القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية غرام المغرور الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

 رواية غرام المغرور الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك
رواية غرام المغرور الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

رواية غرام المغرور الفصل الثالث 3 بقلم نسمة مالك

تجلس على الفراش بملامح شاحبه من شدة تعبها.. حامله صغيرتها بين يديها تقوم بأرضاعها.. الطعام الوحيد المتاح لديها..

كتمت آهه نابعه من ألم قلبها،وليس ألم ذراعها الذي لم يشفي بعد رغم أنه مر عليه أكثر من أسبوع،

ولكن قلة غذائها وعدم توافر المال لجلب الدواء جعله لم يلتئم.. بل ذادت حالته سوء، وهي تتحامل على نفسها أضعاف فوق طاقتها..

شعرت بدوار عنيف يجتاحها، وبدأت تتصبب عرق غزير.. فضمت صغيرتها بحب تستمد منها بعض القوه متمتمه بضعف..
"يارب أديني الصحه لخاطر أمي وبنتي"..

جاهدت حتي لا تفقد وعيها، ومدت يدها لكوب من المياه موضوع على كرسيي صغير بجوار الفراش.. ارتشفتُ منه قليلاً، وعدلت وضع صغيرتها التي غاصت بنوم عميق، ووضعتها بحذر جوار والدتها النائمه بعدما امطرتها بوابل من القبلات المتفرقه على وجهها الملائكي..

أخذت نفس عميق، وغادرت الفراش بوهن متجه نحو عبائتها السوداء ارتدتها على عجل، وحجابها من نفس لون العباءه، واقتربت من والدتها مسدت على يدها بحنو ومالت على اذنها قائله بهمس..
"ماما أنا خارجه يا حبيبتي.. إسراء نايمه جنبك، وانا بأمر الله هحاول متأخرش عليكم"..

فتحت "إلهام" عينيها ونظرت لها، وتحدث بلهفه حين لمحت شحوب وجهها..
"رايحه فين يا بنتي، وانتي شكلك تعبانه أوي كده؟!"..
توجهت بنظرها للشرفه وتابعت بذهول..
"هتخرجي إزاي دلوقتي، والشمس لسه مطلعتش يا إسراء؟! "..

ابتسمت لها "إسراء" ابتسامة باهته، وبأسف قالت..
"الجو مغيم شويه، وشكلها هتمطر، واطمني الساعه 7ونص يا ماما"..

اعتدلت "إلهام" وجلست على الفراش، وبقلق قالت..
"طيب قوليلي انتي رايحه فين بس يا بنتي.. انا ببقي قلقانه عليكي، ومش عارفه انتي فين ولا بتعملي ايه"..

ربتت "إسراء" على ظهرها بحنان بالغ، وأردفت بتنهيده..
" يعني هكون بروح فين يا ماما.. اديني بلف يمكن ربنا يكرمني بأي حاجه اشتغل فيها.. مش عايزاكي تقلقي عليا يا حبيبتي، ولو إسراء جاعت أديها لقمة عيش تاكلها على ما أرجع وان شاء الله ربنا يرزقني وارجعلكم بأكله حلوه"..

" طيب ريحي قلبي يا بنتي وقوليلي أيه اللي حصل معاكي لما روحتي لصاحب الشركة..قوليلي يا بنتي الراجل عمل معاكي ايه انتي من يومها مش عجباني ولا اللي قولتيه دخل دماغي يا إسراء"..
أردفت بها " إلهام" بصوت متحشرج بالبكاء..

أطبقت "إسراء" جفنيها بعنف لكبح عبراتها، ورسمت ابتسامة زائفه على ملامحها الفاتنه، وتحدثت بجديه قائله..
" وانا من أمتى بخبي عليكي حاجه يا ماما!!..الراجل طلع في منتهي الزوق زي ما قولتلك، وخد مني الورق، وقالي هيتابع الإجراءات بنفسه بس طلب استني عليه اسبوعين تلاته على ما يخلص شغل مهم في ايده، وهيبعتلي معاش رامي الله يرحمه لحد عندي كمان"..

رمقتها والدتها نظره متفحصه، وحركت رأسها بالايجاب وهي تقول..
" ادينا داخلين في الأسبوع التاني اهو.. وماله نستني ونشوف أيه اللي هيتم والميه تكدب الغطاس"..

" ادعيلي".. قالتها "إسراء" وهي تسير نحو الخارج غالقه الباب خلفها، ووقفت أمامه تبكي بصمت متمتمه بسرها..
"أقولك ايه بس يا ماما.. اللي حصلي على ايد المغرور دا ميتقلش"..

جففت عبراتها، وهبطت الدرج بخطي مرتجفه حين داهمتها برودة الجو الشديده..
" توكلت على الله"..
همست بها بقلب يستجدي المولي أن يرزقها رزق حلال من حيث لا تدري، ولا تحتسب..

تسير بطريقها كالسيف غافله عن تلك السياره التي تتابعها منذ خروجها من منزلها.. بها مجموعه من الرجال يتابعون كل ما تفعله ويقومون بتصويرها..

..............................
.. بقصر الدمنهوري..

رنين هاتف بستمرار ازعج ذلك الوسيم الذي أوشك على النوم بعد مكوثه بإحدى الملاهي الليليه حتي شروق الشمس..

اعتدل بتكاسل، وأمسك هاتفه ضغط زر الفتح، وتحدث بصوته الصارم قائلاً..
"ايه الأخبار؟"..

أتاه الرد سريعاً..
"فارس باشا..البنت خرجت من بيتهم زي كل يوم بتلف على المحلات تسأل عن شغل..بس شكلها انهارده تعبان أوي، ورجعت أكتر من مره، وكل ما تحس انها هتقع بتقعد على الأرض"..

انتفض من على الفراش، وهب واقفاً وسار نحو غرفة الثياب أخرج ملابس له وبدأ يرتديها وهو يقول بأمر..
" ابعتلي لوكشن بمكانها حالاً"..

" أمرك يا باشا"..

اغلق الهاتف، وتابع ارتداء ثيابه محدثا نفسه بغيظ..
" انا شوفت حريم كتير يمكن بعدد شعر رأسي.. لكن مشوفتش زيك ولا زي غبائك يا إسراء!!"..

صك على أسنانه حين تذكر حديثها المتهور التي القته بدون ذرة تفكير منها..
.. فلاش باااااااااااك..

كان يقبض على عنقها بقبضة يده بقوه.. كاد ان يزهق روحها،ولكنه ابتعد عنها ببطء حين أخبرته انها أرمله لإحدى العاملين بشركته..

تطلع لها قليلاً، ومن ثم سار للخارج بخطوات مسرعه..
لتسرع هي،وتعتدل بوهن جالسه، وبحثت بعينيها عن عبائتها.. وجدتها موضوعه جوارها على الفراش.. نزعت تلك الابره من يدها الموصله بمحلول معلق بجوار الفراش..

وارتدت ثيابها، وهبت واقفه بصعوبه.. وسارت نحو الخارج بخطي مجهده..

كان "فارس" يقف أمام الباب واضعاً كلتا يده بجيب سرواله.. شهقت بصوت خفيض حين لمحته.. رمقته بنظره محتقره وهي تقول..
"حيوان بهيئة إنسان"..

نظر لها نظرة دبت الرعب بأوصالها، واقترب منها مال على اذنها، وهمس بوعيد..
"سمعتك على فكره، وهحسبك على غلطك دا"..

ضحكت ساخرة.. ضحكه اظهرت جمال وفتنة ثغرها المزموم، وبصوتها الساحر قالت..
"هتقول لرجلتك تضربني بالنار تاني؟!"..

قالتها، ولم تنتظر منه إجابه، وبدأت تسير نحو الخارج متمتمه..
"حسبي الله ونعم الوكيل"..

"استني".. أردف بها "فارس" بحده اوقفتها دون أرادتها..
سار نحوها،وتابع حديثه وهو يشير نحو مجموعه من العاملين يقربون نحوهما..
"انتي مش جايه عايزه معاش جوزك؟"..

" إسراء" بنظره حارقه.. "يغور من وشك المغرور دا يا فارس بيه"..

"لو غلطتي تاني صدقيني هندمك على اليوم اللي اتوالدتي فيه".. قالها "فارس" بابتسامة مصطنعه،وهو يتعمق النظر لعينيها الواسعه التي تأثره بجمالها لينتبه على صوت أحدهم يقول بعمليه..

"فارس باشا انا "سيد شعلان" مدير المصنع اللي كان شغال فيه رامي حسنين"..

"شنطتي".. قالتها "إسراء" وهي تجذب حقيبتها من يد إحدي الواقفين بعنف..
على مضض ابتعد" فارس" بنظره عنها، ونظر لذلك الشخص وتحدث بصرامه قائلاً..
"ليه متصرفش لأهل "رامي" معاشه لغاية دلوقتي يا استاذ سيد؟!"..

إجابه قائلاً.. "لأنه اترفد من الشغل يا فندم بعد ما اتمسك وهو بيسرق"..

" أخرس قطع لسانك.. انا جوزي أشرف منك، ومن اللي مشغلهم كلهم"..
صرخت بها "إسراء" بغضب عارم، وصمتت لبرهه وتابعت بهدوء مريب..
"يا سيد يا حرامي يلي بتسرق الراجل!"...
نظرت ل" فارس" وأكملت بأسف مصطنع..
"المغرور دا ولبستها لجوزي الغلبان، وموته بحسرته بعد ما اتهمته أن هو اللي سرق.. بس ربك مبيرضاش بالظلم وخلي جوزي يحكيلي تاريخكم الأسود كله، وكنت ناويه أقوله لصاحب الشركة"..

شحبت ملامح" سيد" وازداراد لعابه بصعوبه، وهو يتنقل بنظره بينها، وبين "فارس" الواقف يتابع كل ما يحدث بصمت، وهدوء مريب..
أخذت "إسراء" نفس عميق، ونظرت ل
"فارس" بستحقار، واكملت قائله..
" بس اطمن يا سيد يا حرامي انا مش هحكي لولي نعمتك عن عمايلكم السوده خصوصاً بعد ما شوفت كمية الغرور اللي عنده دي"..

أنهت جملتها، وسارت من أمامهم جميعاً.. ليسرع "سيد" ويتحدث بخوف ظاهر على محياه..
"دي بتكدب يا فارس باشا.. انا شغال مع سيادتك من اكتر من 15سنه من أيام محمد باشا والد حضرتك،وتاريخي يشهد عليا"..

أشار له "فارس" بالصمت، وسار من أمامه وهو يقول..
" هاتلي ملف رامي دا على مكتبي حالاً"..

"أمرك يا باشا"..

انتظر حتي اختفي "فارس" عن عينيه، ونظر لإحدى الواقفين جواره، وتحدث بأمر..
" البت دي لازم تحصل جوزها بأسرع وقت.. قبل ما تقول للباشا اللي تعرفه عننا.. عايزها تموت من غير نقطة دم.. تقطعوا عنها أي وسيلة مساعده.. خليها تموت من الجوع ومتلقيش اللقمه.. مفهوم"..

ابتسم له رجل ابتسامة شريره مردداً..
"طبعاً مفهوم.. دي يا رقبتها يا رقبتنا يا كبير"..

بينما بعث" فارس" رساله للحرس الخاص به محتواها..
"عايز حراسه مكثفه على البنت اللي هتخرج من الشركة دلوقتي"..

حرك رأسه بيأس محدثا نفسه..
"مش هيسبوها بعد كلامها دا"..
نهاية الفلاش بااااك..

ارتجل سيارته،وقاد بنفسه خلفه سيارات الحراسه الخاصه به متجه نحو العنوان التي تتواجد به تلك الساحره..

كانت "إسراء" تستعد للنهوض بعد جلوسها فتره على جانب الطريق حين داهمها دوار عنيف، وبدأ جسدها يرتجف بوضوح.. وتتعرق بغزاره رغم انها تشعر ببروده شديده تكاد ان تكسر عظامها..

استطاعت الوقوف بصعوبه بالغه، وسارت نحو إحدي المتاجر،وهمت بدفع الباب الزجاجي.. ليوقفها رجل الأمن الواقف على الباب قائلاً..
"ملكيش شغل هنا يا ست.. اتكلي على الله يله"..

تلاحقت أنفاسها دليل على شدة تعبها، ونظرت له بذهول، وبصوت ضعيف قالت..
"انت عرفت إزاي اني هسأل على شغل؟!، وبعدين ما انتو معلقين ورقه على الباب أهي طالبين ناس تشتغل"..

"يله يا ست من هنا الله لا يسيئك مش ناقصين نصايب"..
قالها الرجل بنبره راجيه، وعينيه زائغه بينها، وبين سيارة زجاجها عاتم تقف على مقربه منهما..

امتلئت أعين "إسراء" بالعبرات وبعدم فهم حدثت نفسها..
"هو أيه اللي بيجرالي دا يا ربي.. كل ما أدخل مكان يقولولي ملكيش شغل عندنا.. أروح فين بس يارب.. انا تعبت أوي"..

اندفعها بالحديث جعلهم يضعوها داخل دائره مغلقه.. هما مجموعه من الرجال الفاسدين يعملون داخل شركة الدمنهوري.. يمحون كلاً من يكتشف العيبهم، وهي اعلنتها صريحه انها تعلم عنهم كافة شئ..

ظلت تسير بالطرقات بلا هواده.. خطواتها مرتجفه تدل على شدة تعبها..
عينيها تملؤها العبرات، ولكنها تأبي الهبوط..

ضاقت عليها من جميع الجهات.. تقفلت بوجهها كل الأبواب..

كيف ستعود للمنزل بدون علاج لوالدتها، وطعام لصغيرتها؟!..

ظلت تسير حتي توقفت بجوار إحدي المطاعم.. تطلعت على الجالسين بالداخل تتابعهم بخجل واحراج شديد، وقلب يعتصر ألماً مبرحاً يكاد ان يزهق روحها..

اذدردت لعابها بصعوبه، والقت بكل شئ عرض الحائط وأولهم كرمتها، وعزة نفسها..

رسمت ابتسامة هادئه على ملامحها الفاتنه الحزينه،وخطت نحو الداخل حتي وصلت لإحدى العاملات بالمكان، وتحدثت بصوتها الناعم قائله..

"لو سمحتي يا انسه مش عايزين حد يشتغل معاكم هنا؟!"..

رمقتها الفتاه بنظره منذهله لثيابها الغير منمقه واجابتها بأسف..
"لا مش عايزين"..

اقتربت منها "إسراء" خطوه، وهمست بستحياء ورجاء قائله..
"طيب ممكن تديني اي حاجه أكلها حتى لو بواقي اكل من اللي بترموه؟"..

شهقت بفزع حين قبض على معصمها يد قويه.. استدارت تنظر بغضب لصاحب تلك اليد ..

لتتسع عينيها حين وجدت ذلك الرجل الذي تلقبه هي ب "المغرور"..

جحظت أعين" فارس" حين لمح شحوب وجهها الشديد، وتحدث بنبره حاول جعلها لينه، ولكنها خرجت جامده كعادته..
" أهدي يا إسراء انا هنا علشان أساعدك"..

"مش عايزه مساعده منك أنت بالذات"..
همست بها بضعف، وهمت بدفع يده بعيداً عنها بعنف، ولكن خانها جسدها.. لهنا ولم تحتمل أكثر.. انقطعت أنفاسها وشعرت أن روحها تنسحب من جسدها، وبلحظه كانت استسلمت لدوارها، وسقطت بين يديه فاقده الوعي..
يتبع...
لقراءة الفصل الرابع : اضغط هنا
لقراءة باقي الفصول : اضغط هنا
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات