القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السابع عشر 17 بقلم نهال مصطفي

 رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السابع عشر 17 بقلم نهال مصطفي 

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السابع عشر 17 بقلم نهال مصطفي 

رواية الحرب لأجلك سلام الفصل السابع عشر 17 بقلم نهال مصطفي 

علق خنجر كلماته فى صدرها محاوله تمالك دموعها من الاندفاع
- انت ليه مصمم تخلينى اكرهك !!

- ومين قالك انى عاوزك تحبينى !!

- تصدق حلال فيك المرمطه دى .. والود ودى اروح اعترف عليك بانك خطفتنى يمكن فرعنتك وشوكتك دى تنكسر ..

كانت اخر جمله القتها قبل ما يلفها بجسدها ويكتم انفاسها بيكفه الثقيل فبات ظهرها جزءا لصيقا بصدره واتسعت عيونه إثر افعاله المباغتة دوما هامسا بحرص
- اشششششششش .. فى صوت بره .. اكتمى !!

تحرك هشام بحرصٍ شديدٍ الا يحدث صوتا او صخبًا ملفتًا ولازال يكتم انفاسها بيده .. ولازالت مغيبة عن ادراك ما يحدث الا ان السؤال الذي اشعل رأسها فكرا : أي ريح عصفت لتلقى بها تحت يديه !!

اقترب هشام من النافذه يتفقد الرؤيه من خلف الحاجز الخشبى فلم يجد شيئا .. تعلق بكلا كفيها بيده مستغيثه
- طيب سيبنى !!

احكم غلق كفه على فمها وكأن الوضع راق له .. هامسا
- اصبرى !

اتجه نحو غرفة النوم ليقف خلف النافذه باحثا عن مصدر الصوت .. فسقطت عيناه على نورٍ منبعث من كشاف صغير .. زام ما بين حاجبيه مفكرا ..
- مين دول ؟؟!

تملص فجر من تحت يده بصعوبه حتى افلت قبضته متخذه نفسها بصعوبة بالغه ... وهى تردف بامتعاض
- ايه !! هموت في ايدك !!
همس بضجر مكبوت : قولى إن شاء الله ..
لم يعطها فرصه للرد وسرعان ما عاد الى النافذه يترقب الحال .. فتابعته انظارها بفضولٍ وهى تقول بخوف
- نهار اسود ليكون رجالة زيدان وانت هنا لوحدك.. دول مفتريين ومش بيرحموا !!

نصب طوله مجددا وهو يرمقها بنظره ساخطه مفعمه بالسخريه .. ثم سحبها خلفه متجها نحو المطبخ .. لازالت مستسلمه لتصرفاته الغريبه التى بات يحركها امامه كعروسه خشب .. وصل المطبخ وامسك بسكين قائلا
- دى تخليها معاك ! وتستخبى تحت المطبخ هنا .. وانا هطلع اشوف فى ايه ..

صرخت بدون تفكير : نهار اسووود
وفى لمح البصر عاد ليكتم انفاسها وبنظراته الواسعه
- اااا شششششششش ..
اومأت ايجابا متفهمه الامر .. فعادت مردفه بنبرة اكثر حذرا
- نهار اسود ... لا طبعا مش هيحصل الكلام ده !!

جز على اسنانه بنفاذ صبر : منا لازم اطلع اشوف مين بيحوم حولين المكان ؟!!!

وقفت امامه لتعوق طريقه
- اقعد هنا بدراعك المتعور ده .. وبعدين لو مسكوك مش هيعتقوك .. انا عارفاهم اكتر منك

اغمض عينيه للحظه بنفاذ صبر محاولا تمالك اعصابه
- انت ليه محسسانى انك قاعده مع ابن اختك !! ياما انا ظابط امن دولة قبل ما اكون ظابط مباحث ..

وضعت كفيها فى خصرها معانده
- خلينا متفقين أنها كلها القاب على ورق .. رصاصه طايشه هترقدك ..

عض على شفته باغتياظ فاتحا كفه يود ان يخنقها
-استغفر الله العظيم .. انت عاوزه ايه دلوقتِ يعنى !!

- اقعد معايا نستخبى تحت المطبخ ولو فى هجوم وكده تكون موجود عشان تقتلهم و تدافع عنى !!

كيلهُ طفح منها فاردف قائلا
- والله شكلى هبدأ بيكى !! اى الهبل اللى بتقوليه ده ؟! مطبخ اى اللى أنا استخبى تحته ؟!

■■■

- طيب أنت عارف الساعه كام !! وانت اصلا نايم من أمتى ؟!
اردفت بسمة جملتها وهى تفتح انوار الغرفه على زياد الغائص فى اعماق نومه .. ففتح عينه بتثاقل وكأن جبال الأطلس رست على جفونه وبصوت مفعم بالنوم
- فى ايه بس يابسمه ؟!

شدت الغطاء من فوقه : فى نبطشيه كمان ساعتين يادكتور .. وانت نايم ولا على بالك !! افضل لحد امتى افكرك بشغلك ..

اعتدل على ظهره وهو يضع الوساده فوق رأسه قائلا
- اقفلى النور بس .. ماليش مزاج اروح ..

تعالت اصوات انفاسها اغتياظا .. وهى ترمقه بنفاذ صبر ادى بها لتسكب كوب المياه فوق بطنه قائله
- عشان تبطل الكسل اللى أنت فيه ده !!

فزع زياد كالملدوغ إثر انسكاب المياه فوق جسده مزفرا بضيق
- اى الجنان ده !! ..

تراجعت للخلف وهى تضحك على هيئته
- كفايه نوم يلا قوم ..

عض على شفته السفليه وهو يتفقد قميصها القطنى الذي يصل لتحت ركبتيها .. واقدامها العاريه التى حالت ضجر ل صخبٍ لا يهدأ الا بها .. فانتصب بقامته المثيره وهو يقترب منها متوعدا وما يزيدها اقترابه الا ابتعادا .. مستغيثه
- كنت بهزر معاك والله .... مالك بس !

- انت أد الحركه دى ؟!

- يا زيزو والله خايفه على مصلحتك .. ماتبقاش قماص ؟!

حاصرها بين يديه المستنده على الحائط خلفها وهو يتفقدها بنظرات الانتقام التى تحولت للشوق
- بس اى الحلاوة دى ؟!

حاولت الهرب من حصاره ولكنها فشلت فنظرت متوسله
- يوووه بقي .. انا غلطانه انى صحيتك يعنى ؟!

- ااه غلطانه انك صحتينى بالطريقه دى ؟!

اتسعت عيونها متحديه
- اومال اصحيك ازاى يعنى ؟!
ضاقت عيونه لتتناسب مع مغزى ما يشير اليه وهو يداعب بانامله خصيلات شعرها التى تغطى نصف وجهها قائلا
- منا هعلمك تصحينى ازاى بعد كده ؟!

تطلعت فى ملامحه بعيون لازالت تحمل طهر الطفولة .. وعطف الامومه وهى تتشبث بملابسه بكفوفها الصغيره
- ازاى بقى !!

لم يجيبها قولا تلك المره .. فترك زمام الامر لشفتيه تُجيبها ناثرا عطر قربه المرغوب بالنسبة لها .. كانه تمرس على اللعب فوق اوتارها لتصدر لحنا خافتًا لا يُلاحن الا له ... شرعت ان تتناغم مع موسيقي قربه ولكنها فزعت كمن اصابه ماس كهربى عندما سمعت صوت قفل الباب هاتفه
- ياليله سوده .. امك جااااااااات ..

كالبرق ظهرت فجاة وسرعان ما اختفت من غرفته ... ظل يسب فى نفسه سرا
- وهو ده وقتك يعنى ياعايده هانم !! اووووف !!

ثم صار نحو شاشة هاتفه التى اضاءت باسم ( نور ) .. فاتسعت ابتسامته وهو يجيب
- قبل اى حاجه .. انا استاهل كل الشتيمه اللى فى الدنيا عشان مقصر معاك !!

اتكأت نور على اورجيحة غرفتها وهو تعبث فى خصيله شعرها المموج
- طيب كويس انك عارف !!
- طبعا عارف وهصلح غلطى حالا !!

- والله؟! ازاى بقي !!
- تحبى اجيلك القاهره حالا !

- انت لسه فى اسكندريه ؟!

- لسه .. ومش عاوز اقولك ريح المكان تقيل على قلبى لابعد حد لمجرد أنك مش هنا ..

صمتت للحظه ثم اردفت بخجل
- زياد ...

- عيون زياااد ..
- هو انت عملت فيا ايه ؟! مم قصدى طول اليوم بفكر فيك .. ماشيه فى الشوارع زى المجنونه بدور عليك وانا عارفه انك مش موجود ... شكلك وحشتنى بجد !!

انفجر زياد ضاحكا ضحكة قائد منتصر وهو يملأ حوض السباحه بالمياه ويتدلى باقدامه قائلا
- الصبح هكون عندك ..

تنهدت بارتياح : مع انى شيفاه بعيد اوى بس هستناك ..
اتسعت ابتسامته ثم قال بمكر : انت كمان وحشتينى بجد ..
- احم .. بابا بينادى .. مضطره اقفل !!
بادر قائلا : مش مضطرة تهربى كل مرة !!

تلقت جملته الاخيره ثم قفلت بعدها بدون رد وهى تحضن هاتفه لتهدأ من فوضي مشاعرها الجائره .. وهى تتسائل بأى لعنة اصيبت ليُبيت تفكيرها كله فى ظل رجل خيم عطر وجوده على قلبها بدون سابق انذار ..

غاص زياد فى بحيرته الصغيره من المياه الدافئه وهو يتذكر لقائه الاول معها كرجل مثله بفطرته الذكوريه ان لم يعلم كيف يراوض امراة يعد بمثابه اهانه له .. فشرد فى شعرها الذي التف على قلبه للحد الذي يتمنى أن يكون بقربها الان .. ان يصبح العالم كله مدينتها ...

كادت المياه تكتم انفاسه ولكنه فزع مستنشقا متخذا نفسه بصعوبه
- جرالك اى يا سيوفى !!!
■■■

- اتمنى يكون المكان عاجبك ؟!
عودة الى ( الشاليه ) عامة .. وتحت رخام المطبخ خاصة اردفت فجر جملتها بصوت يخفى وراء غيبوبة لا متناهيه من الضحك على اذان هشام الذي يضخ دخانا من وجهه .. فعض على شفته متوعدا
- انت مبسوطه ليه مش فاهم !!

اخفت ثغرها الضاحك باصابعها للثوان .. ثم قالت
- اصلك تنازلت وماهونتش عليك تسيبنى لوحدى وتخرج !!

انعقد ما بين حاجبيه ليخفى ألم سهم كلماتها الذي اصابه هدفه بقلبه كانت سببه أمراه تحاصره بانظارها من كل الاتجاهات .. فاردف مكتاظا
- وايه الثقه دى !! لا طبعا مش هو ده السبب !!
ضاقت انظارها متسائله : اومال ايه السبب ؟!

شعر بالتيهِ للحظه ثم قال : مش لازم تعرفيه !! ومش كل حاجه تحشري مناخيرك فيها وعدى ايامك معايا !!

- انت كل ما تتزنق فى الكلام ومتلاقيش رد بتهب زى البوتاجاز كده ليه !!

استدار بوجهه نحوها فوقعت انظاره لاول مره على شفاها الوردى المُتأكله باسنانها اثر خوفها الشديد والخاليه من اى حُمرة صناعية .. فلُدغَ برغبة عارمة فى التهامها .. وغلت دمائه على حرارة قلبه وهو يحارب دواخله .. فبعض الانتصارات لذتها بالهزائم كما فعلت ملامح إمراه .. وثب هاربا كعادته وهو يقول
- بلاش تتعدى حدودك معايا !!

غمغمت بكلامٍ غير مفهوم ولكن عيون الصقرية التى لازالت تقتنص شفاها التقطت السبات واللعنات المتتاليه .. فتحرك نحو النافذه ففزع إثر خبط صوت الباب المفاجئ .. فاشار اليها بعيونه بأن تختبئ .. وذهب هو ليفتح الباب بثبات فوجد احد رجال الامن معتذرا
- احنا اسفين يافندم ..

اطمئن قلب فجر التى تطلعت برأسها تدريجيا عندما سمعت صوت الامن .. فهتف هشام بنبرة عسكريه

- اى الدوشة اللى بره دى !!
- متأسف على اى ازعاج لحضرتك انت والمدام ... بس كنا بندور على كلب حد من الجيران فممكن يكون مستخبى فى الجنينه او حاجه !

فارت دماء هشام للحد الذي شعر بأنه يود ليلتهم رجل الامن قائلا
- ماشوفناش حاجه .. ولو سمحت تانى مرة مش عاوز دوشه من اى نوع .. اتفضل ..

قفل هشام الباب متأففا فى وجه رجل الامن .. ثم استدار نخو صوت فجر التى تضع يدها فى خصرها بخبث
- ممممم بقي الموضوع طلع مجرد كلب !!

- اااه ياختى ... اتهدى بقي !!

ثم اقتربت منه لاعبه على اوتار إثارة غضبه
- وانت لما بصيت من الشباك ماشوفتش رجالة الامن !!

هتف مبررا : اولا الدنيا كانت ليل وماشوفتش غير نور الكشاف .. ثانيا وانا ببررلك ليه اصلا .. انت قصدك ايه ؟!

- قصدى انك كنت بتتلكك ..

اردفت جملتها ثم استدارت لتهرب منه قبل أن ينقض عليها وسرعان ما تناولتها قبضته من معصمها ودارتها امامه قائلا
- خدى هنا !! اى بتلكك دى ؟!

- شوف انت بقا ..

التهمتها قبضته القويه إليه لترتطم بحواجز صدره شاهقه .. ازفت لحظه انفجاره ليقتلها بين يديه .. فهى الوحيده التى لم تعطيه قدره من الهيبه المعتاد عليها .. انحنى إليها بانظاره المتوهجه بنيران لا يعلم مصدرها .. وسرعان ما انطفأت بانفاسها المتتاليه فتحولت لعود بخور يحترق فى قربها ليشع عطرا ..

اوشك أن يلامس شفتيها ولكنه تذكر من يملكه ومن تُملك له .. فاتسعت انظاره متحديا
- قولت بلاش تتعدى حدودك معايا ..

ثم دفعها من امامها متجها نحو الحمام تاركا للمياه مهمه اخماد ما اشتعل بجوفه .. لازال يمارس عليها سلطة الحياة والموت .. القرب والبعد .. بات غامضا رجل لا بتبع الا كل ما يخالف هواه .. تنهدت بقلة حيلة حاضنه قلبها بكفها تتذكر مواقف اقترابه وضعفها الذي يتنافر مع طبيعتها امامه قائله لنفسها سر :

- تموت المرأة وجعًا من تقلُصات حمل جنين عابث يلهو فى احشائها .. فكيف لى أن احمل رجلا مثلك بهذا الكم من الطاقه الهائله بالعبث والغموض فى قلبى !!

■■■

اعطت مهجة حقيبه صغيره ممتلئة بالنقود لناريمان وهى تقول
- كده مرضي يا نيمو !!

التهمت ناريمان الاموال .. كالتهام الجائع للطعام لتعدهم
- ااه تمام اووى ..

اتكأت مهجة للخلف وهى تضع ساق فوق الاخرى
- عرفتى هتقولى إيه فى المحكمه بكرة !!

اومأت بفرحه عارمه
- زى ما قولتيلى بالظبط !!
غمزت مهجة بطرف عينها : تعجبينى !!
لازالت ناريمان مهتمه بعد الاموال .. ثم اردفت مهجة بفضول
- الا هو اى العلاقه اللى بينك وبين ابن السيوفى اللى تخليه يبيع امه ؟

ارتفعت انظار ناريمان بفخر
- زيزو ده عسل ..

لاحت مهجة بيدها لتأتى بالايجاز : أيوة يعنى .. حب !!

هزت رأسها نفيا لتقول بثقه
- مزاج !!

قهقهت بنبرة عاليه تردد صداها قائله
- هو طلع منهم !! طيب حلو لقينا دخله جديده لقلب بيت السيوفى ....

- انت بتفكرى في ايه !!
اخذت مهجة حقيبتها الخاصه .. وبخبثٍ
- خليكى فى اللى يخصك .. سلااام يا نيموووووو ..

■■■

تتقلب على فراشها كانها تتقلب على جمرات مشتعله .. فالنوم هرب من جفونها إثر صخب قلبها .. رفثت الغطاء بقدميها بنفاذ صبر ثم وثبت قائمه لتنظر من النافذه فوجدته يجلس بالخارج ويشعل نارا للتدفئه .. فبدون تفكير عزمت امرها وارتدت سترتها سريعا لتذهب إليه ..

وقفت على اعتاب المنزل تصوب اسهم نظراتها على ظهره فسرعان ما تُرد لتصيب قلبها .. بات للحديث معه لذة لم تتذوقها من قبل .. تقدمت بخطوات هادئه كهدوء الجو خلفهم .. فسقطت انظاره على اقدامها العاريه اولا ثم ارتفعت تدريجيا وهى تقول

- هضايقك لو قعدت معاك ..

رقص قلبه فوق اوتار تمرده ولكنه لازال محتفظا بتبرته الجافه
- انت مضايقانى من يوم ما شوفتك ..

شمرت بنطالها قليلا ثم جلست على يمينه وهى تقول ببرود
- يبقي مش هتفرق .. عادى بقي ..

وجه كفوفه للنار ليلتمس منهم الدفء ثم حكهم ببعض وهو يقول
- منمتيش ليه !!

- وانت منمتش ليه ؟
خرج سؤالها بتلقائيه تابعته نظرة ضجر من عيونه قائلا
- يابت بطلى تردى سؤال بسؤال .. هتغابى عليك !!

رمقته طويلا بصمت حتى ياس من الحصول علي رد .. فعاد ليدفء يده مره اخرى .. فهتفت
- مكانش جايلى نوم ..

لم يلتفت اليه .. اكتفى بضحكه ساخره
- حتى ده مش طايقك ..

- اوووف ياباى منك .. متعرفش تقول جملتين ذوق على بعضهم !! انا هقوم بكرامتى احسن ..

وثبت لتنهض ولكن للحظه فقد عقله وبدون ما يرفع انظاره له جذبها من كفها لتقعد .. فجلست مجبره متأففة مندهشه من فعله الغير متوقع ..

ظل الصمت سيد مجلسهم طويلا فثغرها بتواجده لا يتحمل الصمت فاردفت قائله
- انت بتحب مراتك !!
رمقها بغضبٍ جعلها تعاود السؤال بطريقه اخرى
- قصدي بتحب خطيبتك !

- هو يعنى ايه حب الاول ؟

لاول مرة سؤال يُخرسها ويشعل نار بعقلها تعجز عن الهرب منه بثرثرتها الغير مُجديه .. سكتت هى وسكت هو لدقائق معدوده .. ثم هتفت بعدما يأس من إجابتها وقالت

- هو فارس ماهر واقف بحصانه فوق قمة جبل محدش يقدر يشوفه ومعاه قوس بيضرب بيه اكتر اتنين مختلفين بسهم واحد فى نفس اللحظة ..

لاول مرة ينبهر .. لاول مره يصدح قلبه .. لاول مرة يري عروقه تنبض .. تسكعت عيناها بين دروب وجهه ثم التزمت هى ايضا بالصمت الا ان نطق صوت عمرو دياب من أحد المنازل القريبه وهو يقول
- " يا كل حياتى وآمالى .. يأجمل سنين فاتت .. وحبى وكل اشواقى .. وكل لحظه معاك كانت "

تتمايل على الحان كلمات عمرو دياب كطحالب النورى مما جذب انظاره اليها مذهولا .. خالعا ثوب عقله بجواره .. فاقت من سُكرها على كفه المنبسط امامها . للحظه توقفت كل اعضاء جسدها عن العمل .. فعُطاس فعله المفاجئ جمدها .. اطالت النظر اليه مندهشه حتى قال
- الاغنيه هتخلص وانت لسه متنحه !!

لمست اناملها الناعمه جلده الخشن الدافى حتى احكم قبضة يده على كفها البارد وهو يساعدها فى القيام ويتخذ من قربها وضعيه الرقص .. لازالت مرتديه ثوب الدهشه الذهول وكل شعور يثير جنون العقل .. وضعت ذراعها على كتفه السليم الذي طوق به خصرها .. برزت عروقه عنقها اثر لمساته .. ثم ثبت كفهالعليل ممسكا بكفها الاخر وشرع يحركها على كلمات الاغنيه حتى جهر عمرو قائلا

- " تصحى فيا انا الاحساس.. على جناح الخيال اطير .. واشوفك أنت كل الناس ومن نفسي عليها بغير .. بتسرق كل اوقاتى .. بتشغل ياما تفكيري .. وخلتنى اعيش الحب فى دنيا ما عاشها يوم غيري "

لاول مرة يفقد زمام امره .. يتصرف كطفل عابث بريئا من هيبته وشموخه فلا تتناسب افعاله مع مكانته الخاصه .. ولكنها الوحيده التى خلع فى حضرتها كل ما يعوقه عنها مقبلا عليها اقبال ظمان على بحيره فى قلب الصحراء بعد اعوام من الركض والبحث ...

تدرجت انظارها ببطء ابتداء من صدره وحتى عيونه التى تشع نورا لم تراه من قبل .. فقفز فى رأسها عبارة تسربت إليها منذ أن رأته "كنت أعلم أن خلف صمتك وشموخك كنوزا ودررا نادرا " .. ثم تلاقت اعينهم التى تمالك زمام الموقف بعيدا عن صليد السنتهم المتمرده عند جملة عمرو المفعمه بالحب
- " اشوف العمر فيك أنت .. واشوف الدنيا دى فى عينيك "
كانت عينيها وقُربها والالحان يحملان مُخدر واحد انصب بعقله تلك السعاده السرية التى تمارسها اعينهم بلغه لا يفمها سواهم .. ولازال حلقها جافا لا ترويه مياه النيل بأكملها .. بات هو مصدر ارتوائها الوحيد .. تدلى بانخفاض وببطء شديد وانفاس هادئه عكس ضربات قلبها ليلامس ما اشتهاه منذ سويعات واوشك أن يلين صخره ويشرق فجره بشمس تذيب جليده الا أن عقلها عاد إليه فجاة ولا تشعر بذاتها الا عندما دفعته بعيدا هاربه منه وهى ترتعش وكل جزء بها يرتعش ..

قفز عقله برأسه مره آخرى وهاجت جيوش تمرده من جديد .. فظل يجوب كالمجنون ذهابا وايابا ولازالت تترقبه بقلبها المنتفض خلف النافذه وتراه وهو يطفأ النيران المشتعله بدلو المياه ... ويلوم نفسه ويشد فى خصيلات شعره ندما وجملة مياده تتردد بجوفه
- دانت حتى عمرك ما فكرت ترقص معايا !!!

تحركت فجر لتمرر اناملها على معالم وجهها التى لفحت انفاسه ثم ابتسمت بابتسامه تجهل سببها وهى تقول : ثلاثه وعشرون عامًا ولا يوجد بهم ما يثير العقل والقلب "غيرك" ..

&&جروب / روايات بقلم نهال مصطفى

■■■
(صباحا )

بعد مرور ليله غريبة الاطوار .. فكل ما تغفو يوقظها ضجيج قلبها نهضت على اصوات حديد يُطرق .. فتحركت كالمجنونه نحو مصدر الصوت فوجدته ينتقم من نفسه بممارسة الالعاب الرياضيه بالغرفه الخاصه ..

لازالت انفاسه العاليه تتسابق مع اصوات الحديد الذي يشده .. وقفت تراقبه وتراقب جنونه .. وصرخاته وهو يقاوم ثقل الوزن وبروز عضلاته التى يتصبب منها العرق .. لازال لا يحرك الا يده اليمنى دون اليسرى .. حتى مرة طيف ذكرى ليلة امس امامه ممزوجا برائحتها التى لم يستنشقها من امراه من قبل ..

خلع عقله وخيم الوجع على جميع اجزاء جسده واختلطت الامه متناسيا وجع ذراعه وظل يتمرن بالذراعين وكأنه ينتقم .. شهقت من جنونه واتسعت عيونها ... فاندفعت نحوه صارخه
- اى الجنان ده !! انت نسيت انك متعور ؟!

تجاهل ثرثرتها وزادت سرعة يده معاندنا حتى تقطرت الدماء من ذراعه فهتفت صارخه
- انت بتعاند مين ... جرحك اتفتح يخربيتك ..

اخيرا التفت لصليل ذراعه المكسو بالدماء .. فركضت لتحضر حقيبه الاسعافات الطبيه التى تركها الطبيب وعادت مسرعه وهى تقف بجواره لتفك رباط ذراعه قائله بعتب
- والله التور فيه عقل عنك .. انت بتعمل فى نفسك كده ليه مش فاهمه ..

- هتعرفي تتصرفي ولا تسكتى !!

- وكمان بتقاوح !! انت ايه ما بتغلطش ابدا !!

فكت الرباط وشرعت فى تطهير الجرح ودهن المراهم اللازمه ومراقبه ملامحه التى لا تنكمش تألما كان كالصخره ( صامتا وصامدا ) ...
انتهت من فعلها وهى تنهره : الارف ده !! انت اتجنن ويتحط على دماغ فجر فى الاخر ..

لازالت اعينه تحرق تُوبها القطنى الذي يتدلى مرة وراء الاخرى فترفعه .. اوقفها بقبضة يده قائلا
- الزفت ده لازم تخلصي منه !! وتتطلقى ..

قالها بنبرة فضحته أكثر من كلمة ( بحبك ) ولكنها لعبت على اوتار الغباء قائله
- اشمعنا يعنى !!
القى طوب كلماته : عشان أن كمان عاوز اخلص منك ..

- هى دى كلمه شكرا !!
هبت رياح غضبه التى يتسلح بها دايما
- شكرا مين ياما ... المرمطه دى كلها بسببك لو مش واخده بالك !!

- يوووه بقي مش هنخلص !! يوم اسود ومهبب بنيله يوم ما قابلتك ..
قالت جملتها بنبرة منخفضه وهى تتركه وتغادر فنهض خلفها إثر رنين جرس الباب ولكن سبقته هى وفتحته فلم تجد احد الا (جرائد اليوم ) ..تناولتها باهتمام و فاقت على رياح صوته
- اول واخر مرة تفتحى الباب..

- ليه يعنى ؟!

- وانا هنا بهبب ايه لما انت تفتحى ؟!

- ما تصطبح وتقول ياصبح !! ولا هى انعره وخلاص ؟!
- اسمعى كلامى واقصري شري !!

سقطت اعنيها على صورته فالجرائد فتجاهلت نباحه وشرعت فالقراءه بتركيز مما لفت انتباهه تجاهلها .. فقال
- فى اى عندك ؟!

ردت بانبهار : دول كاتبين عنك ! معقوله انت عملت كل ده ؟! ورجعت كل الاطفال دى لاهالهم !!

جلس على الاريكه بعد ما استعاد هدوئه
- ااه وايه يعنى ؟!

- يابنى دول كاتبين عنك كلام حلو اوووووى !!

- كلام جرايد متحطيش فى بالك .. انا مش بعمل غير واجبى ...
ألجمها ببرود جملته حتى جعلها تصمت معتقده بأنه خُلق من طينٍ غير الذي خلق منه بقية البشر .. حتى أنه لا يلتفت لانتصاراته ويراه شيئا عاديا .. هو من أخد من منصبه اللقب والواجب .. عكس غيره الذى تعمد ان يركض نحو اللقب ويتناسي الواجب .. فاقت من شرودها على جرس الباب فبتلقائيه تحركت لتفتحه ... فلفحتها نيران نظرته فتوقفت مجبره... وذهب بصدره العاري ليفتح الباب ... فوجد اللواء نشأت ومجدى وزياد ...

غمغم هشام بذهول : سياده اللواء !!!!

غمز له زياد : ايه ياعم هى الدنيا طراوة جوه ؟!

لكزه مجدى متحدثا من خلف اسنانه : اتلم ولم نفسك .. اللوا واقف ..

هتف اللواء : إيه هتسيبنا واقفين كده يا سيادة الرائد على الباب ..

فسح الطريق وهو يشير له
- لا طبعا معاليك .. اتفضل اتفضل ..
تقدم اللواء اولا ثم لحق به مجدى وزياد واخيرا قفل هشام الباب ثم اتبعهم .. لازالت فجر واقفه بعيدا تترقبهم ..فتناول هشام قميصه مناديا على زياد
- تعالى ساعدنى ....
غمز زياد بطرف عينه : وهو مين كان يساعدك وزياد مش موجود !!
ضغط هشام على قدمه بغيظ وهو يقول
- كنت بغير على الجرح يا بنى ادم ..

هتف نشأت قائلا بصوت عال :
- تعالى يا فجر ..

تقدمت بخطوات متباطئه وهى تراقبه بعيون متراقصه وبصوت كسيح
- خير يافندم ..

- اقعدى ..

قعدوا جميعا فى اماكنهم وشرع اللواء بالتحدث
- طبعا يا هشام أنت تم وقوفك عن العمل واتحولت للتحقيق .

- اييييييه !!
- سيبنى اكمل كلامى للاخر ..
ثم وجه حديثه نحو فجر التى مر حر الذنب على قلبها وهو يقول
- وطبعا أنت زى ما شايفه .. مستقبل ظابط كوفئ زى هشام ضاع بسببك ..

اردفت بندم : انا مش عارفه اى ممكن يكون حل الورطه دى .. وقولتله هروح اعترف هو اللى رفض .

هتف بحزم : مش حل .. وعيبه فى حق هشام انه يتستر على واحده هاربه

لازال هشام يغلو غضبا وهو يقول
- ما دى انسب الحلول .. كل الطرق متقفله فى وشنا .

تبادل اللواء ومجدى الانظار ثم قال
- الجواز ... انك تكتب عليها .. بس هى قالت ان كتابها مكتوب ..

اطرقت فجر بخوف وهى تحاشي انظار اللواء التى تحرقها ثم واصل
- انا اطلعت على المحضر .. والمحضر متقدم باسم واحده اسمها ( عنايات السيد )

- دى كانت مرات ابويا ....
ردت بتلقائيه ثم واصل اللواء قائلا
- وقايله فى المحضر انها شافت هشام وهو بيخطفك وبيحطك فى عربيته وجايبه شهود كتير ... وزيدان مقدم بلاغ تانى ضد هشام انه خطف عروسته يوم فرحها !!

سكت هشام محاولا فهم مغزى كلمات اللواء ولكن واصل مجدى قائلا
- والسؤال هنا .. ليه مش زيدان اللى مقدم الدعوة !!.. او بمعنى الاصح كان هيرفع دعوته فى المحكمه ويطلبك فى بيت الطاعه بحكم انك مراته بالاضافه الى محضر عنايات اللى هيثبت اتهامه ..

التقط اللواء باقى الكلام من مجدى قائلا
- وده فيما معناه أن زيدان مش معاه ورق رسمى يثبت إنك مراته ..

وثبت كالملدوغه من مكانها وهى تبتعد عن انظارهم المحرقه باحثه عن كذبه اخرى .. حتى نهض هشام متجاهلا فرح قلبه ومتحدثا بنبره غاضبة
- نعم يا روح امك ؟! يعنى كنتِ بتشتغلينى !

بنبرة حازمه اردف نشات : اقعد ياهشام ..

- اقعد ايه دى بتضيع مستقبلى بكذبها !!

تسلحت بالقوه وهى تهتف قائله
- اااه انا كذبت عليك .. عشان اخر حاجه ممكن اعملها انى اتجوز واحد مفترى زيك ...

ثار جنون هشام وهو يدفع الطاوله بقدمه
- زي مين يابت ! دانت وابوكى اللى نقطه سوده فى تاريخى .. وانت اصلا كنتى تحلمى تتكتبى على اسمى ساعه ..

تدخل زياد بينهم : هشام اهدى مايصحش كده ..

احتمت فجر بظهر زياد : ومين قالك انى موافقه اصلا .. متحسسنيش انى هموت عليك ..

- لا انا اللى واقع في حبك ياختى ... !!

تظاهرت بالبرود : والله انت ادرى بحالك ..
ألجمته بالحقيقه التى تعمد نكرانها حتى حسم اللواء الموقف قائلا
- هشاام مفيش حل تانى عشان تطلع من الورطه دى وتحمى فجر من شر زيدان ..

جهر بعنفوان : ان شاء الله يولع فيها هى ولسانها اللى طوله مترين ..

هتفت بعناد : وانا مستحيل اسمى يتكتب على اسمه حتى ولو زيدان هيقتلنى ...

زفر اللواء باختناق مشيرا لمجدى .. ففهم مغزى كلماته ففتح شاشة هاتفه ليشاهدوا اخر الاحداث قائلا
- دا فيديو نزلكم الصبح بدرى من واحد صحفى مركز معاك اوى ياهشام .. وطلعت اشاعه إن الرائد هشام السيوفى فى شهر عسل مع فجر النورماندى ..

هما الثلاثه بصحبة زياد فى نفس واحد : ايييييييييييييييه !!

رمقهم اللواء بابتسامه انتصار : مش بقولكم مفيش مخرج ..
همس زياد فى اذان آخيه : ماانت كنت خاربها امبارح وجاى تعمل علينا دور المعقد .. ما تنجز خليك تطلع من الورطه دى ......

بعد مرور ساعتين وبعد ما تولى اللواء نشأت وكالة فحر هتف المأذون قائلا
- بارك الله لكما وجمع بينكما فى خير !!

همس هشام متوعدا : والنبى ما تتكأ عليها قوى كده يا مولانا عشان ايامها سوده معايا ..

تدخل مجدى فى الحوار : اتش ما تكتبوا كتابى انا ورهف بالمره .. والله موافق اخدها وهى مكسوره وعلى عيبها كده ..

رمقه هشام بضيق : انت لسه حسابك معايا ...

نهض اللواء لينهى المجلس قائلا
- عاوزين القسيمه فى اسرع وقت يا مولانا .. الله يرضي عنك ..

- من عينيا معاليك .. جواز مبارك ان شاء الله ..

همس زياد لمجدى قائلا
- اخويا بعقده بقي على زمته اتنين .. اومال لو كان خاربها زيي ؟!

- بس عشان أنا مش طايقه .. زيزو (هل أنا عريس لا يليق بصاحبه الصون والعفاف الانسه رهف !؟)

- والنبى اسكت انت متعرفش اللى فيها .. اختى هى ( التى لا تليق بمعاليك ) ..
تدخل هشام بعد ما اوصل المأذون واللواء للباب جاهرا
- اى وانتوا ناويين تباتوا هنا ..

اردف زياد ساخرا : ده هيعملنا فيها عريس وكده .. لا فوق ياسيوفى دى جوازة مصلحه ..

- وهى مصلحة بعقل!! .. طيب طرقنا ياخويا انت وهو بس اروقلكم ..

غمز له زياد ممازحا : والهدوم اللى فالعربيه .. ايه مش عاوزها هتنفعكم ..
دفعه هشام بقوته خارج الباب ولحق به مجدى قائلا بمزاح
- أنا قولتها كلمه .. ومانزلتش الارض. .

زياد بفضول : كلمه ايه ..؟؟
رد مجدى : محدش هيجيب اخوك على جدور رقبته غير البت دى !!
قفل هشام الباب فى وجههم بغل متخذا نفسه بارتياح .. ثم وقعت انظاره عليها وهى ترتعش وتتراجع للخلف منتظرة مصيرها معه .. فك حزام بنطاله ثم ثناه متوعدا .. فهبت صارخه وركضت من امامه لتتحامى بغرفتها .. فاردف بغضبٍ
- هتروحى منى فين .. دانت وقعتى مع اللى مايرحمش ...
يتبع...
لقراءة الفصل الثامن عشر : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات