القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية أنين مكة الحلقة الاولي 1 بقلم شيماء سعيد

 رواية أنين مكة الحلقة الاولي 1 بقلم شيماء سعيد 

رواية أنين مكة الحلقة الاولي 1 بقلم شيماء سعيد 

رواية أنين مكة الحلقة الاولي 1 بقلم شيماء سعيد 

بسم الله ونصلى ونسلم على رسول الله.
أقتربت الشمس بإغلاق جفنيها لتسقط بإشعتها الذهبية فى مياه البحر الهائجة ، المتلاطم بأمواجه وسمع لها صوت حين إصطدامها بالصخور المتراصة بحرافية جميلة من صنع الخالق عز وجل .
وقفت مكة تتابع كعادتها كل يوم مشهد الغروب وتستنشق رائحة البحر الذى أبهج روحها الحزينة لبضع لحظات قبل العودة لمنزلها فى إحدى أحياء مدينة الأسكندرية .
وكانت معها فى تلك اللحظة صديقتها المقربة وزميلتها فى العمل ( عنان ) .
حيث إنها ممرضة فى إحدى المستشفيات الحكومية أو ملاك الرحمة كما يسمونها .

عنان بعد أن ضمت يديها بقوة على صدرها ، محركة شفتيها بإهتزاز.........بت يا مكة مش نروح بقه البيت .
الجو تلج يا أختى ، أنا مش عارفة لزمته اه ، كل يوم والتانى لازم نسلم على البحر قبل ما نمشى .

فركت مكة بكلتا يديها لعلها تنعم ببعض الدفىء ثم قالت ...خلاص أهو دقيقتين ، أشوف الشمس تنزل فى المية ونمشى ، الصبر بس يا عنان .
عنان ......والله يا بت أنتِ لو جالى أنفلوزة يا بقه أنتِ السبب .
ثم فاجئها الرشح ........هطشششششى.
مكة بضحك.....يرحمكم الله ، واسمها أنفلونزا يا حاجة .
كام مرة أعلمك تقوليها ، غلبتينى .
عنان ......مش فارقة يعنى كتير ، مددققيش .
المهم نروح دلوقتى كفاية كده عشان عايزة أضرب طبق العدس اللى عملاه أمى النهاردة عشان الجو البرد ده ، أهو بيدفى ولا أحلاها دافية .
مكة بنفور........لا عدس إيه بس ؟ مش عارفة بتكليه إزاى ده ؟
عنان بضحك......ياسلام يا أختى ؟ ماله العدس ، نعمة ورضا ، اللى يشوف كده يقول البت هتروح تاكل المحمر والمشمر .
أغمضت عينيها مكة متألمة من كلمات عنان ، لتتجمع فيهما العبرات .

من هى مكة ؟؟؟
مكة فتاة فى بداية العشرينات ، ذات ملامح هادئة ، ليست بشديدة الجمال ولكن لها جاذبية خاصة ،
فتجدها مبتسمة دوما ، رغم ما تحمله ما أثقال الجبال من هم وكدر ، تجدها تواسى الجميع بكلماتها الطيبة رغم إنها تحتاج من يواسيها .
ما أجمل كلماتها وهى تذكرك بالله ولا يبقى على لسانها غير قول ( الحمد لله ) رغم ما يعصف بها .
.......
لاحظت عنان عبراتها التى إنسكبت على وجنتيها ، فضغطت على شفتيها بحزن قائلة....يقطعنى يا حبيبتى ، مش قصدى والله حاجة .
ماإحنا كمان كلنا فى الهوا سوا ، على قد الحال ، بس أنتِ أكتر أنا عارفة ، عشان المنيل جوز أمك اللى بيلهف مرتبك كل أول شهر ويدوبك يسبلك حق المواصلات اللى مش بتكفى اصلا وتضطرى تقضيها مشى للبيت .
تمتمت مكة مع هز رأسها...الحمد لله على كل حال ، ده نصيبى .

زفرت عنان بغضب قائلة...أنا مش عارفة ،أمك إزاى أتجوزته ؟ وإزاى صبرت عليه الفترة دى كلها ، وليه سيباه يلطش فيكِ كده ؟.

حدثت مكة نفسها بألم .....ياريت ده بس .
ده كمان نظراته ليه فى الريحة والجاية مطمنش أبدا .
مكة .......أمى ست غلبانة وعايزة تعيش زى اللى المثل اللى بيقول ( ضل راجل ولا ضل حيطة ).

عنان بلوم ......وده يتقال عليه راجل ده ؟

ده ولا شغله ولا مشغله وملقح على القهوة طول النهار ، وبياكل وبيشرب على حساب تعبك وهددتك فى الشغل .
مكة......هنقول إيه ربنا يهديه .

عنان........يارب .
بس يعنى ملهوش أى لزمة ، متكلمى أمك تخليها تطلق منه وتعيشوا براحتكوا .

تنهدت مكة بحرارة قائلة........ياريت كان ينفع ، بس نروح فين لو طلقها ؟
هنترمى فى الشارع .
ضربت عنان على صدرها بيديها قائلة....يا مصيبتى ، ليه هى الشقة بإسمه ، أنا بحسبها بتاعة أبوكِ الله يرحمه .

مكة بغصة مريرة ....لا شقته هو ، إحنا شقتنا لما بابا مات الله يرحمه ، صاحب البيت منه لله طردنا منها .
فاضطرت أمى بعد فترة من البهدلة عند كل حد من قرايبها شوية تجوز عباس رغم كل بلاويه .
عشان نلاقى مكان نستر فيه من عيون الخلق اللى عايزة تنهش فى لحمنا .

ربتت عنان على كتفها بحنو قائلة....عينى عليكِ يا حبيبتى ، بس إن شاءالله فرجه قريب ، يمكن ربنا يرزقك ابن الحلال قريب ، اللى يستتك ويهنيكِ وتبعدى عن الزفت جوز أمك ده .

مكة بضحك.......لا أنا مستنية أفرح فيكِ أنتِ الأول ،ولو طلعتى تمام والأمور مشيت معاكِ أخر حلاوة ساعتها هفكر .

نكزتها عنان بمرح قائلة...شوفى البت اللى كانت بتعيط من شوية ، دلوقتى بتضحك وتهزر ولا كأن فيه حاجة وكمان عايزة تجرب فيه الجواز الأول .

مكة...........ربنا بيهونها يا قلبى وأملى فيه كبير.

عنان.....ونعم بالله .
بس مقدامك الحاج حنفى الجزار ، هيموت عليكِ وعايزك فى الحلال ، وهو راجل مقتدر وهيعيشك مبسوطة وتخلصى من الهم ده .

قضبت مكة جبينها قائلة بنفور ........يعنى أصبر أصبر وأفطر على بصلة ، وأجوز واحد قد أبويا وكمان مجوز بدل الوحدة اتنين ، يعنى هدخل فى حرب ضراير ملهاش أخر على إيه ؟
هو أنا ناقصة هم .
عنان.......كده ، بس الراجل يعنى شكله حبوب اووى وبيقعد يسبلك فى الريحة والجاية .

كزت مكة على أسنانها بغيظ قائلة.......والله بكون عايزة أفقعله عنيه الإتنين دول ابو عين زايغة ، بس أقول إيه ربنا يهديه .

عنان..........طيب بلاش أبو عنين زايغة ، ندخل على ابو عضلات وقلب من حديد ، فتوة الحارة ، وناصر الغلابة ، ومعذب قلوب العذارى ، حمادة النمس .

ضحكت مكة حتى دمعت عينيها قائلة ...والله يا بت يا عنان ،تنفعى مقدمة برامج ، إيه العظمة فى وزن الكلمات دى .

حركت عنان رأسها بإمتنان شاكرة لـ مكة ثم ضحكت قائلة........المهم يا أختاه ، الواد برده بيحبك وساق طوب الأرض عليكِ عشان توفقى وأنتِ مصدرة الطناش ، مش عارفه ليه يعنى ؟
تقوليش البت عيون خضرا ، وشعر أصفر على الخدود يهفف ويرجع يطير ، أنتِ كده بتطيرى العرسان .

مكة...........هو اه أنا يعنى عادية مش اوفر حلاوة ولا حاجة ، ومفروض اللى زييى تقبل اى حد يجلها ومتصدق .
بس أنا نفسى فى شخصية معينة وهفضل أستناها حتى لو فتنى قطر الجواز .
أحسن ما أركب أى قطر ويرمينى ويدوس عليه وتنتهى حياتى قبل ما تبدء .

عشان بجد الجواز ده فعلا يا حياة كريمة مع إنسان بيقدرك .
يا حياة بدون روح مع إنسان بيحبطك .

قامت عنان بالتصفير والهتاف مرددة....عظمة على عظمة يا ست مكة ، ده أنتِ طلعتى فسلاسوفة وأنا معرفش .
مكة بضحك....إسمها إيه ؟
عنان......أنا عرفة أهو بسمع الناس بتقولها ،ومدققيش بقه فى كلماتى ، المهم إنك فاهمة قصدى .

مكة .......ماشى يا ستى ، كل اللى يطلع منك عسل .
عنان...بس الواد حمادة النمس برده شخصية ، فليه مش عجبك ؟

مكة ...... شخصية على نفسه ، وده عقله فى عضلاته اللى فرحان بيها ومن غيرها ولا حاجة ، وكمان مين قلك إنه ناصر الغلابة ؟

عنان ....... يوه يا بت ، منا بشوفه بعينى اللى هيكلها الدود دى ، وهو بيحامى على الستات اللى بيفرشوا فى السوق .

وأى حد من أهل الحتة أتزنق فى حاجة كده ولا كده بيجيبه ويقف معاه .

مكة.........بيحامى وبيقف بولاشى كده ولا كله بتمنه ؟

اتسعت عين عنان بذهول ثم حركت شفتيها يمينا ويسارا قائلة......قصدك يا بت إنه بياخد فلوس على كده ؟
مكة.....اه ، طبعا ، هو فيه حاجة مجانى دلوقتى يا بنتى ؟
عنان.........يا خيبه المنيل ،قُطع بجد .

وصح يا حبيبتى ، مفيش حاجة مجانى إلا رحمة الله .

مكة ......ونعم بالله .

عنان....يعنى كده الإتنين عرسان طلعوا على فشوش ، يعدلها ربنا بقه ويبعت من عنده حاجة ذوق كده .

ويلا بينا يا حبيبتى ، خلاص الشمس طست فى المية واتبسطتى بمنظرها زى كل يوم .

يلا بينا نروح ندفى، ألا مش حاسه بمفاصلى من كتر السقعة ثم حركت شفتيها بكلمة ...متكتككككككة.

أستنشقت مكة عبير البحر الذى يشعرها بالسعادة والراحة ثم أردفت...يلا بينا ، قدامى يا ست الحاجة أم مفاصل .

فضحكت عنان ثم توجهوا للبحث عن وسيلة مواصلات للعودة إلى المنزل .
.................
فى مكان أخر
فى منزل أنيق ، ذو أثاث فاخر وديكورات تعود لزمن كلاسيكى مضى ولكن تحتفظ برونقها .
كما يزين الحائط لوحات زيتيه تنم على إبداع راسمها ، بجانب صور لشخصيات على مراحل زمنية عدة من الصغر للكبر .

نعم إنها عائلة اللواء مجدى الزيات ذات الأصول العريقة التى أمتدت من نسل الباشا محمد على .

وزوجته سهام الصياد وأولادها على النحو التالى من الأكبر للأصغر.
ركان ....وهو على رتبة نقيب ، ذو ثلاثون عاما ، حاد الملامح ، قوى البنيان ، ليس بالطويل ولا القصير ، يتمتع بشخصية قويه ، يهابه الجميع ، ولكن تسقط هيبته عندما تنظر له إحداهما فيسقط معها فى بئر الحب معا ثم يرتفع هو ويتركها فى مستنقعها تعانى فقدانه .

أما رياض ....فهو على رتبة ملازم أول ، ذو خمسة وعشرون عاما ، هادىء الملامح ، مرح الشخصية ، ممتلىء بعض الشىء .

ثم أخيرا .....ريم ، ذات الواحد وعشرون عاما ، فى السنة الأخيرة من كلية الفنون الجميلة .

وهى فتاة أرستقراطية بعض الشىء ،تتعالى بشخصيتها ذات النسب العريق على من حولها ، فتجد من ينافقها ليكسب صُحبتها أو من يبتعد عنها لتعاليها المستمر .

وهى تتمتع بجمال الأتراك الذى ورثته عن أجدادها .
ولكنها فى ذات الوقت تمتلك موهبة رائعة فى الرسم .

ولج رياض لغرفة اخيه ركان بينما كان يرتدى بذلته
الرسمية .

رياض بمرح مبتسما....يا صلاة النبى أحسن يا حضرة النقيب ، عينى عليك باردة ، جمال وحلاوة يا عمنا ، والبنات حواليك زى الدبان بيلتزقوا فيك .

ضيق ركان عينيه الرمادتين وعقد حاجبيه بشدة ثم أستدار له وأشار إليه ليصمت مردفا بغضب ...إيه ده يا حضرة الملازم ؟
مش مكسوف من نفسك وأنت بتكلم الألفاظ السوقية دى ، زى بتوع الشوارع بالظبط .

كام مرة حظرتك متكلمش كده ؟
واحترم عيلتك ومكانتك .

حرك رياض رأسه بلا مبالاة قائلا...وبعدين يا سيادة النقيب معاك ؟

متبقاش أفوش كده ؟ وبحبحها حبتين يا راجل ، إحنا فى البيت مش فى المديرية .
ميبقاش هنا كمان ميرى ، دى حاجة تخنق والله ، ولا كنت عايزها ولا حببها أصلا ، ربنا يسامحك أنت وبابا سيادة اللواء.

ركان بسخرية.......مش أحسن مش شغل المزاكتية اللى كنت عايزه ؟

وتجبلنا فضيحة لما ابن اللواء مجدى الزيات يدخل معهد للفنون عشان فى النهاية يبقى صبى عالمة .

رياض بغيظ.......ما اتحسن مَلفظك يا يا حضرة النقيب .
مش كنت لسه بتقول الألفاظ والعيلة واللذى منه .
فإيه صبى عالمة دى ؟
ده أنا فنان مفيش زييى اتنين وبضرب على الجيتار ولا فريد فى زمانه وبدندن ولا عبدالحليم .

ركان بسخرية .....وبترقص ولا فيفى كمان بالمرة .

رياض بغصة مريرة.....لا الرقص سبتهولك أنا مع مزز أخر الليل فى البار يا حضرة النقيب ابن اللواء مجدى الزيات .

ثم التفت رياض مغادرا حزينا على الكلمات الجارحة التى أطلقها ركان .

فابتلع ركان ريقه وتمتم بندم....إستنى يا حضرة الفنان ، أهو أنت اللى بقيت أفوش أهو وأنا بهزر معاك.

رياض بصوت رخيم ...لا زعلان متحولش .
ركان بضحك...ولو قولتلك هات العود وسمعنى أغنية لحُلم بتاعك ، هتسمعنى إيه ؟

فالتفت له رياض بإبتسامة مشرقة لقلبه الطيب قائلا .....بس كده أنت تؤمر يا سيادة النقيب.

ثم أسرع لغرفته لإحضار العود وعاد إلى ركان .
وبدء فى عزف أغنية صدفة

كان يوم حبك أجمل صدفة، لما قابلتك مرة صدفة
كان يوم حبك أجمل صدفة، لما قابلتك مرة صدفة
يا اللي جمالك أجمل صدفة، يا اللي جمالك أجمل صدفة كان يوم حبك صدفة
صدفة قابلتك ولا على بالي، شفت ساعتها جمال الدنيا
صدفة لقيتني إتغير حالي
واتبدلت لوحدي في ثانية

إندمج ركان مع كلمات الأغنية ثم تسائل هل حقا سيأتى اليوم الذى سيجمعه مع فتاة أحلامه
صدفه ؟
فهو رغم قساوة قلبه إلا إنه يشتاق لحب حقيقى يملىء عليه دنياه ، يلمس شغاف قلبه ، يشعره بالسعادة وكأنه أمتلك الدنيا بأثرها .

حب يضىء سماء قلبه الظالمة ، حب يمنحه الأمان الذى يفتقده رغم رتبته ومكانته ، حب يمنحه مزيد من الحنان والإحتواء فى تلك الحياة القاسية .
ثم تابع ركان بتكبر معاندا ذاته """
لا مش ركان اللى يقع فى الحب ،ويكون فريسة سهلة ، فالأفضل أكون بعقلى عشان أعرف أسيطر عليه .
ثم أشار لـ رياض ليتوقف قائلا ..
أشجيتنا يا فنان ، كفاية كده النهاردة ، عشان ألحق شغلى .
وحضرتك برده أظن وراك شغل ، بس للأسف بتهرب منه زى العيال ، إمتى هتسترجل يا رياض ؟

رياض بعبوس...ليه كده يا سيادة النقيب ؟
ما أنت شايفنى راجل قدامك أهو .
ركان.......راجل بس مهمل فى شغلك وبتغيب كتير عنه ومعتمد على سلطة أبوك ، بس خلى بالك بابا قرب خلاص ينفجر فيك ، لإنك كده بتحرجه كتير.

رياض......منا قولت من الأول مليش فى شغل البوليس والحرامية ، أنا فنان بس محدش فاهمنى.
فأقترب منه ركان وأمسك بتلابيب ملابسه وبنظرة حادة وصوت أفزعه..... يعنى إيه ملكش ؟

لا ليك طبعا ولازم تجمد قلبك شوية ، أنت فاهم .
وإذ كان على الفن محدش هيمنعك بس تهتم بشغلتك الأساسية ورسالتك فى خدمة بلدك وحماية الناس ، وبعدين تنددن براحتك .

ويلا قدامك خمس دقايق مفيش غيرهم ، وأشوفك قدام باب الشقة جاهز ولابس .

رياض بغيظ.....ماشى ، بس إرفع إيدك التقيلة دى .
فتركه ركان ليفر بعدها رياض إلى غرفته سريعا لإرتداء ملابسه .

اصطدم رياض بوالدته وهو فى طريقه لغرفته .

سهام ......إيه يا ولد أنت مش تحاسب ، ومالك كده بتجرى زى متكون عايز تلحق القطر ؟

فتوقف رياض وقبل جبهتها متأسفا ....معلش يا ست الكل ، كنت بس عايز ألحق ألبس قبل ما حضرة النقيب يمدنى .

فانفجرت سهام ضاحكة ثم تابعت ""
يمدك ، مش مكسوف وأنت بتقول كده ؟

أنا مش عارفة هتكبر إمتى وتسترجل وتكون شخصيتك قوية زى أخوك كده وتهتم بشغلك ؟

رياض...أنتِ كمان يا ماما بتكلمى زيه ، ايوه مهو ابن البطة البيضة وأنا السودة .

سهام بعتاب......ليه بس كده يا رياض ، انتم كلكم واحد عندى ، كل ما فى الأمر ، إنى عايزة اطمن عليك وأشوفك مالى مركزك كده .

رياض وقد أولى ظهره وانطلق مسرعا ...ماشى رايح أهو أملى مركزى قبل ما ابنك يفضيه .

فابتسمت سهام ودعت له بالهداية والصلاح.
ثم توجهت إلى غرفة ركان ، فوجدته أمام مرآته يصفف شعر ثم ينثر عطره المفضل الذى يملىء الأجواء .
سهام مبتسمة بحب ..... ماشاءالله عليك يا سيادة النقيب ، مال وجاه ومظهر حسن ، يبقى مفضلش غير إيه ؟

ركان وقد أقترب منها وطبع قبله على جبتها ثم قال بمكر...فاضل إنى أنزل وأطير للشغل .

سهام .....يا ابنى أنت فاهم وعارف قصدى كويس ، أنت مبقتش صغير ولى قدك أجوز وخلف كمان .

ركان بعبوس....يا أمى ، أنتِ مش بتملى من السيرة دى ؟
وارجع أقولك أنا مش حابب سيرة الجواز دى ولا طايقها ولا بحب التقييد ووحدة اخر النهار تقولى كنت فين واتأخرت ليه وتفتحلى محضر .

جذبته والدته من مرفقه وأجلسته بجانبها على حافة الفراش ثم حدثته بحنو....يا حبيبى ، دى سنة الحياة ، ولازم يكون ليك بيت وأولاد ولا عجبك حياة اللى أنت عيشها دى ؟
والسهر لوش الفجر مع استغفر الله العظيم الأشكال اللى تعرفها دى .

أركان.......يعنى يا أمى ، بفك عن نفسى شوية بعد ضغط الشغل .
سهام..........ما الأفضل تفك نفسك مع بنت ناس فى الحلال .
ركان.....مش فارقة معايا .
سهام......بقولك إيه ؟
يا ولد أنت ، أنت هتجوز يعنى هتجوز .
والعروسة كمان هتكون معزومة على العشا عندنا النهاردة ، فتعمل حسابك مفيش سهر بتاع كل يوم .
وقف ركان غاضبا وبنبرة حادة ...يعنى إيه ؟
هتجوزونى غصب عنى وكمان أنتم اللى مختارين العروسة ، ده حتى البنات دلوقتى بتختار تجوز مين ومتجوزش مين .

فما بال بقه ركان مجدى الزيات ،فده لا يمكن أبدا يحصل .
وأنا مش جى وأقابليهم لوحدك .

لم يتم ركان كلماته الغاضبة حتى وجد أمامه والده اللواء مجدى الزيات أمامه .
ركان بالرغم إنه شخصية يهابها الجميع ولكن تقف حدوده عند والده الذى يكن له كل الأحترام والتقدير فهو مثله الأعلى بل ويهابه أيضا ولا يرفض له أمر .

مجدى بنظرة صارمة وتوعد....أنت بتعلى صوتك يا ولد على أمك ، أتجننت صح وعايز تحرجنا قدام الناس اللى جاية .

نكس ركان رأسه وتمتم بصوت خافت ...يا بابا أنا ....؟
مجدى .....مفيش أنا ، إحنا كلنا واحد ومصلحة واحدة ولى يشوفه حد فينا مناسب ، بيمشى على الكل .

وأنت عارف العروسة اللى حضرتك مش عايز تقابلها دى ، بنت مين ؟
ركان حدث نفسه بسخرية....بنت مين يعنى ، ما أنا برده مش شوية .

مجدى.....دى شاهيناز فهمى الجلاد ، بنت اللواء فهمى الجلاد المحافظ .

ركان محدث نفسه....المحافظ ،يعنى خلاص كده يا ركان وقعت فى شر أعمالك وهتتقيد حريتك وهتكلبش بعد أنت اللى كان من حقك تكلبش الناس .

ركان وقد خرجت كلماته بصعوبة ...تمام اللى حضرتك تشوفه ، وهكون موجود فى المعاد بإذن الله .

مجدى بإبتسامة باهتة....تمام .
كده رجعت ابنى فعلا اللى ربيته إنه ينتهز كل فرصة قدامه تساعده فى تحسين مركزه وصورته قدام الناس .
ثم تابع مجدى ""'
ودلوقتى يلا بينا يا سهام ، خليه ينجز حاله عشان ميتأخرش .

وبالفعل غادروا ليتركوه فى حيرة من أمره ، فهو لم يشأ أن يتزوج بهذه الطريقة ، بالإضافة إنه لا يحب التقييد بشىء ولكنه فى ذات الوقت كان يحلم بمقابلة ظل له ، من تسطيع أن يكون بين يديها كالطفل ، تفهمه من نظرة عينيه وتحتويه بحبها وحنانها ، من تملك عليه دنياه فيكون عاشق لها ، وتملى عليه قوانين العشق فيخضع لها وحدها دونا عن سائر الخلق أجمعين .

أفاق ركان من شروده على صوت أخيه رياض "''
أنا جاهز يا ريس ومالى مركزى أهو بالبدله وعلى سنجة عشرة .

ومتقلقش أول منوصل القسم هرسم على وشى التكشيرة اللى هى ، عشان يعملولى حساب .
بس على الله أمسك نفسى ، عشان أنا مليش فى جو الأكشن ده .

أبتسم ركان رغم ضيقه .
ثم تقدم من أخاه ولف يده على كتفه بحب قائلا.
يلا بينا يا حضرة الملازم .
فماذا يا ترى سيحدث لـ ركان ؟
هل سيقابل من تمتلك عقله وقلبه أم سيعيش بدون قلب مع زوجة لا يشعر بها ؟؟
وماذا عن مكة ؟ وإلى متى ستعانى تلك الفتاة الطيبة ؟
يتبع...
لقراءة الحلقة الثانية : اضغط هنا
لقراءة باقي الحلقات : اضغط هنا
نرشح لك رواية وعد ومكتوب للكاتبة أسماء ابراهيم
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات