابت بالضمور ده ، والجسم كان كل اعتماده على الكلية السليمة اللي اضطرينا للأسف نشيلها

فـ بادر "يونس" قائلًا بصوتٍ متحشرج :
- بس ملك عمرها ما اشتكت من حاجه! عمرها ما قالت إن كليتها تعبانة وانا عمري ما لاحظت عليها ده!
- ده طبيعي، ساعات كتير جدًا المريض ميكونش حاسس بأي أعراض لحد ما العضو يتلف نهائيًا وبتكون نتايج العلاج ميؤوس منها تمامًا وقتها

ثم وضع أمامهم الحل المتاح :
- الحل الوحيد دلوقتي هو زرع كلى جديدة، تتوافق مع أنسجتها ويتقبلها جسمها

فـ هزّ "يونس" رأسهِ بموافقة مؤكدة و :
- أعمل أي حاجه يادكتور ، أي حاجه
- إحنا اتواصلنا مع القسم المتخصص عشان يبلغنا لو توافر العضو ده وكمان هنوصل الطلب لعدة مستشفيات، لو تقدر تتصرف أو ليك أي طريقة تتواصل بيها مع مستشفيات من برا مصر آ......

فـ أشار "يونس" لـ "عيسى" مقاطعًا رئيس الأطباء :
- اتواصل فورًا مع دكتور حبيب ياعيسى، خليه يشوف الموضوع ده بسرعة
- حالًا

ثم نظر "يونس" بـ إتجاه الطبيب وأردف بتلهفٍ :
- هنتصرف بأقصى سرعة، بس طمني عليها من فضلك

أجفل رئيس الأطباء جفونه، فـ تناوب الطبيب المساعد التحدث نيابة عنه :
- مش هنقدر نفيدك بأي حاجه دلوقتي لحد ما ننفذ الحل الوحيد اللي قدامنا ياأستاذ يونس ، وإلا حياة المريضة هتكون في خطر حقيقي.. إحنا هننقلها دلوقتي للرعاية المركزة، وطبعًا عارف إن الزيارات ممنوعة

قبض "يونس" على جفنيه بينما انصرف الطبيبين، استند على الجدار وابتعد حتى بلغ المقعد.. وقبل أن يجلس كانت الممرضة تخرج وهي تحمل حوائج "ملك"، اضطرب "يونس" وهو يرى ملابسها عبر الحقيبة الشفافة والممرضة تقترب منه بها، ثم ناولته إياهم و :
- دي حاجه المريضة

تناولها منها وعيناه مرتكزة عليهم، فتح الحقيبة وبدأ يفحص محتوياتها وملابسها الغارقة بالدماء التي تجلطت.. انتشرت رائحتها على الفور، فـ اقشعر سائر بدنهِ وهو يتلمسها بأطراف أنامله المندملة، شعر بذلك الملمس الصوفي، فـ انتزع ذلك الشئ وتفحصهُ.. تلك (الكوفية) الغارقة بعطرهِ والتي صنعتها خصيصًا من أجله، مغموسة بدمائها أيضًا ، فـ ارتجفت ساقيهِ وترك جسدهِ يقع على المقعد، ضمّ كل شئ لصدرهِ وطفق يبكي بكاءًا غزيرًا، سيطر عليه الخوف من فقدانها.. بينما كانوا على غرة حياة جديدة، يصيبهم ذلك لتندفن كل أمانيهم، ويبقى أملهِ الأخير مُعلقًا بتلك العملية الخطيرة التي عليها الخضوع لها، وإلا ضاع كل شئ.
يتبع.....
لقراءة الفصل التاسع والستون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات