القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثامن 8 بقلم نهال مصطفي

 رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثامن 8 بقلم نهال مصطفي 

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثامن 8 بقلم نهال مصطفي 

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل الثامن 8 بقلم نهال مصطفي 

 " زياد قولت اطلع بره "
تتراجع بسمه للخلف مقاومه قلبها الذي يدفعها دوما للامام وهى تشير بسبابتها مطلقة زفيرا قويا بنفاذ صبر تخشي انهيار مبادئها بنظرة رضا منه كما اعتاد ان يفعل بها ..
اردف زياد معادنا وهو يدنو شيئا فشيئا قائلا بحنان تلين لاجله الصخور

- فاكره يابسمة زمان ايام ثانوى اما كنت اثبتك تحت السلم .
اوشكت على البكاء فهى اضعف من أن تقاوم ضجيج قلبها وصخب عينيه فى آنٍ واحد .. تراقبه بعيون مرتعشه وانفاس تعلو صدرها من حين لآخر.. فهتفت بنبرة قويه من رحم ضعفها لا تعلم من اين اتت بها
- والله يا زياد لو ما خرجت دلوقتى هصوت وألم عليك اهل البيت كلهم ..
اخترق قانون المسافات وواضعها بين اسر انظاره المثبته على ما يشتهيه ويديه المستنده على الحائط قائلا
- افتحلك الباب ونصوت سوا ..

تعلم ان اقترابه لهذا الحد يحرق كلمات العناد والترجى والتمرد الفائضه على شفتيها .. ايقنت انها وقعت فى فخه الذي نصبته عشوائيه الصدف .. عيناها تحمل تعويذه بقبول اي شيء يتغلف برائحته .. شرعت لتحرك شفتيها لتقاوم نفسها اولا ثم هو ولكنه كان بارعا فى التقاط قُبله طويله من ثغرها دغدغت جسدها لاجزاء حتى باتت كل جوارحها فؤاد ينتشي بقربه ..

تناست العالم حولها حتى اصبح هو عالمها الوحيد لبضعة ثوانى مسروق من توقيت الحب .. انتهى زياد من فعله الذي لا يجد مبررا لارتكابه .. ربما غدده الصماء انتصرت على قلبه .. ام عيناها ذكرته باول نبضه بقلبه كانت لاجلها فلم يكبح مشاعره .. ام طباع الرجل الشرقي ثارت داخله ليحطم غرور امرأة يضمن حبها .. اقترب من اذنها هامسا
- انت غيرتى طعم الروج !! اصله زمان كان طعمه احلى ولا ده كان طعم الحرام .. على كُل مابحبش الخوخ ، نرجع للفراوله ياريت ..

دفعته بكل ما تجمع بداخلها من قوة إثر ثلجية كلماته .. قائله بانفاس متتاليه
- افتح الباب واطلع بره ..
ارتسم على ثغره ابتسامة انتصار وهو يلقى جملته الاخيره
- كان فى رد فعل اقوى على فكرة .. انت اللى اثبتى بسرعه ..

لم تكبح رغبتها فى قتله .. اصابتها رغبه عارمه فى اختراق صدره باظاهرها وتتناول قلبه وتمزقه لاشلاء كمان بعثر قلبها وروحها وكرامتها .. رمته بأبريق المياه الموضوع فوق الكومود لتطفىء نارها .. فارتفع صوته ضاحكا وهو ينفض قطرات ما تناثرت عليه
- كده هتأخر بسببك على معادى !! يلا ياستى فداكى هعتبرها ضريبة التهور بتاعى ..

خرجت وظل فعله الغير مخطط محتل عقله باحثا عن مبرر واحد لارتكابه .. هل اقترب منها رغبه فى محاولة طى مرحلة الفراق الخالى من اى ذنب يُذكر ام اصيب بلعنة الحب فانقلب السحر على الساحر !! .. على كلٍ سرعان ما نفض غبار افكاره بابتسامه قويه وهو يبدل ملابسه ليعود لموعده المرغوب ..

اما عنها فجلست ارضا خاليه من اى مشاعر ندم او لوم .. تتحسس قلبها الذي عطل نبضه منذ اعلان رحيله واليوم هو والصدف تأمرا على قلبها .. صنع من اعصابها حبالا يتسلقها عندما يريد .. ومن قلبها منزلا يسكنه عندما تلفظه الطرقات .. عادت الى متاهة رجل غامض يتلاعب بالحب كاحجار الطاوله .. مخادع يظن انه قادر على اللعب بالقلوب كالعرائس الخشبيه .. فهل يظل غائصا فى عالمه ام تنقلب عليه افعاله ويقع فى فخ ما كان يتلاعب به !!

■■■
جلس على مكتبه ينفث دخان غضبه مردفا
- نشأت بيه .. ياترى النقل ده بفعل فاعل ولا دى توصيات من فوق !!

بنبره خافته ممزوجه بالحده تعمد اللواء نشات تموية هشام عن افكاره السوداويه .. قائلا
- نسر السيوفى مش هيهمه سوا خدم فى الصعيد او فى سينا .. هو قدها دائما ..
اطفىء سيجارته المشتعله ف المطفاه حتى انثت بيده قائلا
- مش الفكره معاليك .. انا مخلصتش شغلى هنا ..

- شغل هنا هيتم وهيمشي زى ما أحنا مخططين له ياهشام .. لم حاجاتك بس وارجع على القاهره ارتاحلك يومين قبل ما تستلم شغلك الجديد ..

ليس من المنطق ان تتباهى بالحريه وانت مكبل بقيود الطاغوت .. مناصب متراقصه على حبال معلقه فمن يتجاوزها ويقترب لهدفه يقطعوا به الحبل ليعود من حيث ابتدأ ..

■■■

- ماشاء الله عينك من الصبح ما نزلتش من على النقيب مجدى !! هو في ايه ؟
احتل الخجل وجه رهف إثر اتهام فجر الصريح .. فظلت انظارها تطوف بعشوائيه وعلى ثغرها ابتسامه فشلت فى اخفائه قائله
- مفضوحه اوى يعنى !!
- جدا .. العيون فضاحه يا ستى ..
انتقلت رهف من مقعدها فى الجنينه الى مقعد آخر بجوار فجر قائله
- اقولك على سر ..
- فى بير يا ستى ...
- قدامه بحس انى طايشه .. عيله هبله .. متعرفش العقل مع أن عقلى بيوزن بلد مايغركيش الهزار الكتير ساعات بحس انه واحشنى لما هشام وزياد يختفوا كعادتهم ..

ثم صمتت لبرهه وهى تفرك كفيها وانظارها تتراقص هنا وهناك
- وفى نفس الوقت اول ما بشوفه بكون عاوز اتخانق معاه.. وبحس انه رخم ومش طايقاه .. ولو شوفت اى ولد قمر كده بحس انى اتخطفتله وبنسي مجدى بالثلث !! .... ممممم فاهمه حاجه ؟

ابتسامة فجر اتسعت قليلا وهى تتذكر شيء ما .. فبعد ما اتحذت نفسا طويلا شحن رئتها بأوكسجين الأمل.. قالت
- نحن نرى الاشياء بصورة تعكس حالتنا المزاجية ..

انعقد حاجبى رهف بامتعاض
- ميغركيش انى مذيعه .. كنت بسقط فاللغة العربيه على فكرة ..

ضحكت فجر إثر مزاحها الذي لا يتقيد بزمان ولا مكان مواصله حديثه
- ياستى هفهمك .. طولى بالك بس .. باباكى اتوفى امتى ..

سكن الحزن اغصان ملامحها ولمعت عينيها بدموع الذكريات
- بابى! .. بابى اتوفى من ٨ سنين.. كنت فى ٢ اعدادى .. وزياد كان فى ٢ جامعه واتش كان ملازم أول .. بابا كان مجمعنا .. كنا كلنا تربية عسكرى .. النوم بمعاد والخروج والاكل .. كله بالساعه ..

ثم صمتت لبرهه تجفف دموعها مواصله حديثها
- فجاة ملقتش بابا ولا هشام ولا زياد ولا حتى ماما .. بقيت اقعد فى اوضتى بالايام محدش يسأل عنى.. الا مجدى كان دايما على تواصل معايا .. ده غير هزاره وضحكه كنت بتكلم معاه ينسينى الدنيا ..

صمتت رهف منتظره رد فجر التى اجابتها بثقه وهدوء
- مستنيه ليه منى رد ! انت رديتى على نفسك ..!!

انعقد حاجبى رهف بتعجب
- فكرك مجدى كان بدل فاقد !!

- مجدى جالك فى الوقت اللى كانت فيه حياتك فاضيه .. فشوفتى فيه اخواتك واهلك وصديقك وممكن مشاعرك اتحركت ناحيه ... فكل الحاجات دى اتخلطت جواكى لحد ما وصلوكى للحيره دى !!

فكرت فى كلام فجر للحظات متمتمه : معاك حق .. والدليل فى وجود زياد وهشام مش بفتكر مجدى ..

- يبقي متعلقهوش معاك اكتر من كده حرام ..

- منا بردو مقدرش اشوفه مع واحده تانيه !! بحس انى طفله مستحيل حد ياخد منها حاجاتها ...

ضحكت فجر قائله : حالتك صعبه والله ..

- اوووف .. اوووووى
■■■

يسر مختالا فى طوابق المشفى رائحة عطره تفوح فى المكان مما تجعله تحت الانظار وبداخل القلوب من الممرضات وزملائه البنات وغيرهم من آهالى المرضي .. يسير بخُطى واثقه ثابته وابتسامه ساحره .. فتوقف اثر نداء فتاة ظهرت امامه فجأة .. اردفت بنبره قلقه وعيون تائهه وشيء من التوسل
- لو سمحت فين العنايه المركزه .

مشط جسدها الممشوق وشعرها الطويل عشوائيتها الساحره بأعينه ثم اردف بنبره البدايات الغلفه بالاهتمام واللهفه
- أنا دكتور هنا .. اقدر اساعدك فى حاجه ..

كاد الدمع ينسكب من مقلتيها راجيه
- جالى تليفون ان بابا هنا فى العنايه وانا مش عارفه هى فين .. ممكن ت ....

سرق الكلام من شفتيها وهو يمسك كفها بدون استئذان ويسحبها خلفه الى الاستقبال .. فعله الغير متوقع لا يحرك إنش من الفضول بعقلها إثر احتلال الخوف والقلق كيانها .. سألها زياد على اسم والدها .. فعاد الى موظف الاستقبال واستدل منه على الغرفه ... واصل سيره معه ولازال قابضا على كفها برفق ومن حين لاخر يبث بجوفها بعض الكلمات ليهدا من روعها الى أن وصلت الى الغرفه المقصوده .. فأشار اليها بسبابته
- والدك هنا .. وطبعا صعب تدخلى.. استنينى هنا متتحركيش هغير واجيلك نطمن عليه ..

لازال الخوف يسيطر عليها ومن حين لاخر دمعه تفر من طرف عينيها .. فاردفت بامتنان
- تعبت حضرتك معايا. .. كفايه اوى كده مش عاوزه اعطلك على شغلك ..

بنظراته الساحره ووسامته التى تجذب انظار الاعمى قائلا بمزاح
- فى فرق بين انك مش عاوزه تشوفينى تانى .. وبين انك هتعطلينى عن شغلى ..

ببراءة طفله اردفت : اكيد مش قصدى بس ...
رد سريعا : بس ايه !!! اسمعى الكلام وانا مش هتأخر ...
ابتسمت بهدوء وعيون منهمكه بحزن لم تذرف دموعه
- تمام يا دكتور !!
رد سريعا : زياد .. والجميل اسمه اى !!
- نور ..
- طيب والله حسيت .. فجاة لقيت حياتى نورت .

رفعت حاجبها مستنكره : ياسلام !
- وحياة عيونك القمر دول ... ٥د هتلاقينى عندك .. سلام مؤقت ..

صافح قلبها بنظرته التى اشبه بزخات المطر التى رطبت عجاف صدرها حاملة رساله صريحه بانه يعرفها منذ اعوام وما يفعله هو امر واجب عليه لا محال منه .. اشعل التفكير برأسها للحد الذي ظلت تنتظر مجيئه بخطاوى عقارب ساعتها حتى تناست أمر والدها ..

وصل الى مكتب نهى واقتحمه بدون استئذان كعادته .. كل شيء يقتحمه متى يريد حتى القلوب لا تخلو من مكره .. انتفضت نهى وهى تخفى العبوه الصغيره بيدها على الفور مما اثار فضوله .. قائلا
- بتعملى ايه !

قفلت الدرج سريعا وهى ترسم ابتسامه تحمل رساله صريحه بقربه قائله
- كل ده تأخير !!
التوى ثغره ضاحكا: بردو ما قولتيش اى اللى خبتيه منى !!

اهتز داخلها خوفا .. فقررت استخدام اسلحتها الانثويه لتنسيه امر ما يسأل عنه .. دنت منه وهى تعانقه بدلال
- وحشتنى يا زيزو ..

رجل مثله اضعف من أن يقاوم رائحتها التى اسكرته فتناسي امرها فلا يري امامه سوى اهوائه وهو يدنوها منه اكثر مردفا
- اى الرضا ده كله !!

- حسيت انى كنت اوفر معاك وكده !! فحبيت اصلح غلطى !!

شرعت فى ان تدنو منه اكثر لتكسر حاجز المسافات بينهم ولكنه تذكر تلك الحوريه التى بانتظاره .. فاليوم سقطت فى شباكه ضحيه جديده .. رجل مثله اعتاد ان يستغل كل الفرص .. للحظه طاوع نهى فيما تنويه منه وبمكر ثعالب ابتعد عنها قائلا بهمس
- راجعلك ....
لم ينتظر منها رد .. هو من يبادر ومن يغادر ومن يعلن الحب ومن يسلبه ، هو من يتعكز على اعذوبة كلماته وسحره ليخترق قلب كل انثى .. فعله اشعل جيوش من الغضب بجوفها فظلت تجوب الغرفه بحركات عشوائيه كالمجنون الذي فقد عقله .. لتقول متوعده
- طيب يا زياد اما وريتك !!!

■■■

- الحلو سرحان فى ايه !!
اردف مجدى جملته بخفة ظل وهو يجلس بجوارها ويسلب كوب العصير من يدها ويرتشفه دفعة .. فاجابته رهف بمزاح
- دانت مركز معايا بقي !

- ماهو بصراحه لازم .. عيونك محاصرانى من كل الاتجاهات !! وماصدقت فجر قامت قولت اما استفرد بيك والبيت فاضي كده ..

اتسعت ابتسامتها واحمرت وجنتيها بدماء الخجل .. فسرعان ما غير الموضوع قائله
- مجدى هو احنا مستهدفين !

انعقد حاجبيه متعجبا : قصدك عشان التأمين والحرس وكده ؟!

- اااه اصل هشام وبابا كانوا رافضين الفكره دى تماما ..

- مم ياستى اعتبريها إجراءات أمنية عشان مش عاوز اقلق عليك ..

- هى فجر حوارها كبير ولا ايه !!

وضع ساق فوق الاخرى وهو يفكر للحظه
- حقيقي مش عارف .. بس اخوكى اكيد له نظريه تانيه ... لو مضايقاكى امشيها ..

اجابت سريعا : لالا باين عليها طيبه اوى .. وتعبت فى حياتها كتير .

انتقل من مقعد ليجلس على الاورجوحة بقربها ومقلتيه يفيض منها الشوق فازفت لحظة انفجاره قائلا
- والله ما حد تعب ادى !! اخوك مش عاوز يخطبك ليا ليه !! افهم بس .. والله يا جدعان انا عريس لُقطه مترفضش ..

انتهى من جملته وقبل ما تجيبه قطع خلوتهم صوت رنين هشام .. فاردف مجدى بتأفف
- اخوكى .. عملى الرضي فى الحياه .. اشوفك متجاب من جدور قلبك على رقبتك ياهشام يابن عايده !

انفجرت رهف ضاحكه وهى تنهض لتهرب من صوت اخيها الذي يرعبها كثيرا
- استنى متردش غير لما امشي !!

اجابها بحسره : اخوكى لو مخاوى عفريت ما هيعمل فينا كده ..

ثم فتح هاتفه قائلا بتأفف
- ايوه ياعم هشام ..

- خلصت اللى قولتلك عليه !!

- اتزفتت .. اى اوامر تانيه !!
- مجدى انت مضايق ليه ؟!
- واحد بيخدم ٤٥ يوم فى الحكومه .. ويومين الاجازه اللى باخدهم بخدم فى حكومه آل السيوفى ، عاوزو يزغرد ؟!

- بطل تفاهه وركز معايا !! البت لسه قاعده

- ااه ياسيدى قاعده وامك مش طايقاها .. انت فين الاول ..

- انا جاى فى الطريق..

فاردف مجدى بحزم : يبقي تركز فى سواقتك وانا اروح انام شويه ارتاح منك ياخى ولما تيجى يحلها الحلال .. ارحم نفسك وارحمنى ياهشام ..

■■■

- لو هزعجك ممكن انزل ..
كسرت فجر حاجز الصمت السائد بينهم وهى تجلس على طرف السرير تترقب اعين بسمه اللامعه فى توب الحزن كنجوم الليل .. سحبت بسمه الفرشاة من خلف اذنها وهى منشغله باللوحه التى امامها قائله
- لا ابدا .. الرسم الحاجه الوحيده اللى مستحيل اى دوشه تاخدنى منه ..

ابتسمت فجر قائله : وانا كمان بحب القراءه جدا .. بس للاسف كان نفسي اكمل تعليمى ومحصلش نصيب ..

- انت واخده ايه يافجر

- اتعلمت لحد ٣ث وجبت ٩٧% وكان نفسي اوى ادخل سياسه و اقتصاد .. _ ثم اطلقت ضحكه يائسه _ بس شكلى عليت سقف احلامى ..

ابتسامه ساخره بنكهة الحزن .. فهتف بسمه قائله
- ده الطبيعى .. الاحلام ملهاش مكان بيننا .. دى مجرد حياه تانيه جوانا بنضطر نتشعبط فى حبالها عشان نعيش ..

فركت فجر كفيها محاوله كبح دموعها قائله
- معقوله انت كمان محققتيش احلامك ..

تركت بسمه فرشاة الرسم التى تعد كلسانها المتحدث دوما .. وتناولت كوب القهوة بهدوء .. ثم قالت
- عمرى ما كنت بحب الطب ولا بفكر اروحه .. كان نفسي ادخل فنون جميله لانى مجنونه رسم ..

- ومدخلتيش ليه !!

اقتربت بسمه من النافذه ولازالت تواصل ارتشاف قهوتها
- عشان غبيه !! وغلطة من ٩ سنين بدفع تمن لدلوقت !!

اقتربت فجر منها : فهمينى طيب !!

- الشخص اللى قدامك ده مش اكتر من ظل لزياد !!

- بمعنى ؟!

- كل حاجه حولنا مصنوعه من الماء .. الغيوم .. النهر .. حتى احنا ممتلئين بدموع لا نعلم من اي وجهة تسربت .. زياد فى حياتى زى كده ... كنت بحب اقلده فى كل حاجه واى حاجه .. هو الليدر فى حياتى .. زى مايعمل بعتبر قانون صارم عليا ولازم انفذه ...

- يعنى انت دخلتى الكليه عشاان زياد !!

- هاهه !! ومش بس كده بقيت البس نفس الالوان اللى بيحبها .. واتعلمت العزف لانه بيحبه جدا .. حتى الوان عربياتنا واحده .. مش بقولك بسمة عباره عن ظل لزياد!!

اتكات فجر على جانب النافذه وهى تعقد ساعديها امام صدرها
- طيب وهو !!

لوهلة تذكرت فعله المهين .. فوضعت الكوب على النافذه بغل حتى اوشك على الانكسار قائله بغضب يتناثر هنا وهناك
- هو ربنا ياخده ..

انفجرت فجر ضاحكه اثر انفعالها فسقطت عينيها على صورة زياد التى لم تنته من رسمتها بعد .. فتمتمت بمكر
- مممممم .. لا واضح اوى انك مش طايقاه !!

ففهمت مغزى ما تشير اليها فانفجر الاثنين يضحكان على مشاعرهم المكشوفه كالشمس حتى الاعمى يراها ...

نحن كبنات حواء يجري فى عروقنا دماء النكران .. ننكر الحقائق عندما تخالف هوانا .. ننكر فرحنا خلف ستائر الحزن لنخفيه عن الاعين ، ننكر اخطاءنا عندما تنقلب علينا .. ننكر الحب ونحن نغرق بقاعه وفى نفس الوقت نحن ف انتظار ليلة حب بعد انتظار اعوام من الوحده .. نحن غرباء لاتحاول ايها الرجل فهمنا .. والله ستجن ..

■■■

- اطمنوا هو دلوقت بقي أحسن .. وهننقله اوضه عاديه !!
القى الطبيب المختص بحالة والد نور جملته وهو يرفع الكمامه عن وجهه على اذان زياد ونور .. فشرعت نور بالتحدث ولكن خطف زياد الكلام منها قائلا
- يعنى مفيش اى خطر على حياته يادكتور !!

- لالا اطمنوا .. هو مش هيفوق دلوقت عشان البندج .. تقدروا تتفضلوا واى جديد هبلغ دكتور زياد

اخر جمله القاها الطبيب المختص قبل رحيله .. فاستدار زياد اليها قائلا
- اهو سمعتى ياستى !! اظن بقا جيه الوقت اللى اعزمك فيه على حاجه ..

شرعت بتقديم اعذارها ولكنه لم يسمح لها قائلا
- رد الجميل ياستى !! ولا انت مابتفهميش فى الاصول ..

ابتسمت رغم عنها ثم قالت : بس انا اللى هعزمك !

- ياستى وانا اطول .. موافق طبعا .. اعزمى انت وهحاسب أنا ...

نظرت له بانبهار متعجبه من تلقائيته متجاهلة ربكة جوارحها .. كانت تتسأل كيف اعتصرت من لحظات اللقاء الفقير بينهم قطرات تملا قناة مجرى دماؤها برجل مثير للدهشه مثله !!
■■■
احمر قرص الشمس .. فوصل خالد الى مغفر الشرطه ملثما ثم زال الشال عن وجهه بعدما ظن انه وصل للامان .. فتوقف امام احد العساكر مستفسرا
- الرائد هشام فين مكتبه !!

اردف العسكرى برسمه : حضرة الظابط ساب القسم. .

انعقد حاجبى خالد باسف وتسلق الحزن وفقدان الامل ملامحه قائلا
- ساب القسم !!! وراح فين ..

- تقريبا اتنقل ..

- طيب معاك رقم تليفونه ..

تبدلت ملامح العسكرى بنفاذ صبر
- يا خينه قولنا الظابط ساب القسم ومشي .. خلصنا !!

فاردف خالد متوسلا
- طيب عنوان بيته .. اخر طلب ياعسكرى !!

زفر العسكرى باختناق : اتكل عالله ولو عرفت حاجه هخبرك ..

- طب والنبى يا شويش وحياه عيالك ده رقمى اى معلومه عن الظابط هشام بلغنى ..

تناول الورقه بعدم اهتمام ليسايسه ويتهرب منه .. فخرج خالد والحزن ينصب بقلبه .. وعلى حدا التف العسكرى ليجرى مكالمه تليفونيه بعدما توارى خلف احد الجدارن وبصوت منخفض
- زيدان بيه .. ف حاجه حصلت وانا لازم ابلغ جنابك ....

عند زيدان فى القصر الجالس فى بهو منزله يترشف مشروبه .. ويملأ صدره بالدخان .. فاردف بهدوء يثير الجنون
- زين .. زين .. انا عاوزك بقي تكلمه وتقوله انك عترت فى رقم الظابط .. واديهوله ..

العسكرى بذهوله : معقولة جنابك !

بنبرة حاده اردف زيدان : انت هتعلمنى شغلى ياولد المحروق !!!

ارتعب العسكرى : تمام تمام جنابك اللى تأمر بيه ..

بدون سابق إنذار قفل الخط والقى الهاتف بجواره .. فدخل رجل اخر يحمل اخباره المنتظره .. فغطت مهجه شعرها بقماشه شبكه لا تخفى شيء ولكنها من باب تريح الضمير وهى تهتف
- شكل الخير ..

رفع زيدان صوته
- ابشر ياوش السعد ..
ابتسم الرجل وهو يخرج ورقه من جيبه ويدلى للعمده المعلومات التى جمعها عن هشام وعائلته
- معندهوش غير أخ و اخت ... وامه ست كبيره وواصله وليها مكانتها .. عندها مصنع ملابس كبير قوى وبتصدر منه لبلاد بره .. اما عن الظابط ففى خبر انه تم نقله العريش .. يعنى يابيه مفيش داعى انك تقلق منه .. كده الشوك اللى واقفالك فى الزور غارت ..

لاحت له مهجه بكفها كى يرحل .. ثم اقتربت من زوجها
- اى قولتك فى كلامه !!

ابتسم زيدان بانتصار : ماهو قالك الشووك الوقفه لنا ف الزور غارت !!

صدى صوت ضحكتها انشطر هنا وهناك وهى تربت على كتفه وتتمايل بجسدها بقربه بميوعه
- بس مهجتك ليها خط سير تانى ..

- نورينى ...

- هات مليون جنيه الاول .. وشوف النتيجه بعدها ...

رمقها بنظره محاولا استكشاف ما تفكر به ولكنه قرر ان يصمت ويترك لها الساحه لتنطق ..

■■■

سياره وقفت امامه لتعيق دخوله للفيلا .. دلفت مياده من سيارته ووقفت امامها وعلى حده نزل الاخير وهو يشعل سيجارته التى ستصنع من داخله يوما ما فحما محترقا .. فاردف باستغراب
- مياده !!

كانت انظارها تبوح بشوق غير عادى .. ولكنها تسلحت بسلاخ العزة والكرامه بصرف النظر عن مجرد انتسابها له على ختم رسميا فقط .. فاردفت بقوة
- كنت متاكده انك مش هتيجى ولا نتكلم.. مكنش قدامى غير اتابعك على GpS

- تعالى جوه طيب نتكلم !!

- مش هطول عليك ياحضرة الظابط ..

اتكا هشام بظهره على مقدمة سيارته ينتظر كلامها .. فواصلت مياده حديثها
- بص ياهشام من غير كلام كتير .. انا مسافره امريكا هقعد فترة هناك عند مايسه .. فمش طالبه منك غير اذن السفر ..

هتف باستغراب : امريكا !!

- هشام الفتره دى هتكون كويسه ان كل واحد فينا يعرف هو عاوز ايه .. ولما انزل لينا كلام تانى بس اتمنى انى انزل القى ورقة طلاقى ..

انتظرت رده طويلا ولكنه كعادته تسلح بالصمت . كانت نتظر منه كلمه ليمنعها عن قرارها ولكنه خيب املها كعادته .. وبرغم كل هذا كانت تود ان تضمه بضمة وداع اخيره .. كان قلبها يتمزق لاشلاء من حدة سكاكين الفراق كل طرق نسيانه دومًا ما تنتهى بالاشتهاء فى العوده إليه .. اخبرنى اي طريق على ان اسلكه لتركك دون أن التفت !!

القت جملتها الاخيره قبل ما تنفجر فى بحور عذابها
- انا كده عملت اللى عليا .. اشوف وشك بخير ..

كان قادرا ان يغير الحياه بنظره من مقلتيه .. وربما كلمه بشدقيه .. وربما وجوده شيئا استثنائيا كافيا ان يغير التاريخ ولكنه كان مصابا بلعنة الخذلان..خذلانى فى كل ما اشتهيه منه ..

غادرت مياده امامه فلم يتكرم بالقاء جمله واحده حتى ولو مجامله يري ان ذلك سيؤثر ويهزم من عزته كرجل يري أن الحب بمثابة مذله واهانه .. أن اللطف مع المراة تحبه ما هو الا اختراع فاشل اختلقته النساء لتكبل قلوب الرجال .. ولكنه تذكر شيئا على الفور
- وصلى سلامى لكامل بيه واشكريه على التوصيه الجامده دى .. كان نفسي من زمان اخدم فى سينا ..

رجل مثله لا يشغله الا شغله ومهامه .. عاد الى سيارته ليفسح لها الطريق داخلا هو منزله بدون ما يشغل تفكيره ولو للحظه بها .. ويري أن ذلك هو العادى .. هو المفروض ان يسيروا على نهجة صنف آدم ...

■■■

- هشام جييه ..
هللت رهف الواقفه بقرب النافذه إثر رؤيتها لاضواء سيارته .. فارتعد قلب فجر الجالسه بجوار بسمه فى ساحة المنزل .. فى الوقت الذي اقتحم فيه هشام المنزل كانت عايدة تتوسط درجات السلم .. رفع هشام انظاره نحو امه الذي شح الحوار بينهم من يوم كتب الكتاب إثر ما فعلته .. فاردفت بنبرة حاده

- نورت ياحضرة الظابط ..

تجاهل حديثها واكمل سيره للداخل ممكن اشعل الغضب بجوفها .. فصرخت قائله

- انا النهارده عرفت ليه ابوك كان يعاملك بالقسوة دى .. ولد عندى ودماغه ناشفه ومش بيسمع لحد ..

جلس فوق اريكه الصالون رافعا ساقيه على المنضده منتظرا اخرها .. فاقتربت منه عايده بنيران متقاذفه
- انت متاكد انك بنى ادم طبيعى !!

رفع صوته موجها حديثه لرهف التى تقف مع البنات بجوار السلم يترقبون المعركه ..فقال
- رهف .. جهزيلى عشا ..

للحظة شعرت عايده بأن شعرها تحول لاسلاك كهرباء إثر دينامو تجاهله .. فلم تجد ما تفجر فيه طاقاته المكبوته الا فجر .. فاستدارت صارخه
- جايلنا واحده من الشارع ومقعدها مع اخواتك ... دى اللى سبت كتب كتابك عشانها!! انت اتجننت ؟! اعمل فيك ايه اسيبلكم البيت وامشي .. حسابك تقل اوى ياهشام

نصب عوده المتناسق امامها وبمنتهى الهدوء اقترب من اذنها هامسا
- العصبيه غلط على بشرتك عشان التجاعيد ياكوين عايده .. ولو على الحساب خلينا قافلينه احسن ..

ثم سار نحو مكتبه يطلق صفيرا مسموعا ويعبث بمفاتبحه غير مبالى بلهيب امه الذي اوشك على الانفجار .. لم تجد مفر سوى الهرب من جنون اولادها تناولت مفاتيحها وخرجت من اسوار منزلها الاشبح بحبس انفرادى رغم سكانه !!

التفت رهف نحو فجر وبسمه بفخر
- عليا النعمه هشام اخويا ده برنس ..

فجر برعب مختبىء : ده يشل !!

رهف بمزاح : هفتنله ..
فجر تشبثت بكف بسمة بتوسل : ما تيجى معايا اتكلم معاه ..
بسمه وهى تتخلى عنها
- ابعدينى انا عن سكة ولاد السيوفى .. انا لسه فى عز شبابى مش عاوزه امراض مزمنه ..
نظرت الي رهف وقبل ان تتحدث كانت هاربه من امامها قائله
- انا هروح اعمله يتعشي قبل ما يتعشي بيا .

فجر بلوم : كلكم كده اتخليتوا عنى !! مفيش مفر هضطر انى اواجه لوحدى ...

استجمعت شتات قوتها وسارت بخطى ثابته نحو مكتبه .. اطرقت الباب بخوفت فلم يتكرم ويرفع انظاره نحو الطارق .. كان منعمسا فى تنظيف سلاحه .. بطأت خطواتها وهى ترمقه من حين لآخر قائله بخوف
- عايزه اطلب من حضرتك طلبين !!

نفخ فى فوهة سلاحه بتركيز شديد مكتفيا باصدار إيماءه خافته : امممممممم

وقفت فى منتصف ارضية غرفة مكتبه.. ثم اردفت
- كنت عاوزه ازور ابويا .. و محدش غيرك هيساعدنى ..

طالت النظر فى ملامحه منتظر ردا ولكنه خاب املها .. لا تراه الا يعيد تركيب سلاحه تجاهلت تجاهله فواصلت حديثها
- والتانى عاوزه امشي من هنا .. مش عاوزه اسببلك مشاكل اكتر من كده ..

انتابها الفضول فى ان تطيل النظر بملامحه الثابته ، ان تلتقط له صورة فوتوغرافيه اخيره .. كانت تنظر اليه مرتعشة .. مرتبكه .. بها شخص يخشاه وآخر يتمنى ان يستكشفه ويظل بصحبته لاخر الحياه برغم جفاك ولكنى أثق بان خلف صمتك كنوز ودرر نادره ... شخصا مثيرا للفضول بصمته اشعل العقل قبل القلب فما سيكون مصيري معك !!

زفرت باختناق إثر يأسها منه رد .. فما فعلته عشوائيتها سوى ان تضرب الارض بقدميها هاتفه بلسان خال من العقل
- منا مش امك عشان اكلمك متردش عليا ..

قنبله قُذفت من لسانها تفاداها برصاصه من فوهة مسدسه لهيبها كاد أن يطيح بشعرها مصيبه هدفها بالتمام .. للحظه عطلت جميع اجهزة جسدها وتجمد الدم بعروقها وجحظت مقلتيها باندهاش محاوله استيعاب فعله الخارج عن قوانين العقل ..

استدارت بنفس الذهوول لترى مصب الرصاصه وجدتها اطاحت ببرص لم يقترف اى ذنب سوى دخوله الى زنزانته .. بللت حلقها عدة مرات متخذه انفاسها بصعوبه .. فقدت قدرتها على الحركه على الكلام للتو فقد ايقنت انها امام رجل غير عادى .. رجل خرج من مشفى المجانين بكفاله ..

ظل يرمقها طويلا فهو لا يعلم اذا كان انطفىء او اشتعل بها .. تجاهل صخب مشاعره الذي تعمد قتلها وهو ينصب عوده ويقترب منها حتى ضمتهم بلاطة ارضيه واحده هامسا ببرود

- هو انا المفروض انبه على رهف كام مره عشان متسبش شباك الجنينه مفتوح .. برص مسكين اهو احمل ذنب عيلة غبيه..

لازالت تحت مخدر صدمتها وصوت الرصاصه التى اخترقت اذانها .. تاكدت الا يوجد اى اختيار .. فالكل مُجبر ... مجبر على الحزن ، البعد ، النسيان ، السير فى طريق لا ينتمى اليه .. على تجاهل تلك المعضله التى تصدح اقصي اليسار .. ايقنت انها نجت من براثن غضبه فسطت فى براثن عينيه التى شقت قلبها لنصفين .. فأعلنت عليه الحرب قائله
- لو هتقتلنى ما هقعدلك فيها دقيقه واحده ...
يتبع...
لقراءة الفصل التاسع : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات