القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السادس والاربعون 46 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السادس والاربعون 46 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السادس والاربعون 46 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل السادس والاربعون 46 بقلم ياسمين عادل

إن كان حُبك حق، فـ أنا لا أترك حقوقي."
__________________________________________
كان فخورًا به، متباهيًا بصنيعهِ الذي لم يتخيل إنه قد يتحقق يومًا.. كل مخاوفهِ تبددت في اللحظة التي أعلن بها "يونس" إنضمام كل حصة "رغدة" له، إذًا لم يعد هناك جبهات أخرى تُحارب.
كاد يدخل إليه كي يتشاركا الإحتفال بهذه المناسبة السعيدة، ولكن "يونس" كان يخرج متعجلًا من غرفته لـ يلتقيا خارج حدود المكتب.. استطاع "يونس" أن يرى تلك البهجة التي طفت على ملامحه، فـ ابتسم هو الآخر :
- ما شاء الله وشك منور

فـ وضع ذراعهِ على كتف شقيق روحه و :
- لازم ينور طبعًا، أنت النهاردة حققت score ممتازة

ثم سأل بفضول مجتاحًا إياه :
- بس إزاي عملت كده؟ أقنعتها إزاي

فـ أعلن "يونس" برائته الكاملة من الأمر و :
- أنا معملتش أي حاجه، هي بنفسها اللي عرضت عليا نوقف الحرب دي وترجع الأسهم.. وطبعًا مكنش ينفع ترجعها ليك انت عشان منخلقش مجال للمشاكل بينك وبين معتصم، بس متقلقش ، أسبوع بالكتير والـ ٢٥ ٪ بتوعك هيتحولوا لحسابك

فـ تنهد "يزيد" بـ ارتياح وغطت الفرحة العارمة وجهه وهو يردف :
- ياأخي سبحان الله ربنا مش بيسيب حق حد

سعد "يونس" أكثر وهو يرى تحول حالة شقيقه، هنا تذكر كيف كانت حالته مزرية حينما طلب مساعدته لاسترداد حقوقهِ.. فـ ارتاح داخله الآن بعدما أتمّ مهمتهِ بسلام، وأعرب عن رغبته في الإرتياح قليلًا، أو ربما أجازة طويلة يعود فيها لمزرعتهِ كي ينسى كل ما عاشه من تكدس وضغوط بالفترة الماضية :
- أنا ممكن أسافر المزرعة خلال الفترة الجاية

فـ تجهم وجه "يزيد" رافضًا لتلك الفكرة و :
- لأ، أنت بتنسى نفسك لما تروح المزرعة وتقعد مع الخيل بتوعك

وتلوت شفتيه متابعًا :
- خصوصًا لو أخدت معاك ملك!

فـ انبعجت شفتي "يونس" بـ ابتسامة تؤكد تخمين "يزيد" :
- عرفت منين؟ أنا بفكر آخدها فعلًا عشان تغير جو

قاطعت "نغم" حوارهم عندما أتت وهي تنظر بـ اتجاه "يونس" و :
- دي الكشوف اللي حضرتك طلبتها، أنا ملقيتش كشف شهر ٩ للأسف عشان كده اتصرفت وطبعت كشف غيره

فـ تناولهم "يونس" منها ممتنًا من حسن تصرفها :
- شكرًا يانغم

ولكنه لاحظ شيئًا غريبًا بها، كأنها منطفئة وقد غابت عنها روحها المرحة اللطيفة، فسألها :
- أنتي كويسة ؟

فأجابت "يزيد" نيابة عنها :
- ماهي زي القردة أهي

لم ينفك عبوس وجهها وهي تتحدث لـ "يونس" متجاهلة "يزيد" نهائيًا :
- متقلقش أنا بخير، عن أذنك
- أتفضلي

ثم لكز "يونس" ذراع شقيقه وهو يحثّه على عدم إزعاجها :
- ما كفاية بقى تقل دمك ده!

تنحى "يزيد" جانبًا كي يُصرفه و :
- أتفضل، عارف إن وراك مشاوير مهمة.. حتى مش عايز أحتفل معاك بحاجه

فـ لم يتمهل" يونس" وخطى لينصرف بالفعل :
- سلام
.......................................................................
تشعر بالمرض، بأعراض بوادر إعياء..ولكنه ليس إعياء جسدي.
كأن قلبها مُتعب قليلًا.. سـ يُهلك بعلاقة لم تبدأ بعد، بل إنها ليست موجودة حتى الآن سوى في خيالاتها.
كانت "نغم" مُدثرة بالغطاء رغم اعتدال الأجواء، منذ أن عادت من الخارج وهي على تلك الحالة التي لم تعتاد عليها قط.. لم ينبض قلبها من قبل وعندما دقّ كان لشخص قط يكون لقائهم في المنتصف مستحيلًا.. أطبقت جفونها متضايقة من نفسها، كيف وصلت إلى تلك المنطقة الميؤوس منها؟ وتركت كل شئ يسير وفق الحظ.. أحست إنها لم تبذل مجهودًا بعد كي يراها، قد يكون هذا تقصيرها.
انتصبت "نغم" في جلستها وأبعدت الغطاء عنها.. فكرت قليلًا في الأمر، من ناحية لا تريد الدخول بينهما، قد يعود الزوجان السابقان لبعضهما مجددًا.. ولكن ناحية قلبها تُحدثها بإنها أولى بتلك الفرصة، لن يكون "يزيد" مضطرًا لحرب جديدة مع "معتصم" حينها.. ولكن كيف؟.. كيف ستجعله يراها؟.
نفخت "نغم" وهي تنهض عن الفراش وتحركت يمينًا ويسارًا بتوتر، إنها تفكر في أشياء لم يخطر على مخيلتها يومًا إنها تفكر فيها.. ستخوض حربًا لا تملك منها أي نسبة نجاح في ظل وجود حُب "يزيد" لزوجته السابقة، ولكنها تريد أن تجرب حظها فقط.. أن تفعل ما عليها فعله وتترك البقيّة للقدر، على الأقل تكون جاهدت قليلًا من أجله.
...........................................................................
كانت "ملك" تعبث بالشوكة في طبق الطعام الموجود أمامها فاقدة للشهية، بينما "يونس" يراقبها مختلسًا وهو يتناول طعامهِ.. ثم سألها :
- مش بتاكلي ليه ياملك؟

ثم نظر حوله و :
- لو المكان مش عاجبك ممكن نغيره!

فـ فاجئتهُ بسؤالها :
- هو انا منحوسة؟

تنغض جبينه بـ استغراب و :
- إيه السؤال الغريب ده؟

فـ تحدثت بتلقائية شديدة گعادتها :
- مفيش حاجه عايزاها بتحصل، ولو حصلت بيبقى الوقت غلط وتبوظ في الآخر

فـ ضحك وهو يشير لما حدث بالأمس :
- قصدك اللي حصل امبارح؟

فـ تركت الشوكة بقنوط و :
- كل حاجه، بابا والحالة اللي هو فيها، محمد وربيع وكل الناس اللي ظلمتني ، يزيد واللي حصل معاه امبارح وكنت هموت فيها، وحتى أنت.. مفيش فرحة بتكمل أبدًا

قطب جبينه بعدما مسح فمه من آثار الطعام و :
- أنا؟!.. أنا عملت إيه؟

فـ تلوت شفتيها وهي تنظر للإتجاه الآخر و :
- المشكلة إنك معملتش!

فـ ارتفع حاجبيه وهو يمنع ضحكة من التسرب إلى وجهه و حاول استدراجها في الحديث :
- معنى كده إنك كنتي مستنية مني حاجه معينة!

فـ انتبهت لما تقوله من تراهات ستفضح أمرها و :
- لأ، أقصد إنك دخلت في مشاكل كتير بسببي

عقد حاجبيه بعدم فهم وقد اختل توازن تفكيره من خلطها للأمور :
- إيه علاقة ده بالكلام اللي بنقوله؟
- مش عارفه، ممكن تكون زهقت مني و....

لاحظ توترها وتحدثها بسرعة، فقاطع منتصف حديثها الذي أزعجه و :
- ملك، ممكن تهدي.. أنا معملتش حاجه، أنتي بنت عمي وتخصيني، طبيعي كنت هبقى جمبك في أي وضع

كأنه اعترافه المتواري بكونها شئ يخصه راق لها كثيرًا.. فـ انبعجت شفتيها ببسمة طفيفة وهي تسأل برغبة في سماعها مجددًا :
- أخـصك؟

فـ أكد مرة أخرى :
- طبعًا تخصيني، مش أمانة عمي ويربطنا دم واحد

فـ عبست بعد جملته الأخيرة و :
- أمانة عمك!!.. يعني لما بابا يقوم بالسلامة هتسيبني أرجع البيت
- لأ

قالها فجأة وببعض الحِدة، لحظات وكان يستعيد لينهِ متابعًا :
- يعني نبقى نتكلم ساعتها

ثم نظر للطعام الذي فقد الشهية لتناوله، متذكرًا حالة "إبراهيم" التي لا تتقدم قط.. بل في آخر زيارة له بالأمس كان الطبيب يوضح بشكل مباشر إنه قد يموت في أي لحظة.
الأمر الآخر إنه لن يستطيع الإستغناء عنها، أصبحت ضمن أساسيات يومه الذي لا يجوز مروره بدونها .. وصل لحالة من الهوس لم يشعر بعد بإنها تزداد مع مرور الأيام، يخشى الآن أن يرفع بصره نحوها فيجدها تنظر إليه بعيناها تلك التي يفشل في مقاومتها، فـ ظل مُطرق عيناه للأسفل حتى آتاه صوتها :
- يونس

همهم وهو يرفع بصره نحوها ليقرأ تعابير وجهها التائهه :
- متتردديش، قولي اللي عايزة تقوليه ياملك
- هو سؤال محيرني، بخصوص مراتك الله يرحمها

كأن وجهه انقلب مائة وثمانون درجة، لم تفهم بالضبط ما الذي أصابه، تجهم.. حزن.. جمود، أراح ظهره للخلف محاولًا ألا يُبدي رد فعل فاتر و :
- الله يرحمها، مالها؟

ذمّت على شفتيها غير قادرة على الرجوع عن الأمر، فقد انطلق السهم من قوسهِ وأصبحت مجبرة على سؤاله :
- ماتت إزاي

تنفس "يونس" بصوت مسموع وهو يحيد ببصره عنها، فـ بررت "ملك" فضولها :
- أصل نينة قالتلي إن مامتها هي السبب.. وانا مفهمتش إزاي مامتها هي اللي قتلتها!

ضاقت نظراته وعيناه معلقة عليها يستمع بتركيز تشتت ما أن انتهت عبارتها.. ولا شعوريًا كان يستعيد ذكرى تلك الليلة الكاحلة التي قرر فيها كلاهما المبيت في الفندق بسبب كثرة أعمال التجديد في منزلهم، ثم يذهبا في الصباح لمنزل العائلة حيث ينتظرهم والده "حماد الجبالي" كي يقيموا معه بضعة أيام.

—منذ ثلاث سنوات —
استقر كلاهما في الغرفة الفاخرة التي قام "يونس" بـ حجزها لقضاء الليلة بعد حضور حفل زفاف إحدى صديقات "هانيا".. في الصباح نشبت المشاجرة الحامية بين "هانيا" ووالدتها بسبب رفض "يونس" للمكوث لديها حتى تنتهي أعمال منزلهم الجديد، لم تكفّ "غالية" عن تحريض ابنتها ضد زوجها الذي لم تحبه قط، فلم يسرق منها ابنتها فقط.. بل سرق انحياز "هانيا" له وهي التي كانت لا تترك والدتها يومًا واحدًا.. العديد من المشاجرات قامت بينهما وكانت "هانيا" دائمًا تنصف "يونس" الذي لم يبدأ قط بالعراك معها، بل كانت تستفزه هي لأقصى درجة حتى وصل الأمر إنها دخلت في مناقصة ضد "حماد الجبالي" فقط من أجل إرهاق "يونس" ومضايقته.. وهنا كانت بداية حرب جديدة بين العائلتين.
لم يكن "يونس" في حالة تسمح له بتناول الطعام.. فـ طلبت "هانيا" وجبة دسمة من الأسماك المتنوعة والأرز والسلطة أيضًا، وقررت تناول العشاء بمفردها.. رغم إنها لا تفعل ذلك في العادة ولا تتناول الطعام في هذه الساعة المتأخرة وخاصة الأسماك، لا تحبها كثيرًا.. ولكنها اشتهتها كثيرًا.
بينما كان "يونس" يقرأ في أحد الكتب التي ابتاعها حديثًا منغمسًا فيه بعمق.. وعندما حضر الطعام استقبل "يونس" النادل وجلب الطعام بنفسه إليها، فـ استقبلتهُ بـ قُبلة على طرف فمه و :
- ربنا يخليك ليا ياحبيبي

فـ ابتسم في وجهها وهو يُبادلها قُبلة أخرى :
- يلا بألف هنا، بس بلاش تتقلي أوي في الأكل

ثم نظر للطعام و :
- كنت فاكرك زيي مش بتحبي السمك! فاجئتيني!
- ماليش تقل عليه أوي، بس ريحته في مناخيري من الصبح

فـ أخفض بصره نحو بطنها وقال عابثًا :
- يبقى ولي العهد في طريقه لينا!

فـ ضحكت بصوت مرتفع و :
- لأ لسه، مجرد نفس بس

فـ خطى نحو الفراش ومدد عليه ليتابع قراءة كتابه و :
- خلي بالك بابا مش هيصبر أكتر من كده، ده بقى يفتح معايا الموضوع تقريبًا مرتين في اليوم

بدأت تتناول لقيمات صغيرة وهي تتابع الحديث معه :
- قريب ياحبيبي ان شاء الله

مذاق الطعام ورائحته الذكية جعلتها تأكل بشراهه لم تعتادها خاصة مع وجبات الأسماك.. خاصة (سمك الجمبري).. حتى شعرت بـ اكتفاء معدتها وامتلائها عن آخرها، فـ تنفست بصعوبة وهي تنهض عن الطاولة وأردفت :
- مش قادرة آخذ نفسي!

فـ نظر نحوها بـ اهتمام و :
- من أمتى بتاكلي الكميات دي ياهانيا؟

فـ بررت وهي تحاول أن تبدو طبيعية :
- مأكلتش كتير ، بس حاسة إن الأكل هو اللي كان تقيل عليا

ثم سارت نحو دورة المياه وكأنها ستتقيأ.. ركض "يونس" من خلفها ليطمئن عليها، بينما كانت تضع هي وجهها أسفل الصنبور كي تهدأ حرارة جسدها التي ارتفعت فجأة.. واعتدلت وهي تقول :
- شكلي أخدت برد في معدتي!

فـ خمن "يونس" من جديد وهو يتمنى صحة تخمينه :
- أنتي حامل بجد ولا إيه؟؟

فـ هزت رأسها بالرفض و :
- مستحيل، أنا لسه كنت تعبانة من يومين.. مش هلحق

أخرجها من دورة المياه وساندها حتى الفراش، مددت عليه بينما كان يقترح هو :
- طب هروح أشوف دكتور

فـ أطبقت على يده رافضة و :
- لأ ملهوش لزوم، هرتاح وهكون كويسة

وفجأة صرخت صرخة مدوية أفزعته وهي تقبض بكل أصابعها على بطنها :
- آآآآه، آه مش قادرة.. بطني

فـ هبّ "يونس" واقفًا بتوتر وكأن عقله توقف عن العمل :
- كده مش هينفع لازم دكتور
- بطني بتتقطع يايونس، ألحقني

فـ ركض ليخرج، ولكنه تذكر أن الهاتف سيعجل من مهمته، فـ عاد من جديد ليتواصل مع الفندق ويطلب طبيب بشكل عاجل، بينما كانت هي تتلوى في الفراش من فرط الألم الذي اعتصر معدتها ونشر البرودة في أطرافها وأنحاء جسدها كله.. ولم تكفّ عن الصراخ المستغيث وقد تفشّى الألم في بدنها كله...

— عودة للوقت الحالي —
- غالية متعرفش إني مش بحب السمك ولا باكله!

تنغض جبين "ملك" وهي تسأل بعدم فهم :
- يعني إيه؟
- يعني طول السنين دي نينة عندها حق، مش مجرد كلام في لحظة زعل
- مش فاهمه حاجه!!

نهض "يونس" بعدما أضاء عقله عقب سنوات من تلك الحادثة الأليمة التي أودت بحياة "هانيا" للموت.. تناول هاتفه وهو يبتعد عن طاولتهم ويجري مكالمة هاتفية هامة، صدره وصل لمرحلة من السخونة لم يكن يتخيلها، كأنه قدر يغلي على الموقد.. مجرد إحياء ذلك الموضوع جعله في حاله قد نساها، نفخ متضايقًا وهو يردف :
- أيوة ياعيسى.. عايز منك حاجه ، فاكر الفندق اللي قعدت فيه مع هانيا من ٣ سنين ؟

وكأن ملفات الماضي لا يجوز لها الموت.. ستنفتح يومًا ما وبشكل ما، فـ الحقيقة لا تموت ولا تُفنى.
............................................................................

ومع أول صبيحة له بدون "معتصم" والتفكير في شأنه، ذهب لمقرّ الشركة بعدما فشل في الوصول إلى "يونس"، يشعر بـ اختلاف شديد، كأن المكان أصبح حديقة غنّاء بكل أنواع الورود التي تُشرق الوجه.
توجه صوب الموظفة المسؤولة عن الطابق وسألها :
- مدام رغدة جت؟
- لسه يافندم

فـ أومأ رأسه بـ الإيجاب وسار نحو الرواق المؤدي لمكتبه.. تصادف مع "نغم" في الطريق، فسألته وهي متحاشية النظر إليه :
- مستر يونس لسه مجاش محتاجه أسلمه حاجه
- تعالي سلميني أنا

واستبقها نحو المكتب، يبدو إنه مشغول بالتفكير في أمر ما ولكنها لم تسأل كي لا تتلقى الجواب الذي تعرفه جيدًا.. دلفت لغرفة المكتب ووقفت قبالته بينما كان هو يرفع سماعة الهاتف الخلوي :
- القهوة بتاعتي لو سمحتي

وأغلق الهاتف وهو ينظر نحوها :
- في حاجه تاني ناقصة ولا ده الملف كامل؟
- كامل

فـ تناوله منها ونظر نظرة سريعة :
- شكلك مش طبيعي، في حاجه ؟

أطالت النظر إليه بدون أن تُجيب.. فـ رفع بصره إليها ليجد نظراتها الغامضة تلك والملفوفة بالإختناق، تنغض جبينه و :
- سمعاني يانغم؟

فـ أطرقت رأسها و :
- آه سامعه، مفيش حاجه

رنّ الهاتف، فـ أمرها أن تجيب نيابة عنه و :
- ردي على التليفون

والتفت هو كي يقوم بتشغيل شاشة التلفاز لمتابعة أخبار البورصة العالمية.. أجابت "نغم" وهي تقف جواره مباشرة و :
- ألو
- أيوة، ياريت تبلغي مستر يزيد إن مدام رغدة وصلت

فـ ارتبكت "نغم" بدون أن ترد عليها لبعض الوقت، في حين أن الموظفة أعادت القول :
- معايا؟
- آه، تمام

وضغطت "نغم" على زرّ الهاتف كي تفصل المكالمة وقالت :
- قهوة مظبوطة مش سادة

ثم وضعت السماعة بينما كان يقول هو :
- غريبة! المفروض إنها عارفه قهوتي

واستدار بالمقعد الضخم ليجدها أمامه مباشرة، فـ رفع بصره نحوها و :
- خلاص المكالمة خلصت، اتفضلي

فـ تحركت من جانبه وشقّت طريقها نحو الباب لتخرج نهائيًا، وقفت لحظات أمام الباب تفكر في حيلة تمنع بها ذهابه إليها.. ولكنها لم تجد، لم تكن يومًا لها عمل مع الحيل والمؤمرات، لذلك تجد صعوبة بالغة فيما يقودها إليه قلبها اللعين.
ذهبت لقسم البوفيه وحصلت على القهوة الخاصة به متحججة بإنه طلبها منها بنفسه.. وقررت أن تقدمها له بنفسها.. خطت خطوات مترددة نحو مكتبهِ وهي تفكر بالتراجع عن الهراء الذي تقوم به، ولكنها وجدت نفسها أمام بابهِ وتستمتع لصوته المرتفع :
- يعني إيه بلغتيها ومقالتش!! أنا قايلك تبلغيني أنا

ارتجفت "نغم" من فرط الخوف وهي تحس بخطواته التي
تقترب من الباب وسيتواجها الآن، فـ اضطربت أنفاسها و :
- يانهار مش فايت! أعمل إيه دلوقتي.. أعمل إيه؟

فتح "يزيد" الباب بينما كانت تستعد هي لفتحه مُنفذة الفكرة الخطيرة التي حطّت على ذهنها.. اصطدمت به وانسكبت القهوة الساخنة المغلية على بطنها بالكامل، فـ صرخت من شدة ألم الإحتراق وسقط الكوب منها وهي تعاني.. اضطرب "يزيد" وتوتر وهو يراها بهذه الحالة، حتى إنه قلق بشأنها وراح يفحصها خارجيًا :
- إزاي ده حصل!
- آآه، نار.. بطني مولعة مش مستحملة

فـ صاح بها فجأة :
- في حد يدخل على حد هجم كده!

بكت من فرط الألم الذي عانته من الإحتراق حقًا، فلم يجد سوى مساعدتها على الفور قبل أن يتطور الأمر معها.. رفعها عن الأرضية وهو يصيح قائلًا :
- متحطيش إيدك على الحرق

وركض بها نحو المصعد وسط نظرات الجميع المشدوهه بينما كانت هي تصرخ وتبكي متأثرة بالحرق الذي نال من منطقة البطن كلها و......
يتبع.....
لقراءة الفصل السابع والاربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات