القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الحادي والاربعون 41 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الحادي والاربعون 41 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الحادي والاربعون 41 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الحادي والاربعون 41 بقلم ياسمين عادل

"أُحــبك..
وليتـك تعلم كم أُحبـك..
ولـ يشهد العالم على الحُب الذي به أحببتك."°
___________________________________________

رغم موافقته التي لم يبديها، إلا إنه أظهر لها كم غضب وثار وانفعل لكونها مازالت تحمـيهِ.. لأنها تحبه للحد الذي يجعلها ستتنازل عن كل شئ في سبيل أن لا يتأذى أو يتعرض ليوم واحد بداخل المخفر.
زجرها "معتصم" بنظرة عدائية حاقدة وهو يقول مهتاجًا :
- يعني لسه بتحبيه! لسه بتفكري وتتفنني إزاي تنقذيه مني ، صـح؟!

رمشت بعيناها عدة مرات وهي تستمع لحديثه المنفعل، ومازالت تنكر ذلك إنكارًا كاذبًا لا يقبله أي عاقل :
- قولتلك إني زهقت من الحرب دي ، أنا طول عمري حياتي مستقرة وهادية معرفتش تعب الأعصاب والضغط غير بعد ما اتجوزتك.. وبصراحة مبقتش قادرة كل حياتي أقضيها مؤامرات.. خلاص أنا اكتفيت منك انت ويزيد، أكــتفـيت على الآخـر

وهمّت بالخروج كي لا تستكمل هذه المواجهه الصعبة، مواجهتها بالحقيقة التي تعرفها جيدًا ولكنها مازالت تحاول إنكارها، على الأقل لتستطيع أن تحيا وتتنفس بدونهِ.. كي لا تظل تجلد ذاتها كلما أُتيحت لها الفرصة.
.............................................................................

منذ أن عاد من الخارج وبقى بمفرده في الغرفة التي قطن بها مع بداية سكن "ملك" هنا.
جلس شريد الذهن في عقله أكثر من أمر يثقلون رأسه وكاهله.. أبقى الأضواء مغلقة وجلس في الظلام أمام القمر مباشرة، وأشعر نفسه وكأن الدنيا خالية إلا منه.
ثم طفق يفكر فيها، تلك الحسنة الوحيدة في تلك الأيام الباردة القاسية.. قد تكون بعيدة، ولكنها تطغى على مشاعره فارضة نفسها بقوة وكأنها تعلن بذلك تواجدها في حياته، طافت ابتسامة على سفح وجهه وأغمض عيناه ممدًا ظهره بأريحية على المقعد الوثير.. فـ استمع لصوت عصا "كاريمان" التي تقترب من غرفته وبعدها طرقاتها.
دخلت وأضاءت النور، فـ فتح جفونه ببطء يستقبل الإضاءة بينما كانت "كاريمان" تجلس قبالته وهي تسأل بضيق :
- يزيد عمل إيه يايونس؟

فأجاب نافيًا الشك الذي يوسوس لها به شيطانها و :
- ولا حاجه، گالعادة هو معتصم خناق على طول.. بس

فلم تصدقه وأعلنت ذلك صراحة :
- Bu doğru değil. "غير صحيح"
في حاجه انت مخبيها عني وحتى ملك مش عايزة تقولي

فـ تنهد "يونس" وهو يعتدل في جلسته و :
- صدقيني وثقي فيا يانينه، لو في حاجه ضرورية أكيد هبلغك بيها

فـ زفرت "كاريمان" وهي تنظر لعيناه مباشرة وتسائلت:
- في حاجه عايز تقولي عليها؟

تنغض جبينه بعدم فهم لما ترمي إليه و :
- حاجه زي إيه؟

فقالت بصراحة مطلقة وبدون أدنى مقدمات :
- مش هتعترفلي إنك بتحب ملك مثلًا

تحشرج الكلام في حلقه واضطرب على الفور.. تهرب بعيناه منها وحاول أن ينفى ذلك التصريح على الفور و :
- إيه بس اللي بتقوليه ده يانينة، ملك بنت عمي و.....

فـ اعترضت على ما يقول وهي ترمقه بـ ضجر :
- بس بقى، إيه يعني بنت عمك؟.. قول إنك Onu seviyorsun. "بتحبها"، ليه الموضوع كبير بالنسبالك.. ليه مش كل واحد بيحب يعترف بحبه بكل سهولة ويخلص نفسه من عبء التفكير.. على الأقل يبقى عارف مصير حبه

فـ وقف عن جلسته وأولاها ظهره وهو يتذكر كلامها :
- هي مش جاهزة لأي علاقة من أي نوع، حتى لو كان اللي حاسس بيه ده حب.. مقدرش أواجهها بيه وهي مش شايفة إني المناسب اللي مستنياه

فـ وقفت "كاريمان" عن مجلسها و :
- أنت مجربتش تعبر عن نفسك يايونس، أنت كلامك معاها كان مبهم وبالتالي هي كمان كان كلامها مبهم

زفر "يونس" وهو ينظر بعيدًا، فسألت "كاريمان" وهي تحشره في زاوية ضيقة :
- بتحبها ولا لأ؟

فـ ازدرد ريقهِ متوترًا كأنه صبي صغير و :
- نينة من فضلك

فقاطعته بحزم و :
- رد عليا؟

فـ أطلق تلك القنبلة التي تقف على قلبه وأجاب بغتة :
- آه بــحبها

ثم أجفل وعاد ينظر بعيدًا :
- الوحيدة اللي حسيت ناحيتها بمشاعر حتى معشتهاش مع هانيا

تنهد و :
- رغم إن حكايتنا غريبة، ولا عيشنا قصة حب ولا حاجه عشان أقع في الفخ ده.. من ساعة ما عرفتها وإحنا بنخرج من مصيبة عشان ندخل في التانية

ثم ضحك ساخرًا و :
- أنا عيشت أحداث متخيلتش أعيشها وعملت عشانها حاجات مكنش ممكن اعملها مع حد غيرها
- يبقى لازم تعترف لها بده

أستوقفها "يونس" قبل أن تخرج و :
- مش هتقولي أي حاجه من اللي قولتها يانينه

فـ ضحكت ضحكة عابثة، بينما أكد هو عليها :
- لو سمحتي يانينة، مينفعش تقولي حاجه

فـ هزت "كاريمان" رأسها و :
- متخافش ، تصبح على خير

وخرجت..
كانت "ملك" تقف بجوار الباب تستمع لحديثهما والذي أصرت "كاريمان" أن تُسمعها إياه بعد إن تحاورا بمفردهن.
غمزت لها "كاريمان" قبل أن تصحبها لغرفتها، وما أن أصبحن وحدهن حتى قالت :
- سمعتي بودنك؟

ذمّت "ملك" على شفتيها متضايقة من كونها السبب في قطع أمله بدون قصد.. وركدت أكثر وهي تشعر بضيق من نفسها، حينما كانت "كاريمان" تحاول أن تلقنها ما الذي يجب عليها فعله :
- الخطوة الصح إنك تثبتي عكس ده، إنتي من غير قصد فهمتيه إنك مش عايزاه ومش عايزه أي حد في حياتك، فهمتي ياملك

تلوت شفتيها ومازال العبوس يكسو وجهها قائلة :
- أنا مش هقدر آ...
- هتقدري

ثم ربتت على يدها و :
- أنتي كمان بتحبيه أوعي تنكري ده

فـ أفصحت "ملك" عن مشاعرها السلبية التي تضعف من رغبتها كي تكون معه :
- أنا خايفة يانينة، خايفة مكنش الإنسانة اللي يستاهلها.. يونس عمل عشاني حاجات كتير أوي

فـ ابتسمت "كاريمان" بوداعة و :
- أنتي الوحيدة اللي تستاهليه، يونس محتاجك ياملك، وانتي كمان محتاجاه

ثم قررت أن تغادر لتتركها تفكر قليلًا :
- فكري صح، وقرارك الكل هيحترمه

كل ما فعلته "كاريمان" شوش عقلها، الآن بات الأمر واضحًا لها.. رغم شعور السعادة الشديد وكأنها تطير عن الأرض، إلا إنها تخاف أيضًا.. هو ليس مثل باقي الرجال، تعلم هذا، ولذلك هي تخشى أن لا تكون مستحقة له، تخشى أن تخذل توقعاته، هي الأخرى أحبت للدرجة التي تجعلها تفكر فيه أولًا قبلها.. فقد فكر هو فيها كثيرًا.
.........................................................................

لم يرد منذ أن حضر لمقر الشركة الدخول لمكتبه، ظل جالسًا برفقة "سيف" في مكتبه.. أسند رأسه للخلف وأغمض عيناه، ترك نفسه هكذا قليلًا وكأنه لم ينم لمدة.. فـ أشغل "سيف" نفسه في العمل كي لا يهتم بحالته تلك، ولكنه في الأخير ترك فضوله ليسأل :
- أنت كويس يامستر يزيد؟
- أممم كويس

وفتح عيناه، ثم زفر وهو ينهض عن جلسته وأردف :
- إلغي كل حاجه ورايا النهاردة، كده كده همشي بعد شوية

وغادر المكتب.. رفع بصره الذي كان متعلقًا بهاتفه، فوجد "نغم" أمامه على بُعد خطوات.. فـ أحنى بصره عنها و :
- في حاجه يانغم؟
- آه

فـ أومأ متفهمًا ودخل غرفته وهي من خلفه، وعاد يسأل :
- سامعك

لم تتفوه بكلمة، فـ التفت إليها ليجدها خلفه بالضبط.. وقبل أن يفتح فمه للتحدث كانت تسأله :
- أنت كويس؟

قطب جبينه متعجبًا من سؤالها و :
- كويس، بتسألي ليه؟

كانت صريحة ومباشرة بشكل هي نفسها لم تتوقعه من نفسها.. وأجابت تاركة قلبها يوجهها :
- عشان قلقت عليك بعد اللي حصل امبارح

فـ أفتر ثغره بسخرية و :
- أنتي كمان عرفتي اللي حصل؟ دي مصر أوضة وصالة زي ما بيقولوا!

وضعت كفها على جبينه تتحسس حرارته بعد أن شعرت بتوهج يأتي من جسده.. فـ اقشعر بدنه بدون أن يتحرك مصدومًا من جرأتها، بينما قالت هي :
- شكلك مش كويس أبدًا، أنت بتكذب.. كمان حرارتك عالية

مسحت على وجهه مرورًا بذقنه ثم تابعت :
- أنت مش مجبر تتعامل بنصك الوحش، حتى لو الناس أجبروك على ده

فـ زفر وهو يحيد بصره عنها و :
- متكلميش عن حاجه متعرفيهاش

كاد ينصرف من أمامها لولا إنها أمسكت بيده وتشبثت فيها مُصرة على تغيير رأيه :
- يزيد، عارفه إن في حاجات مينفعش تحكيها، بس آ....

قاطعها وهو يضغط على أصابعها قليلًا ممسك كفها جيدًا وليس لديه الطاقة للاستماع إلى أي مواعظ :
- نغم، أنا مش عايز أسمع أي نصايح من حد معاش نص اللي عشته.. لو عايزة تقدميلي حاجه يبقى فنجان قهوة من بتاعك

فـ ابتسمت وهي تتلمس أصابعه و :
- حاضر

انفتح الباب فجأة.. ودلفت "رغدة" تحمل كل ملامح الإمتعاض والمقت على وجهها لتراهم هكذا، قريبين من بعضهم البعض وأياديهم تتشابك بأيادي بعض.. فـ انكسب على قلبها لهيب حار وهي تتسمر في مكانها، بينما سحبت "نغم" كفها على الفور وأخفضت بصرها بتحرج.. في حين كان "يزيد" يستدير ليوليها ظهره، لا يريد رؤيتها، لا يريد هذا الضعف الذي يعتريه مع وجودها، يرغب في مسحها من عقله بعد كل ما طاله بسببها.
تنفس "يزيد" مسترجعًا فتوره وقال :
- خير يامدام

مازالت عينا "رغدة" الحانقة متعلقة بـ "نغم" وهي تجيبه :
- عايزاك في موضوع مهم، لوحدنا

فـ استعدت "نغم" لتغادر :
- عن أذنكم

فلم تكتفِ "رغدة" بذلك وأرادت أن تزيد من إحراجها:
- هاتيلي واحد نسكافية على مكتبي لما اخلص، مش انتي البنت الجديدة بتاعت البوفيه!؟

فـ التفت "يزيد" لـ إصلاح هذا الخطأ الذي ارتكبه من البداية وقال بحزم نيابة عنها :
- لأ، نغم متدربة في قسم الحسابات، تقدري تطلبي من عامل البوفيه يعملك اللي انتي عايزاه

ثم أضاف وهو يوجه حديثه لـ "نغم" :
- لما تخلصي اللي وراكي هنخرج سوا عشان رايحين المستشفى

فـ أخفت حماسها وهي ترد بـ :
- حاضر

وخرجت.. فـ خطت "رغدة" نحوه وهي ترى نظراته الحامية لها، وصاحت فيه :
- أنت بغبائك دمــرت كل حاجه، واللي خايف إنه يحصل أنا هعمله بأيدي

فقبض على رسغها وهو يتوعدها إن فعلت :
- لو اتجرأتي وعملتيها أنا هموته قبل ما يتهنى بدخول الشركة دي گواحد من شركائها.. والله والله، معتصم مش هيدخل الشركة دي ويبقى راسه براسي ويتحكم في مالي ومال أبويا يارغدة

حاولت التخلص من قبضته ولكنه أحكمها جيدًا، فأردفت وأنفاسها تتخبط في بشرته :
- أنا كنت هسيب الشركة كلها بهدوء، لكن بعد اللي عملته أنا مش هقف متكتفة لحد ما تموتوا بعض

فضحك ساخرًا و :
- إحنا فعلًا هنموت بعض، واحد فينا لازم يموت عشان التاني يعيش

ترك رسغها وقال بنبرة بدأت تهدأ قليلًا :
- تعرفي، أنتي الوحيدة اللي صعبانه عليا في الحكاية دي.. حتى لو كان اتضحك علينا احنا الاتنين، إنا خسرتك.. إنما انتي خسرتيني وخسرتي نفسك بوجودك معاه

وتحول صوته لفحيح نبع من كرهه المفرط :
- أنا هخليكي تعيشي أكبر ندم في حياتك دلوقتي

أخرج "يزيد" هاتفه وهي تنتظر بترقب غير مدركة بالضبط معنى حديثه الغامض.. لحظات وكان "يزيد" يقوم بتشغيل مقطع صوتي قام بتسجيله لـ "معتصم" وهو يعترف بالمكيدة التي افتعلها كي يفصل بينه وبين زوجته، أصغت "رغدة" جيدًا لكل حرف ينطق به.. وعلى وجهها تجلّت أمارات الصدمة الممزوجة بالقهر والندم، وكلما تجلّى القهر على وجهها، كلما أحس "يزيد" بالشماتة أكثر وأكثر.. ها هي تكتشف حقيقة اللعبة الوضيعة التي أُحيكت من ورائهم لتكون "رغدة" زوجته في الأخير.
ماذا ستفعل معه، وكيف ستعيش بهذه الحقيقة المجحفة؟.
الآن هي بين شقّيِّ الرُحّىٰ، الحربين على يمينها ويسارها وهي في المنتصف.. ستنال من السِهام ما لا يُعد ولا يحصى.
.........................................................................
جلست "ملك" تلهي نفسها بالهاتف وهي تتصفح مواقع التواصل المملة، ولكنها فشلت في المقاومة.. لن تستطيع المكوث هكذا بدون أن تتحدث إليه أو تراه.
فخرجت من غرفتها قاصدة غرفته وكأنها ستسأل عن شئ ما، ثم طرقت على الباب و :
- يونس
- أدخلي ياملك

دلفت فوجدته غير موجود بالغرفة، رأت إضاءة منبعثة من غرفة ارتداء الملابس.. فـ انتظرت بالخارج لحظات حتى خرج هو حاملًا قميصه و :
- صباح الخير، صاحية بدري كده ليه؟

جمدت ملامحها وهي تراه مرتدي "تيشرت قطني" ذات حمالة رفيعة، وشورت قصير يصل لأعلى ركبته.. لأول مرة تراه هكذا، بدون ملابس رسمية.
حدقت قليلًا به وبدون سيطرة على نفسها أردفت :
- إيه ده يايونس؟

فـ نظر لذراعه حيثما تنظر هي و :
- في إيه؟
- مكنتش أعرف إن عندك عضلات

فـ انبعج ثغره وهو يرفع ذراعه قليلًا و :
- آها، دي حاجه بسيطة كده

فـ جلست على طرف فراشه و :
- طب خلص لبس عشان نروح مشوار سوا

تنغض جبينه و :
- مشوار إيه؟

فـ لم ترغب بإبلاغه الآن على الأقل و :
- هقولك بعدين

أومأ بتفهم.. ودخل من جديد ليرتدي ملابسه على عجل كي لا يجعلها تنتظر ، انتقى ثيابًا بلون فاتح كما أحبت هي من قبل.. وحرص أن تكون خفيفة إلى حد ما لـ تظهر هيئته البدنية الرياضية، حيث أن ملابس الشتاء تغطي كل ذلك.
نظر في المرآه برضا وهو يرتدي بنطال أزرق قاتم وقميص من اللون الأبيض، ترك زريّن مفتوحين ونثر بكثرة من عطره حتى إنها اشتمت تلك الرائحة من الخارج.. ثم أغلق ساعة اليد على معصمه وتناول نظارة الشمس خاصته وخرج :
- أنا خلصت

اتسع ثغرها بـ ابتسامة متأثرة بتلك الجاذبية التي تنبعث منه، وعندما التزمت الصمت سألها هو :
- حلو الأبيض، صح؟
- صح

ثم فركت أصابعها وهي تفكر في تلك الكلمة التي علقت في ذهنها منذ الأمس.. هل تقولها؟ أم لا، تقولها؟ أم لا، تقولها؟ أم لا.
تشتت ذهنها وكادت تفقد عقلها من فرط ما تعانيه، حتى وجدت نفسها قد جُنت.. فـ أردفت فجأة لتتخلص من هذا الحصار الذي يقيدها :
- تتــجـوزنـي؟
يتبع.....
لقراءة الفصل الثاني والاربعون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات