القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم ياسمين عادل

 رواية دمية مطرزة بالحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل التاسع والعشرون 29 بقلم ياسمين عادل

صعد فرد الأمن معه يقتادهُ حيث أُمر.. لاحظ "ربيع" إنه سلك طريقًا آخر غير الذي سلكه المرة السابقة، فـ نظر حوله بتركيز قبيل أن يسأل :
- هو احنا رايحين فين ؟ مش ده الطريق اللي مشيته المرة اللي فاتت!

فأجاب عليه برسمية :
- خلاص وصلنا حضرتك

فتح له باب المكتب وأدخله.. فـ تفاجئ "ربيع" حينما رأى "يزيد" واقفًا قبالتهِ، يداه بداخل جيوب بنطاله يقف كأنه منتظر استقباله.. فـ أحاد "ربيع" بصره عنه و :
- أنا مطلبتش أشوفك انت، فين يونس؟

فـ تقدم "يزيد" منه وهو يردف حازمًا :
- هي مش زريبة أبوك هتيجي كل يوم تنط فيها وتقرفنا، خلص عايزه في إيه؟

فـ احتقن وجه "ربيع" لهذه اللهجة التي لم يعتاد أن يتحدث إليه أحد بها، ولم يسعفهُ تفكيره لكي يرد عليه بالرد المناسب بعدما تفاجأ برؤيتهِ بدلًا من شقيقهِ...

— عودة بالوقت للسابق —
أغلق "يونس" الهاتف بعدما أمر الإستقبال بـ توجيه "ربيع" إلى مكتب "يزيد" دون أن يعلم.. ثم قرر مغادرة المجموعة على الفور بحجة الذهاب للمزرعة وبدون أن يلفت أنتباهها لأي شئ، فـ تواصلوا مع "نغم" كي يصحبونها إلى المنزل قبيل الذهاب.. وبذلك تخلص "يونس" من تلك المواجهة التي لم يُجهز لها بعد.

— عودة للوقت الحالي —

لم يرى "يزيد" فائدة من تضييع المزيد من الوقت في التحدث إلى "ربيع"، ورغب في إطلاعهِ على عرض مُغرِ لربما يقبلهُ تفاديًا لأي مشاكل أو بذل مجهود معه..
و سرعان ما عرض ذلك عليه بدون أن يوليهِ فرصة الرد على إهانتهِ المتوارية :
- مبلغ كويس تحطه في البنك ولا تعملك بيه مشروع ليك أنت وأمك وتبعد عن دماغنا، إيه رأيك؟

قطب "ربيع" جبينه محاولًا ألا يُظهر تلك اللمعة الجائعة في نظراتهِ :
- عايز ترشيني؟
- أعتبرها زي ما تعتبرها.. المهم مش عايز أشوفك هنا تاني

أخرج "يزيد" دفتر "شيكات" خاص به والتقط قلم حبري وكاد يُخط به، فـ قاطعه "ربيع" :
- طالما انتوا ناس نضيفة وأبريا عايزين تبعدونا عن بنت خالتي ليه؟

فـ أجاب "يزيد" بإجابة لم تكن مقنعة له :
- عشان ملك مش هتتقبل وجودكم، فـ أنا بوفر عليكم وعلينا

قطع "يزيد" ورقة من الدفتر و :
- ربع مليون، كويس؟

نظر "ربيع" للورقة و :
- كلك نظر

ثم نظر حوله وتابع :
- إيه يعني ربع مليون جمب كل الأبهه دي!

زفر "يزيد" بحنق وهو يعطيهِ الشيك و :
- ده اللي موجود، أهو أحسن من مفيش خالص

تناوله "ربيع"، فـ رمقهُ "يزيد" بـ احتقار و :
- مش عايز اشوفك مرة تانية

دس "ربيع" الشيك في جيبهِ وابتسم بسماجة أزعجت "يزيد" و :
- من عنيا ياهندسة، بس وحياة أبوك الله يرحمه بلاش البصة دي

أنزعج "يزيد" كونهِ يستحلفهِ بـ والده المتوفي، في حين تابع "ربيع" ثرثرتهِ :
- متزعلش أوي كده ، يعني هو أبوك أحسن من أبويا اللي انت لسه جايب سيرته من حبه!

أشار "يزيد" بعينه نحو الباب و :
- أمشي عشان أنا صبري خلص

فـ ضحك "ربيع" وهو يتجه نحو الباب و :
- اللي عندكوا مبيخلصش أبدًا، يلا.. اللي عطاكم يعطينا

أغلق "ربيع" الباب، فـ بصق "يزيد" للمرة الثانية وأردف ممتعضًا :
- كتك الأرف، كان يوم أسود يوم ما شوفناكوا

وقذف بـ دفترهِ وهو يشعر كأن الأمر لن ينتهي هنا، لن ينتهي بتلك السهولة الشديدة والغير متوقعة.. لقد أصرفهُ الآن ولكنهُ لن يتراجع عن مبلغهُ.. ولكنه تأكد على الأقل أن غاية "ربيع" ليست كما يدّعي البحث عن إبنة خالهِ وما إلى ذلك، سَـ يُغريهِ كونها ترتخي على والدها الذي لا يملك القليل فـ حسب.. وطمعهِ لن يقف هنا فقط.
...........................................................................

أستغرق الأمر عدة سويعات في السفر إلى المزرعة، قضت "ملك" أغلب ذلك الوقت إما تتناول الحلوى التي آختارها "يونس" بنفسه لها أو نائمة مسترخية بعمق كأنها تغوص في الفراش وليست على مقعد في سيارة مُرفهه.
وأول ما فعلتهُ فور وصولها هو الإنتقال لـ أسطبل الخيول، ذلك المكان الذي لم تستغل فرصة وجوده حينما كانت هنا..
مسحت "ملك" على رأس "ريحان" بعطف بالغ وابتسامتها العريضة تكاد تصل لأذنيها من فرط السعادة.. ثم مدت يدها بقطع الجرز الطازجة لـ تتناولها "ريحان"، حينئذ كانت "ملك" تسأل :
- أشمعنا دي الفرسة الوحيدة اللي لونها أبيض؟

كان "مهدي" يعتني بأحد الخيول وينظف ظهرها عندما انتبه لسؤال "ملك" وأجاب :
- عشان دي فصيلة نادرة جدًا مفيش منها كتير خصوصًا في مصر، ممكن يكون في منها ٣ بالكتير أوي ودي واحدة منهم.. أصلها أسباني
- ويونس جابها منين؟

تردد "مهدي" في البداية بإخبارها عن المالك الأصلي مما أثار انتباه "ملك" أكثر :
- هي كانت بتاعة حد وأدهاله هدية، أكمنه يعني بيحب الخيول وعنده اسطبل كامل

ضاقت المساحة ما بين حاجبيها وهي تردد :
- حد مين؟

ثم فاجئتهُ بتخمينها :
- هانيا الله يرحمها؟

حدق فيها "مهدي" مذهولًا و :
- أنتي كنتي تعرفي الهانم الله يرحمها؟

هزت رأسها بالنفي وهي تهتم بـ "ريحان" و :
- لأ، بس سمعت عنها

فـ أسبل "مهدي" جفونهِ وهو يطلق تنهيدة من صدره :
- آه هي، الله يرحمها كانت بتحب الخيل زيه بالظبط.. دي الحاجه اللي باقية منها معاه

التفتت "ملك" رويدًا رويدًا تحاول النظر بـ إتجاهه دون أن ينتبه، فوجدته ما زال مشغول بالتحدث في هاتفهِ.. لم تدرك بعد أن ناظريهِ لم يُفارقاها منذ أن وطأت بقدمها المزرعة، بينما هو خبيث للغاية.. تكشف عيناه التي تُشبه القناصتين من مسافة بعيدة، يرى الظل ويشعر بالحركة دون أن ينظر مباشرة.. فـ لاحظ فور انتقال مركز بصرها إليه، ولم يدع عيناه تصادف نظراتها حتى بالخطأ.

أجفل "يونس" وهو يتحدث في الهاتف متسائلًا :
- يعني برضو موصلناش لحاجه ياعيسى !؟

مسح على شعره الذي لمع أسفل بصيص الشمس التي تستعد للغروب، ونفخ منزعجًا من تقدمه لخطوة واحدة أخرى :
- مش كفاية، إننا نعرف إنها مش مدفونة وملهاش شهادة وفاة، ده مش كفاية بالعكس.. ده بيعقد تفكيري ويخليه يروح لتخمينات مش عايز اتوقعها

فـ تفاجئ "يونس" بـ اتفاق رؤية "عيسى" معه :
- وممكن يكون عم سيادتك أتخلص منها بنفسه لأي سبب

هز "يونس" رأسهِ محاولًا رفض تلك الفكرة من عقله قبل إن تغزوه وتعشعش به رافضة الخروج :
- معتقدش
- بالعكس، إنت فكرت في ده زيي بالظبط.. أنا عارف دماغك ياباشا

حك "يونس" عنقه و :
- حاول تلاقي أي طرف خيط تاني ياعيسى أنا......

أبعد "يونس" الهاتف عن أذنهِ لحظة ليرى من المُتصل على قائمة الإنتظار.. ثم عاد يتحدث :
- أقفل دلوقتي

ثم أغلق ورد على المكالمة الأخرى قبل أن يزفر :
- أيوة ياعمي!

فسأله "إبراهيم" :
- ملك في المزرعة ليه يايونس؟

قوس شفتيه من سؤالهِ الذي لم يبدو غريبًا له بعد رغبته في استعادتها و :
- ده مكانها الطبيعي اللي حضرتك قررت إنها تتنقل للحياة فيه
- بس أنا قولت هترجع تعيش هنا!

أنزل "يونس" الهاتف عن أذنهِ هنيهه، ثم عاد يتحدث :
- مبقاش قرار فردي ينفع تاخده لوحدك ياعمي

نظر بـ اتجاهها ليجدها منشغلة مع "ريحان"، فـ تابع حينئذ :
- أنت أدتني ملك بعد ما أمنتني على كل حاجه تخصها، دلوقتي وهي في مرحلة فارقة في حياتها وابتدت تتغير عايز ترجعها للحياة اللي أدت بيها لكل ده!.. أنا مش مقتنع باللي بتعمله ياعمي، أنت بتشتتها أكتر!

تنغض جبين "إبراهيم" جاهلًا بالمجهود النفسي الذي يبذله "يونس" لتغيير "ملك" سلوكيًا وفكريًا وأردف معترضًا وبتسرع :
- تغيير إيه يايونس!.. أنا مكنتش عايز غير إن بنتي تعقل وتبعد عن سكة الزفت اللي كانت عايزة تتجوزه

فلم يتردد "يونس" في ضرب الحقيقة بوجه "إبراهيم" حتى وإن كانت قاسية :
- أنت ارتكبت أكبر غلط في تربيتها ياعمي، حرمتها تكمل تعليمها، حرمتها تعمل صحاب بنفسها، حرمتها تنزل وتشوف الدنيا، حرمتها تفكر وتختار، حرمتها تقـول لأ.. أنت حرمتها من الحياة ياعمي.. حتى جوازها مكنش إختيارها

علقت عيناه عليها وهو يتابع بتصميم :
- ملك هتكمل تعليمها وهتقدم في جامعة، هتتعلم تفكر وتختار صح وتعيش نتايج اختيارتها.. هخليها تتنفس من غير ما تخاف، وأول حاجه هتختارها هي المكان اللي عايزة تنتمي ليه.. لو عايزة ترجع تعيش معاك هسيبها، ولو عايزة تكمل حياتها هنا برضو هسيبها

وجالت الفكرة على رأسهِ ليضعها ضمن الإختيارات :
- ويمكن تختار حياتها مع نينة، ليه لأ! ؟

نفخ "إبراهيم" بنفاذ صبر و :
- تعالى هنا عشان نعرف نتكلم يايونس، إحنا كلامنا فضل في نصه آخر مرة

فـ أيّد "يونس" ذلك على الفور :
- أنا برضو شايف كده.. ساعتين أو تلاته وهكون عندك

وكأنه اشتاق لها رغم إنها لم تبعُد سوى ساعات قليلة :
- متنساش تجيب ملك معاك

فـ أومأ و :
- حاضر هجيبها

أغلق هاتفهِ وهو يجفل بصرهُ عنها، ثم عاد ينظر إليها وهو يدنو من أسطبل الخيول.. جلجل صوت صهيل "ريحان" وكأنها ترحب به وتستقبله، فـ اتسعت ابتسامتهِ وهو يسألها كأنها تفهمه :
- وحشتك؟

ومسح على ظهرها بعطف بينما كانت "ملك" تقف بجوارهِ مباشرة.. ثم انتقلت أبصارهِ نحوها و :
- حبتك على فكرة

فـ سُرت "ملك" لسماع ذلك منه و :
- بجد؟ أنت عرفت منين؟؟

فلم يترك جوابًا مريحًا لها :
- أنا عارفها كويس لما بتحب حد.. بس دي مشكلة!

قطبت جبينها وعبست على الفور، وقبل أن تتفوه بكلمة كان هو يقول سبب عبارته :
- عشان مش عايزها تتعود على وجود حد ممكن ميكونش موجود معاها دايمًا

رمشت عدة مرات كأنها فهمت مغزى حديثه، وتجاهلت الرد عليه؛ أو بمعنى أدق لم تجد رد مناسب تنطق به.. فـ لجأت للصمت الطويل وتركت بضع قليل من الوقت يمر معهما بدون تحدث، حتى بدأت رحلة الإنتقال إلى العاصمة من جديد.
لم يخلو بالها من التفكير فيما رماه لها من طُعم في حديثه، بينما هو يعلم جيدًا إنها انشغلت به، فلم يرد التدخل حتى يترك فكرها طليقًا دون تقييد أو تأثير منه.. هو يريد قرارها النابع من عُمق نفسها، فقط.
.............................................................................

وضعت "ملك" حامل الشاي المخمر على المائدة، ثم دخلت غرفة والدها حيث يجلسان معًا وأردفت :
- الشاي على السفرة، أنا هنزل أروح لنغم عايزة تقولي حاجه وهرجع

أومأ "إبراهيم" برأسهِ موافقًا كونها ستترك المنزل لهم كي يتحادثان بحرية و :
- ماشي يابنتي، متتأخريش

كان "يونس" موليها ظهرهِ.. يُدخن سيجارتهِ وهو ينظر عبر النافذة، وقبل أن يلتفت ألقى عُقب سيجارتهِ من النافذة.. عندئذ رمقتهُ "ملك" بنظرة مذهولة لم يفهمها على الفور، فـ تبادلا الضحك عندما فهم لماذا ضحكت، ثم برر بعد أن حمحم :
- نسيت

فـ استدارت "ملك" وهي تغمغم بصوت استمعهُ بسهولة :
- على طول بتنسى

خرجت.. فـ جمد وجه "يونس" من جديد وعاد ينظر لـ "إبراهيم" متسائلًا :
- ها ياعمي؟ إيه الموضوع اللي كنا هنتكلم فيه؟

فسأله "إبراهيم" مباشرة :
- مقولتش ليه إن ربيع جالك الشركة يايونس؟

ابتسم "يونس" بعدما نجح تخمينه، بالطبع أبلغهُ "يزيد" على الفور.. سحب "يونس" المقعد وجلس قبالة عمهِ الممدد على فراشه وقال بصراحة :
- مكنتش عايز أجيلك بحكاية ناقصة، حبيت أكملها الأول

تنهد "إبراهيم" بقنوط و :
- اللي بتدور عليه مش هتلاقيه، أحسنلك تريح دماغك من وجع القلب يايونس

فـ استند "يونس" على ركبتيهِ بمرفقيه و :
- طب ما تريحنا إحنا الأتنين وتقولي اللي حصل!
- هتستفاد إيه! ؟

تشنج "يونس" واشتدت عضلات وجهه وهو يجيب معلنًا عن همهِ الوحيد :
- البني آدم ده عايز يشوف بنت خالته، أنت متخيل طالما وصل ليا مش هيوصل لملك؟؟.. ولو وصل، وألف قصص وحكايات.. هي هتبقى عاملة إزاي؟

نفخ "يونس" منزعجًا وهو يتابع :
- بكفاية اللي عملتوه في البنت، أنا بـ ألصم في جروحها لحد دلوقتي بالعافية وبرضو مش عارف!.. أنت بتعجزني ياعمي

كانت نظرات "إبراهيم" مرتكزة عليه وهو يتحدث بدون أن يُنذر وجهه بإشارة واحدة حتى، مما جعله يتابع دفع الثقل عن صدرهِ المنغلق على نفسهِ :
- ملك مش هتستحمل أي حاجه جديدة والقديم لسه سايب أثره جواها.. ريحني وخليني أعرف هعمل إيه مع الزفت ده

ثم أفاض بالمعلومة المؤكدة التي لديه :
- أنا عارف إن طنط منار مماتتش، هي فين؟

فـ نفى "إبراهيم" صحة ذلك و :
- مــاتت

فصاح "يونس" وقد سئم تلك المراوغات :
- ممــاتتــش ياعمي، مفيش شـهادة وفـاة بأسمها ولا مدفونة في مقابر الصدقة زي ما قولت وكذبت عليا.. بتكــذب أنت ويـزيد لــيه!! ، إيه السـر اللي مخبينهُ؟؟

— جانب آخـر —
نسيت "ملك" تمامًا إحضار هاتفها المحمول، فـ عادت كي تقوم بـ إحضاره قبل أن تصعد لرفيقتها.. تنفست بصعوبة وهي تصعد الدرج وهمست :
- مبقتش قادرة أطلع السلم لوحدي، منك لله يامحمد.. أنت السبب في اللي أنا فيه دلوقتي

وقفت قليلًا ريثما تهدأ.. ثم عادت تستأنف وهي تنظر لميدالية مفاتيحها، فـ استمعت فجأة لصوت صياح "يونس".. ذُعرت ، في العادة لم تكن تعرف كيف يكون صوت "يونس" عندما يرتفع، فقد اعتادت عليه هادئًا صبورًا ذا ثبات أنفعالي عالي للغاية.. وعندما خرج عن هدوءهِ ذلك أثار فزعها، ماذا حدث حتى يكون على هذه الحالة!؟

في حين كان هو بالفعل قد خرج عن طورهِ بعدما كتم ذلك طويلًا فخرج منه دفعة واحدة..
اشتط بعد أن أصرّ "إبراهيم" على جوابه، ولكن الأخير لم يجد مفر من إبلاغ إبن أخيهِ كي يتوقف عن البحث والنبش في جذور الأمر أكثر من ذلك، خاصة وإنه أدرى الناس بعقلهِ المتشدد وتفكيرهِ العنيد.
فـ أضطر أن يُفصح :
- ماتت ، والله ماتت يابني

فـ سحب "يونس" شهيقًا لصدرهِ بينما كان "إبراهيم" يتابع مُشيرًا لكفيّه :
- أنا دافنها بإيدي دول

تحرك "يونس" بعشوائية في الغرفة وما زالت الحكاية غير مكتملة في عقله يفكر في حلقاتها الناقصة :
- إزاي! من غير تصريح ولا شهادة؟
- أيوة، الحكاية يطول شرحها وانا تعبت من المناهدة معاك

فسأله "يونس" بدون أن يهتم بـ أعذارهِ للتأجيل من التحاور :
- هو ده اللي هتحكيه لما كنت عايز تتكلم معايا قبل ماانزل الشركة، صح ؟

فـ هز "إبراهيم" رأسهِ نافيًا :
- لأ، كنت عايزك في حاجه تانية تخص ملك؟

فـ أفتر طرف فمه بسخرية و :
- موضوع رجوعها هنا؟
- لأ

ازدرد "إبراهيم" ريقهِ وهو ينظر إليه بتوتر، لا يدري كي يقولها له.. فـ سأله "يونس" بنفاذ صبر :
- قول ياعمي

تعلقت عينه بـ عين "يونس" التي ترقبت حديثهِ، حتى ألجمهُ هو وشلّ حواسه بكلمة واحدة :
- أتـجوز مـلك يايـونس، أنت اللي هتبقى ليها لما أنا أموت

تصلبت عروقهِ كأن جريان الدم قد توقف، وشده كأنهُ تثلج في مكانهِ لم يرمش رمشة واحدة.
في حين كانت "ملك" تضع يدها على قلبها الذي يدق بعنف بين ضلوعها بعد سماع مطلب والدها، تشكلت قطرات العرق على جبينها، وسرت رعشة في أطرافها غير مدركة ما سبب هذه الحالة التي انتابتها بعدما سمعت "إبراهيم".. وتركت ظهرها يستند على الحائط المجاور لباب الغرفة غير مصدقة أيًا من ذلك، فقط همست بينها وبين نفسها :
- نـ... ـتـ آ... نتـجـوز..!!!
يتبع.....
لقراءة الفصل الثلاثون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات