القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والاربعون 45 بقلم ياسمين عادل

أن تُغشى بصيرتك وليس بصرك، هذا هو الأصعب على الإطلاق."
_________________________________________

- يـــــــزيــــد.!

هدر بها "يونس" وهو يركض بـ اتجاههم بينما لم يلتفت أيًا منهم له.. مازالت أسلحتهم مُشهرة في وجه بعضهم البعض وبدون أدنى حراك.. "نغم" تعيش حالة مرعبة لا تستطيع السيطرة عليها وهي تقف بالقرب قليلًا منه، و "رغدة" لا تقل عنها وهي تتصدى لـ "معتصم" وتقف في مواجهته لمنع سفك الدماء هنا.
لهث "يونس" وهو يقف في المنتصف بينهما وصاح صياحًا دوى صداه في المحيط النائي :
- أنتـــوا بتـهببــــوا إيــه ؟؟

— عودة بالوقت للسابق —
ما أن لمح "يونس" سيارة "معتصم" وهي توفض من خلف" يزيد" ومن خلفهم "رغدة" حتى استنبط نواياه التي اتجهت فورًا للشر.. ولم يقوَ على الوقوف هكذا بينما شقيقهِ معرض للخطر.. أشار لـ "عيسى" الذي كان يقف على بعد مسافة مقبولة ومضى نحوه ومن خلفه "ملك" محاولة السير بحذائها العالي وهي رافعة فستانها لأعلى.
تهدجت أنفاس "يونس" وهو يلقي بالأمر :
- وصل ملك حالًا عند نينة وانا رايح ورا يزيد

فـ تشبثت "ملك" بذراعه رافضة تركه وقد تحول وجهها لكتلة شحوب وذعر :
- لأ أنا هاجي معاك

ولكنه رفض رفضًا قاطعًا :
- ملك مش هينفع، لازم تروحي دلوقتي من فضلك

فـ أصرت أكثر على رأيها وهي ترى ملامح غير مريحة طفت على وجهه لتنبئ بنذير غير مبشر :
- مش هروح في حته غير وانت معايا يايونس.. لو هتروح ليزيد يبقى تاخدني أنا كمان

فصاح منفعلًا :
- مــلك!

فـ فتحت باب السيارة الخلفي وقفزت بداخلها على الفور كي لا يبدي اعتراضًا أكثر، ونظرت نحوه وهي تردف :
- لو عايز تلحقه بسرعة يبقى يلا بينا

نفخ "يونس" وهو يضرب على سطح السيارة، اضطر أن يستقر في مقعده ويقتادها بسرعة كي لا يفقد أثرهم.. وكي يضمن عمله أرسل رسالة لـ "رغدة" كي تشاركه موقعها المباشر ويكون لاحقًا بهم.
طوال طريقه والتفكير ينهش في رأسه، وعدة سيناريوهات تأتي بمخيلتهِ حول ما سيحدث معهما، وما زرع الخوف أكثر بداخله إنه شعر بأخيه يستدرج "معتصم" لمكان بعيد متناسيًا أن "نغم" برفقته ولا يجب عليه أن يجعلها تعيش تلك الاحداث..
السيطرة على أعصابه وإبداء ثبات انفعالي في موقف گهذا كان عمل في غاية الصعوبة، لذا ترك نفسه يتحرك بحرية وفق الضغوط المتكالبة عليه .
نظر إليها في المرآة، كانت تجلس منكمشة على نفسها يبدو عليها الخوف، وهذا أزعجه بالأكثر.. فـ أردف متبرمًا من عنادها :
- قولتلك روحي مع عيسى، ليه مش بتسمعي الكلام ياملك؟ غاوية تتعبي نفسك وتتعبيني معاكي ليه؟

فأجابت بتلقائية شديدة :
- أنا مش هسيبك تروح في أي مكان لوحدك يايونس، مقدرش

تقريبًا وصل "يونس" للمكان، حيث سيارتهم المصفوفة وتلك المواجهة الحامية التي لم يلحق بدايتها.. لمح فقط تلك الأسلحة المُشهرة والتي أصابت قلبه بالفزع، فـ انطلق يركض من السيارة حتى الباب تركه مفتوحًا بدون وعي وانطلق نحوهم.. فـ صرخت "ملك" صرخة مفزوعة وهي تترجل هي الأخرى، ولكن "عيسى" كان يسد عنها الطريق لتبقى بعيدًا عن محيط الأحداث التي تطورت تطورًا مخيفًا.. توسلته أن يتركها ويتدخل هو الآخر ولكنه لم يتحرك من أمامها، ظل جدارًا يحميها كي لا تتدخل فيما يحدث بينهم.

— عودة للوقت الحالي —
استغاثت به "نغم" غير قادرة على التحرك من مكانها :
- أرجــوك تعمل حاجه يايونس

فـ دفع "يونس" بذراع شقيقهِ الممسكة بالسلاح ونظر في عيناه نظرة محذرة لئلا يتمادى أكثر.. فـ أحنى "يزيد" يده وراح يزجره بنظرات تكاد تفترسه، فـ ازدردت "رغدة" ريقها و وهي تشحذه :
- معتصم كفاية كده، كــفاية عشان خاطـري بقا

فلم يستجب لها وبصره مُصوب فقط على "يزيد" شاعرًا بمزيد من الحقد الذي شعّ في نبرته وهو يقول :
- كل واحد ليه حق لازم ياخده

فـ هدر فيه "يزيد" بعدما بصق على الأرض :
- ده أنا ماشوفتش حد بجح كده في حياتي، حق مين يا ×××××.. ده انت قاعد في ملكي بالغصب

ثم نظر نحو "رغدة" بنظرة متهمة معاتبة وهو يردف موجهًا الحديث إليها :
- ولا إيـه يامدام؟

فـ تدخل "يونس" وهو يوجه الأمر لـ "معتصم" :
- نزل الزفت ده يامعتصم، أنت عايز إيه من الآخر؟

فـ صاح بدون أي خجل :
- تمن تنازلي عن المحضر، حريتك مش ببلاش يايزيد

فـ ضحك ضحكة ساخرة و :
- أبقى قابلني لو شوفت مني حاجه، محدش ضربك على إيدك وقالك تتنازل

فـ وضعت "نغم" يدها على قلبها وهي تقول بصوت خافت وما زال الخوف شبحًا بداخلها :
- أبوس إيدك يايزيد كفاية قلبي هيقف من الخوف

دفع "معتصم" زوجته من أمامه كي يكون مرتاحًا أكثر وما زال سلاحهِ مصوبًا بـ اتجاه "يزيد" ومن خلفه بمسافة تقف "ملك" المحاوطة بـ "عيسى".. وابتسم ابتسامة مريضة وهو يقول :
- يبقى رغدة تنفذ وعدها ليا

فـ استشاطت نظرات "يزيد" وهو ينظر نحوها قائلًا :
- لو حصل أنا المرة دي هدفنك بأيدي، ومش هبخل عليك بحتة متر في متر في مقابر العيلة وهنزلك بنفسي كمان

فـ احتقن وجه "معتصم" وهو يقول :
- مش جديدة ، طول عمرك بياع ياصاحبي ولا يهمك

فقهقه "يزيد" من المزحة السخيفة التي قالها وأجاب :
- آه بياع، ومعاك بالذات هبيعك ومن غير ديّة ياابو الصحاب

فـ انفلتت أعصاب "معتصم" وهو يهدر فيه أثناء الضغط على الزناد :
- وانا مش هبقى أقـل منك يايـزيد

وانطلقت الرصاصة بمحاذاة "يزيد" لتعبر إلى خلفه وسط صرخات مدوية من "رغدة" و "نغم" وامتزج معهن صوت "ملك" التي صرخت وهي تسقط على الأرض بعدما ألقى "عيسى" ثقله عليها في خلال أقل من ثانية ليقعا معًا.
فـ هــدر "يونس" صائحًا وهو يركض نحوها :
- مــــــــلك!!

التفت الجميع نحو "ملك" المفترشة على الأرض، في حين كانت "رغدة" تصرخ فيه وهي تخطف السلاح من بين يديه :
- أنـت عــمـلت إيــه ؟

لم يصبر "يزيد" لحظة واحدة وكان ينقض عليه ليتعارك كلاهما بالضرب وسط محاولات "رغدة" البائسة للفكاك بينهم.
في حين انحنى "يونس" عليهما فـ ابتعد "عيسى" على الفور ليفحصاها، كانت تتنفس بصعوبة وهي مطبقة جفونها وقد تهيأت مشاعرها إنها أُصيبت، ولكن الرصاصة قد أخذت موقعها مخترقة زجاج سيارة "يونس" ولكن لم ينتبه أحد لذلك.. سحبها "يونس" عن الأرضية وهو يسأل لاهثًا متفحصًا إياها :
- مـ... ملك ، أنتي كويسة في حاجه جت فيكي ؟

فـ ازدردت "ملك" ريقها وهي تنظر حولها مرتعبة :
- أنا لسه عايشة!

فـ اختطفها "يونس" في أحضانه غير قادر على التفريط بها بعد هذا الخوف الذي عاشه في لحظات ولكنها كانت لحظات ثقيلة للغاية..
وتركها بين يدي "نغم" كي يفتك بـ "معتصم" الذي كان يتشاجر مشاجرة عنيفة مع "يزيد" وسط بكاء "رغدة" التي فشلت في التدخل.. حلّ "يونس" بينهما بصعوبة بالغة ودفع "يزيد" كي يبتعد، ثم لكم "معتصم" لكمة جعلته يرتد للخلف، ثم بقدمه أطاح به من منطقة البطن ليسقط "معتصم" على ظهره.. فـ سحب "يونس" السلاح من "رغدة" التي توسلته أن يوقف هذا النزيف بينهما :
- هتعمل إيه يايونس ، أرجوك تـ.... آآآه

وصرخت وهي تراه يصوب السلاح ويطلق رصاصة تليها الأخرى مُفسدًا سيارة "معتصم" كلها ويُهشم جميع أوجه زجاجها.. ثم نظر بـ اتجاه "معتصم" الملقى أرضًا وقذف السلاح الفارغ في وجهه بعدما مسحه بمنديل ورقي لإزالة بصماته وقال بنبرة صارمة :
- المرة الجاية هخالف كل القواعد يامعتصم، هنشن على دماغك

واجتذب "يزيد" من الوسط وهو يردف :
- تعالى

ثم تركه أمام سيارتهِ و :
- أركب

فـ نظر "يزيد" نحو "ملك" التي وقفت توًا عن الأرضية والشحوب يكسو وجهها بجانب "نغم" التي على وشك أن تفقد وعيها.. فـ أجفل وهو يقول :
- نغم كانت آ....

فقاطعه "يونس" بحزم معلنًا قراره :
- هتركب معايا، كفاية إنك ضحيت بيها وجيبت بنت الناس معاك هنا عشان تتفرج على المجزرة اللي كانت هتحصل

صوت سيارة غادرت في الحال، فـ انتقل بصر كلاهما ليكتشفا أن "رغدة" تنازلت عن متابعة ما بقى، انصرفت غير قادرة على المواجهة أكثر من ذلك.. على الأقل اطمئنت قليلًا بوجود "يونس" وسط هذا النزاع.
بقى فقط السراب الذي تركته خلفها وهو عالق على سيارتها التي بقى أثر ضوء بعيد وهي تسير وتسير.. ألقى نظرة واحدة على "معتصم" الذي لم يقوَ على استجماع نفسه حتى الآن.. ثم استقل سيارته ونظر خلال مرآتها للخلف، ليجد الجميع في سيارة "عيسى".. عدا "عيسى" نفسهِ الذي سحب سيارة "يونس" لإصلاح هذا الضرر الذي أصابها.. قلّب "يونس" إضاءة السيارة لـ "يزيد" كي يتحرك هو أولًا، فـ زفر "يزيد" وهو يبدأ بالقيادة تنفيذًا لإشارة شقيقه الذي لحق في الوقت المناسب.. لولاه لكان المكان عبارة عن بحيرة من دماء أحدهم، هل هو ينقذ الموقف من جديد، ولكن إلى متى ستستمر هذه الحرب!؟.. يبدو إنها ستأخذ معها أحد منهم كي تنتهي للأبد.
............................................................................

وصل أخيرًا بها أمام منزل "كاريمان" بعد أن ودّعا "نغم" لمنزلها.. أوقف السيارة ونظر نحوها وهو يسأل :
- أنتي كويسة ؟

فـ هزت رأسها بالسلب و :
- أعصابي سايبة حاسة إني مش هقدر أقف على رجلي، أنا كنت هموت من الرعب

فـ وضع كفهِ على يدها الموضوعة على ساقها وسحبها نحوه وهو يقول :
- متخافيش أنا جمبك
- ده اللي صبرني أساسًا

فـ ابتسم ابتسامة جذابة أزالت بعض من توترها و :
- فعلًا؟

فـ سحبت يدها برفق وقد بدأت تتعرق من فرط التوتر وفتحت الباب برفق.. فـ دعاها للإنتظار قليلًا و :
- ثانية واحدة

ترجل أولًا ثم التفت كي يساعدها.. حمل ذيل فستانها كي تستطيع وضع قدميها على الأرضية، فخرجت من السيارة.. وقبل أن تخطو خطوتين تعثرت من جديد وكادت تسقط على وجهها لولا يداه التي أمسكتها.. وهنا انفجر كلاهما ضاحكًا، إنه نفس المكان الذي مرت منه وهي تستقبله في بداية اليوم وبنفس الشكل.. فـ عبث معها قليلًا وهو يسأل :
- معقول تكوني قاصدة تقعي على دراعي كل مرة؟

فـ تحرجت وهي تبتعد قليلًا و :
- معقول تحرجني في نفس المكان للمرة التانية.. وسع أنا همشي لوحدي

ورفعت فستانها رفعة أظهرت جزء من سيقانها كي تتفادى طلب المساعدة، ثم حدجته بتعالي و :
- بعرف اتصرف

ثم توقفت والتفتت لتسأل :
- هو ليه يزيد آ......
- أي حاجه تخص يزيد مقدرش أتكلم عنها، يمكن لو اتكلمتي مع صاحب الشأن يحكيلك
- تؤ، مش هيحكي حاجه

فـ انبعجت شفتيه بـ ابتسامة عريضة وهو يسأل ببعض الحبور الذي اختلجه :
- قولتي إيه؟

فقالت بسذاجة غير مدركة ما السبب وراء السعادة التي تجلّت على وجهه فجأة :
- قولت مش هيحكيلي
- لأ، اللي قبلها

فـ ضحكت وهي تحاول التبرير :
- عادي طلعت تلقائي

فـ دنى منها قليلًا وفسر ما حدث من وجهة نظره هو :
- لأ، مش عادي.. اللي بيكونوا قريبين من بعض لازم تلاقيهم بياخدوا من طباع بعض، ولا إيه؟

فـ أجفلت جفونها وهي تؤيد :
- آه

وهنا ظهر صوت الجدة التي لم تنام حتى الآن منتظرة عودتهم وهي تقف في شرفتها :
- أطلعوا أتكلموا فوق أحسن

فـ رفع كلاهما الأنظار نحوها، بينما اعتذر "يونس" عن طلبها :
- آ.. هروح أشوف يزيد الأول عشان كان عايزني

ثم نظر إليها فـ فهمت إنه سيذهب للإطمئنان عليه، ثم رفع بصره كي يودع "كاريمان" ولكنها لم تكن موجودة.. فـ تحرك لينصرف على الفور وهي واقفة تودعه، وفجأة خرجت "كاريمان" مستندة على عصاها لتجده تحرك بالفعل.. فـ ضرب الأرض بعصاها و :
- Beni ye. "تبًا".. هرب برضو

ثم نظرت إليها نظرات مخترقة و :
- تعالي ورايا، تعالي قوليلي اللي حصل كله كله

واستبقتها للداخل كي تسحب منها الكلام كله، فـ رفعت "ملك" فستانها وهي تنظر للأمام قائلة :
- ربنا يستر ومقعش بالكلام
.......................................................................

الآن..
وقد تجاوزت الساعة الثامنة والنصف صباحًا، نهار مشمس دافئ وسماء ساطعة تكسو سماء العاصمة.
وقف "يزيد" برفقة "يونس" أمام غرفة الإجتماعات وقد اجتمع الفريق الأساسي الذي دعاه "يونس" كله وبقى فرد واحد ناقصًا.. نظر "يزيد" في ساعة يده ثم سأل بفضول :
- مين اللي كلنا مستنينه يايونس؟

فـ أشار "يونس" برأسه نحو ذاك الذي يدنو منهم، فـ التفت "يزيد" لينظر إليه، فـ صُعق وهو يرمق شقيقه غير مصدقًا :
- أكيد بتهزر !؟ لما بعد اللي حصل امبارح عايز معتصم يحضر الإجتماع ده يبقى أكيد بتهزر ؟؟

وقف "معتصم" أمامهم بوجه تبيّنت عليه تفاصيل ما حدث.. وقال على مضض وهو يوزع نظراته الساخطة عليهم :
- طالما بعتلي عربية لحد البيت عشان تجيبني هنا يبقى الموضوع مهم

فـ أخرج "يونس" يده من جيبه وأغلق زرّ سترتهِ وهو يردف :
- فعلًا مهم ومينفعش من غيرك

ثم استبقهم نحو الغرفة قائلًا :
- يلا

دلف "يونس" وترأس مقعد رئيس مجلس الأدارة ومن خلفه دخل شقيقهِ "نائب رئيس مجلس الإدارة".. و"معتصم".. أُغلق الباب، فوزع "يونس" نظراته على الجميع قبل أن يقول :
- في حد واحد بس ناقص

ثم نظر بـ اتجاه "نغم" وطلب :
- من فضلك يانغم، اعملي اللي اتفقنا عليه

نهضت عن مكانها وخرجت من الغرفة.. لحظات وعادت ومعها "رغدة"، كانت متأنقة للغاية وكأنها تُعد نفسها لرحلة مثلًا.. شدوه غلب على الجميع حتى "يزيد" الذي لم يفهم بعد ماذا يحدث، في حين كان "معتصم" گالأبله الذي لا يدرك ما الذي يُحاك من حوله.
دلفت "رغدة" واتخذت موضعها قبالة "يزيد" الذي تفرّس النظر فيها وسط مراقبة "معتصم" لـ كلاهما..
تنهد "يونس" تنهيدة مرتاحة وهو يبدأ كلماته :
- النهاردة يوم مختلف، صحيح إننا هنودع حد مننا.. لكن ده ميمنعش إننا لازم نودعه الوداع اللي يليق بيه

ثم نظر نحو "رغدة" وتابع :
- مدام رغدة للأسف مش هتكون معانا تاني، عشان كده حبيت الفريق كله يكون موجود وإحنا بنودعها

ذمّ "معتصم" شفتيه وقد ضاق ذرعًا وهو يجلس بدون فهم أي شئ.. و سأل بنفاذ صبر :
- إيه اللي بيحصل ؟؟ أنا مش فاهم حاجه

فـ حافظ "يونس" على ثبات تعابير وجهه لئلا تخونه وتظهر ابتسامة النصر مبكرًا عن موعدها، وقال :
- مدام رغدة باعت الأسهم بتاعتها في المجموعة

ثم نظر نحو" رغدة" وتابع :
- وانا قبلت واشتريت حصتها
- إيـــــــه!!

تلك كانت صرخة "معتصم" الذي هبّ من مكانه فجأة، بينما كاد "يزيد" ينفجر من فرط الضحك.. حتى أدمعت عيناه ولم يستطع السيطرة على حاله، فـ حدق به "يونس" و :
- آ.. يزيد

فـ صفق "يزيد" بكلتا يديه ومازال يضحك بشكل هيستيري جعل الجميع يضحكون أيضًا :
- مش قادر، هـــمـوت
............................................................................
خرج "معتصم" من غرفة الإجتماعات كي يلتقي بـ "يونس" في الخارج.. كان يرسم ابتسامة مستفزة على ثغره معلنًا الخسارة الفادحة لـ خصمهِ، ثم استوقفه وهو يقول :
- أنت عمرك ما انتميت للمكان ده يامعتصم، ده مش مكانك.. بس كان حظك تعيش جواه شوية عشان تعرف الفرق بين أصحاب الشركات وبين اللي مينفعش يكونوا غير موظفين فيها

اشتط "معتصم" يرمقه بحقدٍ وضغينة وقد انتهت الحرب قبل أن تبدأ.. في حين تابع "يونس" :
- مفيش داعي تعدي على الأوضة اللي أخدتها بالغصب، كل حاجتك التافه اللي كانت مالية أوضة كاملة من أوض شركتي هتوصل بيتك بعد الضهر

ثم أفسح الطريق أمامه وهو يطرده أمام موظفيهِ :
- أطلع بـرا

فـ كز "معتصم" على أسنانه وهو يقول :
- مكنتش أحب أبدًا الأمور توصل بينا هنا، لأن أنت مكنتش طرف في الحرب دي من البداية

فـ أظلمت عينا "يونس" وهو ينفي صحة ما قال :
- طالما فيها أخويا تخصني قبل منه، وأحسن ليك متحاولش تلعب تاني مع حد أكبر منك

ثم ربت على كتفه متابعًا :
- عيب يابابا، ماشي؟

ثم أشار لـ "سيف" و :
- لو مش عارف طريق البوابات وصله ياسيف

وغادر من أمامه بعدما نال منه بشكل أرضاه وأكثر.. دخل غرفته سعيدًا بإنهاء أهم شئ إنهاءًا ساحقًا.
وهنا كان مزاجه الجيد يدفعه لأن يعوضها ليلة أمس التي عايشتها، فـ اتصل بها ورقّ صوته وهو يقول :
- ينفع أعزمك على الغدا النهاردة؟ لوحدنا
..........................................................................

بعد مناقشة وجيزة بين "يزيد" وبينها، سار معها بالرواق كي يصل معها للبوابة.. وقبل أن يودعها تعمق ببصره في جمالها الذي لم يتغير وأردف بصوت عذب كانت تحب سماعه منه :
- شكرًا يارغدة، شكرًا إنك اخترتي الطريق الصح

فـ زفرت "رغدة" وهي تسبل جفونها و :
- آسفه، أنا السبب في كل اللي عيشته.. مكنتش آ....
- شششش

وضع أصبعه على فمها يمنعها من متابعة الحديث ، وحاول تخفيف الذنب عنها كي لا تحمل ثقله على كاهلها.. ولكنه لم يكن يدري إنه يضع ثقلًا على كاهل أخرى.
"نغم" التي تتطلع لكل شئ من بعيد ممسكة بذلك الملف الذي تحتضنه.. أحترق داخلها وهي تراه قريبًا إليها لهذا الحد، ولكنها لم تملك أيّ حيلة.
تناول "يزيد" يدها وقبّل ظهرها في مشهد عاطفي للغاية، فـ تجمعت الدموع بـ مُقلتيها ولكنها سرعان ما كفكفتها بالمنديل الورقي وراحت تستجمع نفسها التي تشتتت.. أجفلت جفونها واستدارت، فـ تفاجئت بوجود "معتصم" على بُعد خطوة واحدة منها وينظر لنفس المشهد، ولكنه ينظر بعينان تشبعّا بالشر عكسها.. لم تدري ماذا عليها أن تفعل، ازدردت ريقها خوفًا من أن يتكرر مشهد أمس.. وعادت تنظر لـ "يزيد" لتجده قد تركها تستقل سيارتها وتنصرف، وعاد هو ليدخل والإبتسامة العريضة تملأ شفتيه.
هبط "معتصم" الدرجات اللاتي يفصلن بينهم.. فكانت المبادرة من "يزيد" الذي أردف :
- خايف، صح؟.. خايف أخدها هي كمان وابقى استرديت منك كل اللي سرقته مني!.. عينك مرعوبة وهي بتبصلي

دنى منه خطوة وبصوت غمرهُ الإصرار المميت والرغبة القاتلة تابع :
- أنا رأيي لازم تخاف، لأني هثبتلك إن رغدة عمرها ما كانت ليك.. طول عمرها معايا حتى بعد ما اتجوزتك وخانت اللي بينا

ثم ابتسم وهو يسرد عليه مخططه :
- هترجعلي، وانا هسامح أي حاجه عملتها معايا مقابل إنها تسيبك وترجع .. وعشان أشوف في عينك النظرة اللي شايفها دلوقتي

أسقطت "نغم" ملف كامل تبعثرت أوراقه من حولها وقد فقدت السيطرة على نفسها بالكامل بعد سماع تلك العبارة الأخيرة والتي هدمتها كليًا.
يتبع.....
لقراءة الفصل السادس والاربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات