القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والستون 62 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والستون 62 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والستون 62 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الثاني والستون 62 بقلم ياسمين عادل


لم يستطع "يزيد" بأي شكل كتمان ضحكتهِ، يشعر وكأن قلبهِ قد يتوقف في أي لحظة من فرط الضحك الذي تملكهُ وهو يتخيل انطباع وتعابير وجهها بعد تلقيها هديتهِ.
ارتشف رشفة ماء يحاول بها تمالك نفسهِ استعدادًا لمواجهتها، بالطبع لن تُفوت فرصة الشجار معه أو على الأقل الإنفعال عليه.. ظل منتظرًا للحظة التي ستدخل فيها لغرفتهِ؛ ولكن قطع لحظتهِ تلك مكالمة "يونس" التليفونية التي أجاب عليها فورًا وعاد لـ إعداداتهِ المنضبطة الجادة بفضلها :
- أيوة يايونس انت فين؟ آه طبعـًا مستنيك

وقف "يزيد" عن مقعد مكتبهِ وزفر زفيرًا محتقنًا وهو يرد على عرض أخيهِ :
- لأ مش هاجي المزرعة، لما نينة ترجع القاهرة هبقى أروحلها

طرقات على الباب أعقبها دخول "نغم" عليهِ، فـ التفت إليها وهو يكاد يُنهي محادثتهِ مع أخيه و :
- أول ما تيجي عرفني أو تعالى على طول، سلام

أغلق المكالمة في اللحظة التي اخترقت فيها رائحة القهوة أنفهِ، وعلقت أنظارهِ على فنجان القهوة الذي تمسك بهِ وهي تقترب منه قائلة :
- في معاد لـ مستر طاهر بعد ربع ساعة مع حضرتك

نظر "يزيد" لساعة يدهِ الفضية و :
- تمام، ويونس زمانه طالع عندي لو جه قبل ما يخرج من عندي استضيفيهِ لحد ما نخلص

فـ أومأت برأسها وهي تضع المستند على سطح المكتب، وبجوارهِ تركت فنجان القهوة وهي تقول :
- القهوة دي عشانك

فـ ابتسم مسرورًا من صنيعها، وسألها بفضول شديد :
- فطرتي؟

فـ أجابتهُ بصوتٍ طبيعي للغاية لا يحمل أي غضبٍ منه أو امتعاض:
- آه، فطرت قبل ماانزل وعملت ليا قهوة برا.. شكرًا على الفطار اللي جيبته مكنش ليه لزوم تتعب نفسك

للحظاتٍ تعقبت عيناه مركز بصرها المتعلق به، محاولًا أن يستشف أي لمحة إنزعاج، ولكنها كانت على طبيعتها لحدٍ أزعجهُ هو.. فـ أخفض بصرهِ عنها وانتقل بخطاه نحو المكتب قائلًا :
- مفيش تعب ولا حاجه، أتفضلي انتي

فـ استدارت شاعرة ببعض الراحة بعدما تأكدت من إن فتورها وتجاهلها لما فعل أزعجه، وخرجت وهي تُـ تمتم بخفوت :
- أنت اللي بدأت

جلس "يزيد" وفتح الحاسوب أمامه، استبعد عن تفكيرهِ أي شئ قد يُلهيه عن العمل، وسحب قهوتهِ وهو مرتكزًا بكامل حواسهِ على الحاسوب، ارتشف رشفة كادت تنزلق في حلقهِ مباشرة، لولا إنه بصقها في التو ومسح فمهِ بمنديل ورقي وقد بدأت استشعاراتهِ الحسية تشعر بمزيج من المذاق الحار والحادق في آنٍ.. التهبت شفتيهِ وراح يُرطبها فورًا بـ رشفة ماء، ولكنها لم تُفيده بل إنها سعّرت حرارة لسانهِ أكثر، فـ هبّ واقفًا وقد تلونت بشرتهِ بـ حُمرة قاتمة، وأردف ساخطًا :
- آه يابنت المؤذية!!

وهمّ ليخرج من غرفتهِ متجهًا إليها والحُمم تتقافز من بين نظراتهِ قفزًا، ولكن ألجمهُ وجود "يونس" وهو يتحدث معها :
- أنا نظمت مع عيسى، كمان ساعة هييجي ياخدك

فـ تدخل "يزيد" بـ دورهِ منفعلًا :
- ياخدها فين يايونس! الهانم مأخرة شغل من امبارح

فـ نفت "نغم" ذلك على الفور :
- لأ أنا مخلصة كل حاجه، حتى الإيميلات بعتها كلها لما روحت امبارح

فـ انتقلت نظرات "يونس" لـ "يزيد" الذي كان في ذروة غضبهِ :
- برضو هتخرجي في معادك

فـ ابتسمت "نغم" بوداعةٍ أشعلت النيران فيه أكثر :
- اللي تشوفه يامستر يزيد

ولأن "يونس" يعرف جيدًا ردود فعل شقيقهِ السريعة، وقبيل أن يكون لـ "يزيد" ردًا متهورًا عليها، تدخل فورًا وهو يستبق "يزيد" للداخل :
- تعالى يايزيد، في موضوع مهم لازم نتكلم عنه

حدجها "يزيد" محتقنًا، وأردف بـ اقتضاب :
- ماشي يانغم

ودخل في أعقاب أخيه، بينما كبحت هي ضحكتها بصعوبة بالغة حتى أصبحت بمفردها، ومن ثم وضعت يدها على فمها لـ تُخفض من صوت قهقهتها، وجلست في مكانها وهي تغمغم :
- تستاهل

نفخ "يزيد" وهو ينزع سترتهِ شاعرًا بحرارة جسده التي ارتفعت فجأة، ثم سأل مباشرة :
- كنت عايزني في إيه يايونس؟

فـ تحدث "يونس" بدون التطرق لأي موضوعات أخرى :
- المستثمر اللي كان جاي يقابلك امبارح
- ماله؟

فـ أردف "يونس" بحكمهِ النهائي فيما يخصهُ :
- مش عايزه

اندهش "يزيد" وسأله قاطبًا جبينه :
- ليه؟

فـ صرّح "يونس" بـ :
- حاسس إني شوفته قبل كده لكن مش فاكر فين، مش مرتاح لوجوده

فـ لم يعارضهُ "يزيد" أو يتجادل معه، بل وافق على الفور :
- معنديش مشكلة، لكن سيبها تيجي بطريقة أشيك من كده لأني بالفعل قعدت معاه واتكلمنا
- أعمل اللي تشوفه، المهم إني مش عايزه

واستطرد متابعًا حول أمرٍ آخر :
- في حاجه كمان، الـ ٢٥ ٪ بتوعك لسه معايا شوف يناسبك أمتى عشان نروح سوا أعملك التنازل

فـ لم يهتم "يزيد" بالأمر كثيرًا آمنًا له :
- مش هتفرق، الوقت اللي تحدده

ثم سأل :
- هو انت رايح المزرعة من دلوقتي ليه؟ ما تخليك هنا معايا

فـ تأفف "يونس" بضجر من تلك الأجواء و :
- أنا زهقت من الشركة، أنت عارف إني من الأول مش ميال للشغل هنا، أنا رجعت عشانك أنت لكن خلاص، كل حاجه رجعت لأصلها ومبقاش في داعي لوجودي كتير

فـ اعترض "يزيد" على قرار أخيهِ، مُدينًا "ملك" في هذا الأمر :
- أنا مش موافق على الكلام ده، يعني لو ملك هانم رجعت القاهرة وعاشت هنا هترجع انت للشركة!

فـ نفى "يونس" تعلق الأمر بـ "ملك" و :
- ملك ملهاش دعوة بقراري، أنا من الأول عايش هناك من قبل أي حاجه

وأضاف "يونس" وقد ارتسمت على محياه بسمة :
- وبعدين المفروض تتعود على وجود ملك يايزيد، خلاص ملك هتكون مراتي

بُهت "يزيد" واتسعت عيناه محدقًا في أخيه، رغم علمهِ المُسبق بـ نوايا "يونس" وميلهِ لـ "ملك"، ولكنه تفاجأ رغم ذلك :
- خلاص قررتوا يعني! وأنا كيس جوافة حتى متقوليش!

فـ ضحك "يونس" لما حملتهُ تعابير "يزيد" من مشاعر الغبطة من "ملك" و :
- ياعم شايفني خلاص نصبت الكوشة! ده مجرد قرار لسه فاضل وقت على تنفيذه

ثم أضاف مُلمحًا لشئ ما :
- وبعدين ما تشوف حد يشغلك بقا، يمكن تشيل ملك من دماغك

عقد "يزيد" حاجبيهِ متفهمًا إلام يرمي شقيقهِ، ولكنه تصنّع الجهل رغم ذلك :
- مش عايز أشوف حد، أنا خلاص اعتكفت عن الحاجات دي، كفاية علينا أنت

فسأله "يونس" بفضول شديد :
- يزيد، ليه حاسس إن في حاجز بينك وبين ملك دايمًا؟

تجهم وجه "يزيد" مع سؤال شقيقهِ الذي أحيا كثير من الذكريات الغابرة التي مرّ عليها أكثر من إحدى عشر عامًا، منذ اللحظة التي علم فيها بخيانة "منار" لزوجها "إبراهيم" وتوالت الأحداث من بعدها لـ قتلها وعشيقها معًا، هذه الأحداث شيدّت بينهُ وبين إبنة عمهِ التي كانت طفلة حينها جدارًا لا يعلم سببه، هل كرهها بذنب أمها أم ماذا؟ لا يعلم، ولكنه بالفعل هناك سدًا بينهما دائمًا، وهذا ما جعل بداخله شعور الغيرة الدائمة كونها قريبة لهذا الحد من شقيقهِ.
دخل "يزيد" في دوامة التفكير واستعادة الماضي وشرد بذهنهِ بعيدًا، حتى وجد يد "يونس" توضع على كتفهِ لـ يستل من تفكيرهِ :
- يزيـد!! هو السؤال غريب أوي كده؟؟

فـ أجابه "يزيد" ببعض من الحزم :
- أنت بعت كل حاجه و كذبت على ملك عشان تخبي عنها الماضي كله ومتقدرش توصل لحقيقة قتل عمي لأمها، طالما دفنت الماضي بأيدك متسألنيش عنه

فـ خمّن "يونس" بدلًا عنه :
- يعني شيلت جواك منها بسبب أمها! ، بس ده ظلم.. ملك ملهاش أي ذنب في اللي حصل، بالعكس كانت ضحية

فـ أولاه "يزيد" ظهره و :
- مش مهم أنا يايونس، المهم ان انت موجود وشايل الأمانة على راسك، سيبك مني خالص
- على راحتك، أنا همشي وعيسى هيبقى ييجي ياخد نغم لما تخلص شغلها زي ماانت عايز

حلّ "يزيد" رابطة عنقهِ قليلًا عن رقبتهِ و :
- هي نغم رايحة المزرعة ليه؟
- هتقضي يومين مع ملك، وانت لو غيرت رأيك هستناك تيجي

جلس "يزيد" على المقعد المقابل لمكتبهِ و :
- ممكن آجي عشان أشوف نينة، وحشاني

فـ ضحك "يونس" وهو يخطو نحو الباب وقال قبل أن يخرج :
- ماانا عارف، سلام

حمحم "يزيد" بعدما خرج شقيقهِ ورفع ساق على أخرى وهو يغمغم بـ :
- أكيد مش هروح عشان نغم يعني!
..............................................................................
اليوم وكما وعدها مُسبقًا، سـ يدربها بنفسهِ على ركوب الخيل مثلما تمنّت.. ولذلك كان "يونس" قد استعد مرتديًا ثيابهِ الخفيفة المكونة من (تيشيرت) أبيض كما تحب هي أن تراه وسُتره سوداء مكشوفة الذراعين، بجانب بنطال أسود سهل الحركة.
خرج "يونس" من الحظيرة وهو يحمل بعض المُعدات التي سيضعها على ظهر الفرسة "ريحان" والفرس "فرحان"، تركها أرضًا ورفع بصرهِ صوب "ملك" التي كانت تنتظر تلك اللحظة بتحمسٍ زائد، ثم ابتسم مُبرزًا أسنانهِ وهو يُعبر عن سعادتهِ لتغييرها الثياب السوداء التي واصلت إرتدائها لأكثر من شهر مضى :
- أنا اتبسط عشان غيرتي الأسود، اللون الأزرق حلو أوي عليكي

فـ اتسعت ابتسامتها وهي تنظر لـ كنزتها الزرقاء القطنية و :
- نينة شالت كل الهدوم السودا وأصرت عليا أغيرها

ثم نظرت "ملك" بالإتجاه الآخر حيث تجلس "نغم" منذ وصولها مع "كاريمان" أسفل البرجولة المصنوعة من الخوص في زاوية الحديقة الفسيحة و :
- نغم انسجمت مع نينة أوي
- مفيش حد يعرف كاريمان ومينسجمش معاها

وضع "يونس" السَّرْج (مقعد ثابت لجلوس الراكب) على ظهر "ريحان وبدأ في تجهيزهُ ليستقبل ركوبها أعلاه، ثم ضبط الرِكاب، وهو إطار أو حلقة صغيرة يضع الفارس قدمه بداخلها ويتم وصلها بـ السّرج عن طريق سَير جلدي يطلق عليه "سَيْر الركاب".
ثم التفت لها وسأل :
- مستعدة !؟

فركت "ملك" أصابعها سويًا وهي تنظر لـ" ريحان" بتوجسٍ و :
- مش عارفه، دي أول مرة هركب حصان وخايفة

مدّ يدهِ لها، فـ وضعت كفها بين أصابعهِ لـ يُختخت بعدها بنبرةٍ رومانسية :
- بس أنا هكون في ضهرك

فـ توردت وجنتيها على الفور، مما دفعهُ للتغزل بها في الحال وهو يلمس طرف خدها :
- خدودك بقت عاملة زي حبيتين الفراولة

فـ صدرت ضحكتها السعيدة وهي تُشيح بوجهها بعيدًا عن نظراتهِ، وقالت بخفوت ناسب تمامًا حيائها منه :
- كفاية يايونس

فـ قبض كفهِ على أصابعها مُشددًا على قولهِ :
- تـؤ، مفيش حاجه في الدنيا تكفيكي

ثم أشار برأسهِ لـ "ريحان" و :
- يلا

فـ استجمعت شجاعتها و :
- يلا

طوق خِصرها بذراعهِ وهو يساعدها للصعود على ظهر الفرسة، حتى جلست أعلاه فـ أصدرت "ريحان" صهيلًا وحركت ساقيها عن الأرض كأنها ترحب بها.. فـ صرخت "ملك" بذعر وهي تتشبث بـ السّرج :
- هـتـوقــعنـي!

فـ قهقه "يونس" وهو يمسح على رقبة "ريحان" و :
- متخافيش دي كده حبتك

وبمهارة فارس مُتدرب، قفز قفزة رشيقة حتى أصبح خلفها تمامًا.. أحاط خصرها بكلا ذراعيهِ والتصق ظهرها بـ صدرهِ وهو يتحكم في اللجام المربوط بالرسن، وعندما أصبح على أهبة الإستعداد سألها للمرة الأخيرة :
- مستعدة؟

فـ زفرت زفيرًا عميقًا وهي تُصرح بتخوفها :
- أنا خايفة

فـ كان جوابهِ سبب بث بعض الطمأنينة بداخلها :
- بـحبك

فـ انبعجت شفتيها بـ سعادةٍ غمرتها حتى تناست أين تكون، وأردفت بنبرة ناعمة تغلغلت لمسامعهِ مُسببة له انتشاء غير طبيعي :
- وانا بحبك أكتر

فـ نفخ بـ أنفاسهِ الحارة على أذنها حتى اقشعرت و :
- تؤ، أنا أكتر.. بـ كتير

وهنا طارت "ريحان" راكضة بكلاهما لتتجول بهما قليلًا في مُحيط المزرعة، وهي تتشبث بـ ذراعيهِ بينما هو محكمًا إياهم عليها، تغلفهم السعادة التي امتشجت بالمرح، رويدًا رويدًا بدأت "ملك" تعتاد على "ريحان"، خاصةً وإنه معها، وهذا دفعها لأن تُقدم على ذلك بدون خوف، فـ هي تثق تمامًا إنها آمنه بين يديهِ.

انتهت "كاريمان" من الضحك حتى أدمعت عيناها من فرطهِ، ثم أردفت بـ :
- مش ممكن يانغم، دمك خفيف أوي أوي

فـ ابتسمت "نغم" بتودد وهي تقول :
- أنتي اللي عسل ياطنط، ملك محظوظة إنك معاها هنا

فـ نظرت "كاريمان" بـ اتجاه عصافير الحُب اللذان يطيران بالفرس ، وابتسمت بسعادةٍ شديدة وهي تقول :
- أنا اللي محظوظة إن بقا ليا حفيدة جديدة غير يونس ويزيد

انفتحت البوابة وبدأت السيارة تدخل لـ تعبر الممر الطويل، فـ قطبت "كاريمان" جبينها قائلة :
- أهو يزيد جه على السيرة

لا تعلم على تفرح لوجودهِ، أم تُرثي حالها لأنها ستضطر على معاملتهِ برسمية مرة أخرى ؟ ، ولكنهم في مكان سيجمعهم ليوم كامل على الأقل.. حتى وإن انتهى بفراق جديد، يكفيها بعض الوقت.
أظهرت "نغم" لامبالاة لتواجده وكأنه لا يُشكل فارقًا معها، وعندما ترجل من سيارتهِ وأقبل عليهم كانت مُبعدة أنظارها عنه.. حتى وصل إليهم وأقبل على جدتهِ قائلًا :
- وحشتيني ياكوكي

وانحنى لـ يُقبل يداها، رمقتهُ بـ استهجان بدون أن تجيب، فـ بادر هو قبل أن تقوم بـ إحراجهِ گعادتها :
- عارف عايزة تقولي إيه، حقك عليا بس من ساعة ما جيتي المزرعة وانا مش عارف أجيلك

فـ تلوت شفتي "كاريمان" غير مصدقة تبريره الضعيف و :
- على أساس إني كنت بشوفك لما كنت في بيتي في القاهرة!

ضحكت "نغم" متشفية به، فـ انتقلت نظرات "يزيد" المتبرمة نحوها ، بينما كانت "كاريمان" تعرفهِ عليها :
- دي نغم صاحبة ملك

فـ تقوست شفتي "يزيد" وهو يجلس قبالتها قائلًا :
- ماانا عارف

فـ سألتها "كاريمان" :
- أنتوا تعرفوا بعض؟

فـ أجاب "يزيد" نيابة عنها :
- نغم تبقى سكرتيرة مكتبي يانينة، هي مقالتلكيش ولا إيه!

فـ تدخلت "نغم" بدورها :
- مجتش مناسبة، كنا بنتكلم في مواضيع تانية

فـ تهكم "يزيد" مستخفًا بها :
- مواضيع زي إيه؟ الأكل مثلًا؟.. ماانتي متعرفيش غيره!

فـ احتدمت نبرتها هي وتسأله :
- ولما أنا معرفش غيره، عينتني سكرتيرة لمكتبك ليه من غير حتى ما تبص على السي ڤي بتاعي!!.. هه !؟

فـ أشاح بوجهها بعيدًا عنها :
- أعتبريها منحة

فـ هبّت "نغم" واقفة من مكانها وقد أشعلت كلمتهِ غضبها المكتوم منه منذ مدة :
- يعني بتشفق عليا! ليه شايفني متسولة ولا مش لاقيه؟

فـ نهض من مكانهِ شاعرًا بـ أن كلمته لم تكن في محلها تمامًا وتحولت لمعنى لم يكن يقصده :
- لأ طبعًا، أنا معنديش شفقة في الشغل، لو مكنتيش مجتهدة وشايلة مسؤولياتك مكنش زمانك في المكانة دي دلوقتي

فـ هدأت قليلًا بعدما سحب هو كلامهِ و :
- كويس إنك اعترفت بـ ده

ثم نظرت لـ "كاريمان" التي كانت تتطلع لمشادتهم القصيرة بصمتٍ واستأذنت منها :
- عن أذنك ياطنط هغير هدومي عشان أركب خيل معاهم

فـ سمحت لها "كاريمان" :
- طبعًا ياحببتي، أتفضلي
- شكرًا

فـ غمغم "يزيد" وهو يتعقبها بنظراتهِ :
- خيل! الله يرحم أبوكي

وقفت "كاريمان" قبالته ورمقته بنظراتٍ يعرفها جيدًا، وابتسمت ابتسامة عابثة وهي تقول :
- يعني نغم تبقى السكرتيرة الخاصة بتاعتك؟

فـ أجابها بدون انتباه لـ نظراتها :
- آه

وعندما التفتت أنظاره إليها وهي تتابع حديثها قرأ تلك الكلمات التي لم تبوح بها مباشرة :
- Çok güzel." جميل"

فـ أشار لها "يزيد" بسبابتهِ محذرًا :
- أوعي تفكري في اللي بتفكري فيه يانينة، أكلمك باللغة اللي بتفهميها، Yapma. "لا تفعلي"

فـ ابتسمت "كاريمان" وهي تسأله بعبثٍ :
- ليه؟ Güzel kız ، Ona güveniyorsun. "بنت جميلة، بتثق فيها"

فـ أشار "يزيد" نحو شقيقهِ البعيد عنهم و :
- أنتي ركزي مع يونس وملك وأفرحي بيهم وسيبك مني أنا خالص، تمام ؟ اليوم طويل وانا لسه قاعد معاكي لحد بكرة متخلنيش أندم إني جيت

وهمّ ينصرف من أمامها قبل أن تحاصره من جديد، فـ ضحكت وهي تجلس على مقعدها من جديد وأردفت بـ :
- الولد فاكرني غبية بس على مين! ، مبقاش كاريمان لو اللي في بالي محصلش
.............................................................................
كانت إتصالاتها متكررة ولم تهدأ أو تكفّ عنها، منذ الأمس وهي تحاول التواصل معه ولكنها لم تصل لأي شئ.. حتى أصابها الضجر.
فـ تركت له رسالة صوتية على تطبيق المحادثات الشهير "واتساب" وقالت :
- "أنت فين يازُهدي؟؟ قالبة عليك الدنيا من امبارح، طمني عملت إيه؟"

وأرسلتها وهي تغمغم بسخط :
- هفضل محبوسة لحد هنا أمتى، لــحد أمـــتـى؟؟

وقذفت "غالية" بالوسادة الصغيرة الملحقة بالأريكة بعيدًا عنها و :
- أكيد زُهدي هيعرف يتصرف ويدخل بينهم، وإلا مش هيكون قدامي غير حـل واحـد مفـيش غيـره

وأظلمت عيناها وهي تتابع :
- طالما يونس كشفني وعرف إني وراها، يبقى ياقاتل.. يامـقتول
يتبع.....
لقراءة الفصل الثالث والستون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات