القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والستون 65 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والستون 65 بقلم ياسمين عادل
رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والستون 65 بقلم ياسمين عادل

رواية دمية مطرزة بالحب الفصل الخامس والستون 65 بقلم ياسمين عادل

تعبثُ ببراءةٍ تفتكُ ما بقىَ من توازني، يا لها من ماكرة صغيرة."
__________________________________________
خرجت "ملك" من الغرفة، بعدما تأكدت إنها لن تستطيع مقاومة نفسها كثيرًا وتركتهم منفردين.
في حين أحس "يزيد" بنفسهِ ملاكًا في حضرتها، ملأ الذهول تعابير وجههِ فاغرًا فاههِ، نظراتها التي تتهرب منه تعكس مدى حماقتها حينما فكرت بالكذب عليه.. انطلى عليه الأمر في بدايتهِ وظن أن المسكينة لم تتناول لُقيمة واحدة، بينما هي غارقة في شطائر الدجاج وحِساء الفِطر.
حدجها بـ نظرةٍ تطلب تفسير لـ كذبتها، فـ أحادت بـ عيناها المتوترتين و أردفت :
- ده أكل ملك جابتهولي بس انا ماليش نفس ، فـ سيبته على جنب

فـ لم تنطلي عليه هذه المرة، وراح يسأل مستهجنًا :
- بجد ملكيش نفس؟

ثم نظر للصحن الذي أوشك على الإنتهاء و تابع بـ سخرية :
- عشان كده تقريبًا خلصتي تلتين الأكل مش كده؟!
مش طفاسة يعني !؟
تأففت بـ انزعاج وهي تردف محاولة بذلك إصرافهِ عنها :
- لو جيت تطمن عليا أنا بقيت كويسة وعايزة أنام

تناول الملعقة وملأها بالحِساء وهو يقول :
- آه طبعًا لازم تنامي مش كلتي واطمنتي على بطنك!

وتذوق الحِساء شاعرًا بالجوع ينهش معدتهِ، بينما كانت هي تتحاشى تمامًا النظر إليه، تكفيها الفضيحة التي وقعت بها جِراء كذبتها.. لوح بيدهِ أمام عينيها التي بدت له شاردة قليلًا، فـ انتبهت ونظرت صوبهِ لترى كل تعابير السخرية تلك التي تغمر وجههِ.. فـ امتعضت وأجفلت جفونها، ثم دثرت نفسها بالغطاء وبقيت أسفلهِ لكي تُجبره على الخروج.. فـ تمطق وهو يمضغ الطعام وقال إينذاك :
- حاسبي السوس ياكل سنانك لو نمتي من غير ما تغسليها، إحنا برضو تهمنا صحتك

وطفق يخطو نحو الباب متابعًا :
- يلا تصبحي على خير

أغلق إضاءة الغرفة عمدًا وخرج، فـ هبّ "نغم" معتدلة من نومتها وهي تغمغم متبرمة مما حدث :
- كمان بيتريق! أنا حتى ملحقتش أكمل أكل!!

انفتح الباب مرة أخرى وأشرأب "يزيد" برأسهِ وقد تبين ظلهِ القاتم وهو يسألها :
- بتنادي يانغم؟؟

فـ سحبت الغطاء عليها وأجابت بصوتٍ خَفَت :
- تصبح على خير
- وانتي من أهله

وأغلق الباب عليها من جديد.. ابتعد من أمام بابها بعدما تأكد إنهُ أثار غيظها، وسار نحو غرفتهِ وهو يتناول من شطيرتها التي لم تستكمل تناولها وأردف متهكمًا :
- مش معقول هفوت الرعب اللي عيشتيني فيه النهاردة بسهولة يعني!
.........................................................................
أهتم "يونس" بنفسهِ بـ "عيسى" وطفلهِ "مازن".. حيث قام بـ توصيلهم لمنزل "عيسى"، ثم ذهب لـ ابتياع كثير من الأشياء التي سيحتاجها المنزل في ظل وجود طفل به، الكثير من الأجبان المختلفة والحليب والبيض ورقائق الذرة، وبعض الوجبات السريعة التي سيستطيع "عيسى" إنجازها بمفرده بعد إصابة ذراعهِ بالكسر.
وعاد إليهم من جديد، لـ يُشرف على تقديم وجبة عشاء للصغير.
ترك "يونس" الخبز على المائدة وسأل الصغير :
- تحب تاكل حاجه تاني يامازن؟؟

فـ هزّ الصغير رأسهِ بالسلب و:
- لأ ياعمو شكرًا

فـ ابتسم "يونس" في وجهه ومسح على شعرهِ قائلًا :
- بألف هنا ياحبيبي

اقترب "عيسى" منهم بعدما بدّل ثيابهِ، سعيدًا بوجود صغيرهُ معه الآن، وسيمضي معه بعض الوقت على إنفراد أيضًا ليشبع منه تمامًا.
تنهد وهو ينظر لـ "يونس" بـ امتنان تجلّى في ناظريهِ وقال :
- مش عارف أشكرك إزاي ياباشا

فـ رفع "يونس" عنه عناء الشكر بدورهِ :
- متقولش كده ياعيسى، المهم تاكل حاجه انت كمان

فـ تقلص وجه الأخير وهو يبعد ناظريهِ عن الطعام و :
- لأ مش قادر، خلينا في المهم.. أنا قبل الحادثة كنت بكلمك عن زهدي و.....

فـ قاطعهُ "يونس" مذهولًا :
- هو ده وقته!.. أنت فعلًا مريض بالشغل زي ما قالت مراتك !

فـ تجهم وجه "عيسى" وعبس فجأة وهو يسأل :
- هي قالت كده؟!
- مش مهم قالت إيه، المهم إنه صح!

زفر "يونس" وهو يسحب "عيسى" من ذراعهِ السليمة وتابع :
- سيبك من أي حاجه دلوقتي وخلينا فيك

فـ رفض "عيسى" ذلك مُصرًا على توضيح ما رآه :
- مينفعش ياباشا، لو مش واخد بالك كان في عربية ورانا طول الطريق، معرفش راحت فين فجأة لما دخلنا الشارع بتاعي بس أنا حاسس إنها كانت مراقبانا

فـ اعترف "يونس" بـ إنت لاحظ ذلك و :
- عارف، العربية الچيب

لم يتفاجئ "عيسى" من ذلك، فـ هو على علم بـ حرص "يونس" وحذرهِ الزائد حول تلك الأمور، بينما تابع "يونس" قائلًا :
- بس ده برضو مش مهم دلوقتي

وأشار نحو "مازن" الذي كان يتناول طعامه بنهمٍ :
- روح أقعد ما مازن، وانا ورايا مكالمة هخلصها وآجي

فـ التفت "عيسى" ينظر بـ اتجاه طفلهِ بنظرات تحمل نفس الإشتياق، وكأنه لم يحتضنهُ طوال الطريق.. ثم انتقل جوارهِ.
تحرك "يونس" بـ اتجاه أقرب نافذة وراح يتصل بـ شقيقهِ، لم يُجب على الفور ولكنهُ أجاب في النهاية :
- أيوة يايزيد، أدي التليفون لملك خليني أكلمها

اعتدل "يزيد" في جلستهِ مُصابًا بالتجمد المفاجئ، واتسعت عيناه متسائلًا :
- ملك!! أنت مكلمني عشان كده؟
- آه، تليفونها فيه حاجه تقريبًا وانا مش هقدر أكلم نينة دلوقتي زمانها نايمة

تأفف "يزيد" بصوتٍ مسموع وصل لـ "يونس" الذي تفهم فورًا ماذا أصاب أخيه، فـ قَنط "يونس" ولم يتحمل صبرًا أكثر من ذلك :
- يلا يايـزيد مستني إيـه !؟

فـ انفعل "يزيد" انفعالًا مُتخفي و :
- ما خلاص ياعم هروحلها! خلاص يعني وحشتك أوي؟

تعمدّ "يونس" إشعال غيظهِ قليلًا، فـ أضاف :
- أوي يايزيد

فـ امتعض "يزيد" بالفعل وصاح به :
- ما تكلمني عن قصة حبكم بالمرة!!

غرق "يونس" في الضحك، فـ أبعد "يزيد" الهاتف عن آذانهِ وهو يتمتم بعصبية انفرطت منه :
- إيه الهمّ ده ؟ أنا شوية وهبقى وسيط بين عصافير الكناريا!

خرج "يزيد" من القصر قاصدًا مكان الخيل، بالتأكيد ستكون هناك گعادتها الأخيرة، كأنهُ مأوها الثاني كلما غاب عنها مأوها الأول "يونس".
نظر من بعيد فـ لمحها بالفعل تداعب الفرس "فرحان"، فـ نفخ مستجمعًا ثباتهِ وأقبل عليها محمحمًا :
- آحم ، مـلك ؟

التفتت فورًا بعد ندائهِ، وتركت الفرشاة من يدها قبل أن تخطو نحوه برشاقة :
- نعم

فناولها الهاتف بدون أن ينظر إليها وأردف بـ :
- يونس على التليفون وعايزك

فـ تلهفت "ملك" وهي تلتقط الهاتف منه وأجابت متعجلة، حيث قالت عبارة كاملة في دفعة واحدة :
- ألو، يونس أنا آسفه تليفوني مش عارفه جراله إيه فجأة الشاشة قفلت وبقت سودا ومش عارفه اتعامل معاه خالص

هدأ "يونس" قليلًا بعدما سمع مبررها، وأزال عنها ذلك التوتر الذي تجلّى في صوتها :
- حببتي ولا يهمك لما ارجع هبقى أشوفه، أنا كنت عايز أسمع صوتك بس

فـ ابتسمت بحبور وهي تبتعد عن "يزيد" الذي ظل مُرابطًا أمامها ولم يتركها بمفردها، وختختت بصوتٍ ناعم :
- أنت عامل إيه؟

فـ أجاب بـ ارتياح :
- كويس بعد ما كلمتك، بس مفتقد ضحكتك أوي

جلجل صوت ضحكتها، فـ انبعجت شفتي "يونس" بسعادة و :
- أيـوة بقـى!

قطب "يزيد" جبينهِ وهو يرى تلك الحالة من السعادة الشديدة، وغمغم بـ سخطٍ :
- هو بيقولها نكت ولا إيه!!

ثم نفخ متابعًا :
- ده عمره ما ضحكني أبدًا، حياتنا ضاعت في الجد والأكشن!

ورفع بصرهِ للسماء، لـ يلمح بـ طرفهِ "نغم" وهي تقف في شرفة الغرفة، تمسك بـ طبق يحمل حبّات الرُمان وتتناول منه، لوحت لهُ گتعبير عن عدم الإكتراث بـ رأيه فيها.. فـ ذمّ "يزيد" شفتيهِ وأصرف بصره عنها، حكّ ناصية رأسهِ وأردف بـ :
- الإتنين عايزين يطلعوني عن شعوري!

والتفت ينظر بـ اتجاه "ملك" التي ابتعدت كثيرًا لتحافظ على خصوصيتها.
إينذاك قصّ "يونس" عليها تفاصيل ما حدث منذ أن وطأ أرض العاصمة، ثم تغزل فيها قليلًا لعل الشبع يأخذ مجراه لروحهِ الجائعة، ولكنه أبدًا لم يشبع.
فتح "يونس" زجاج النافذة وأطل منه برأسهِ، فـ لفح هواء الفجر صفحة وجهه، ليسأل بعدها :
- مش هتنامي ؟ خلاص الفجر قرب يأذن!
- كنت مستنية أطمن عليك وآديني اطمنت، هنام بعد ما نقفل على طول

رأى نفس السيارة التي تشكك فيها تقف على الصفّ الآخر أمام بناية "عيسى"، دقق البصر قليلًا ليتبين له إنها هي وليست شبيهتها، صدق حدسهِ وحدس "عيسى".. إنهم تحت المراقبة، وبنسبة كبيرة يميل التخمين لـ ذلك الرجل غريب الأطوار الذي لم يكتشف "يونس" حقيقتهِ بعد، رجل ترك خلفه علامة استفهام كبيرة لم يكشفها "يونس" بـعـد...
يتبع.....
لقراءة الفصل السادس والستون : اضغط هنا
لقراءة باقي فصول الرواية : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات